الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أغالب فيك الشوق والشوق أغلب >>
قصائدالمتنبي
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
المتنبي
- أُغالِبُ فيكَ الشّوْقَ وَالشوْقُ أغلَبُ
- وَأعجبُ من ذا الهجرِ وَالوَصْلُ أعجبُ
- أمَا تَغْلَطُ الأيّامُ فيّ بأنْ أرَى
- بَغيضاً تُنَائي أوْ حَبيباً تُقَرّبُ
- وَلله سَيْرِي مَا أقَلّ تَئِيّةً
- عَشِيّةَ شَرْقيّ الحَدَالى وَغُرَّبُ
- عَشِيّةَ أحفَى النّاسِ بي مَن جفوْتُهُ
- وَأهْدَى الطّرِيقَينِ التي أتَجَنّبُ
- وَكَمْ لظَلامِ اللّيْلِ عِندَكَ من يَدٍ
- تُخَبِّرُ أنّ المَانَوِيّةَ تَكْذِبُ
- وَقَاكَ رَدَى الأعداءِ تَسْري إلَيْهِمُ
- وَزَارَكَ فيهِ ذو الدّلالِ المُحَجَّبُ
- وَيَوْمٍ كَلَيْلِ العَاشِقِينَ كمَنْتُهُ
- أُرَاقِبُ فيهِ الشّمسَ أيّانَ تَغرُبُ
- وَعَيْني إلى أُذْنَيْ أغَرَّ كَأنّهُ
- منَ اللّيْلِ باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كوْكبُ
- لَهُ فَضْلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِهِ
- تَجيءُ على صَدْرٍ رَحيبٍ وَتذهَبُ
- شَقَقْتُ بهِ الظّلْماءَ أُدْني عِنَانَهُ
- فيَطْغَى وَأُرْخيهِ مراراً فيَلْعَبُ
- وَأصرَعُ أيّ الوَحشِ قفّيْتُهُ بِهِ
- وَأنْزِلُ عنْهُ مِثْلَهُ حينَ أرْكَبُ
- وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ
- وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
- إذا لم تُشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا
- وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
- لحَى الله ذي الدّنْيا مُناخاً لراكبٍ
- فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ
- ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً
- فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ
- وَبي ما يَذودُ الشّعرَ عني أقَلُّهُ
- وَلَكِنّ قَلبي يا ابنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ
- وَأخْلاقُ كافُورٍ إذا شِئْتُ مَدْحَهُ
- وَإنْ لم أشأْ تُملي عَليّ وَأكْتُبُ
- إذا تَرَكَ الإنْسَانُ أهْلاً وَرَاءَهُ
- وَيَمّمَ كافُوراً فَمَا يَتَغَرّبُ
- فَتًى يَمْلأ الأفْعالَ رَأياً وحِكْمَةً
- وَنَادِرَةً أحْيَانَ يَرْضَى وَيَغْضَبُ
- إذا ضرَبتْ في الحرْبِ بالسّيفِ كَفُّهُ
- تَبَيَّنْتَ أنّ السّيفَ بالكَفّ يَضرِبُ
- تَزيدُ عَطَاياهُ على اللّبْثِ كَثرَةً
- وَتَلْبَثُ أمْوَاهُ السّحابِ فَتَنضُبُ
- أبا المِسْكِ هل في الكأسِ فَضْلٌ أنالُه
- فإنّي أُغَنّي منذُ حينٍ وَتَشرَبُ
- وَهَبْتَ على مِقدارِ كَفّيْ زَمَانِنَا
- وَنَفسِي على مِقدارِ كَفّيكَ تطلُبُ
- إذا لم تَنُطْ بي ضَيْعَةً أوْ وِلايَةً
- فَجُودُكَ يَكسُوني وَشُغلُكَ يسلبُ
- يُضاحِكُ في ذا العِيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ
- حِذائي وَأبكي مَنْ أُحِبّ وَأنْدُبُ
- أحِنُّ إلى أهْلي وَأهْوَى لِقَاءَهُمْ
- وَأينَ مِنَ المُشْتَاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ
- فإنْ لم يكُنْ إلاّ أبُو المِسكِ أوْ هُمُ
- فإنّكَ أحلى في فُؤادي وَأعْذَبُ
- وكلُّ امرىءٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
- وَكُلُّ مَكانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيّبُ
- يُريدُ بكَ الحُسّادُ ما الله دافِعٌ
- وَسُمْرُ العَوَالي وَالحَديدُ المُذرَّبُ
- وَدونَ الذي يَبْغُونَ ما لوْ تخَلّصُوا
- إلى المَوْتِ منه عشتَ وَالطّفلُ أشيبُ
- إذا طَلَبوا جَدواكَ أُعطوا وَحُكِّموا
- وَإن طلَبوا الفضْلَ الذي فيك خُيِّبوا
- وَلَوْ جازَ أن يحوُوا عُلاكَ وَهَبْتَهَا
- وَلكِنْ منَ الأشياءِ ما ليسَ يوهَبُ
- وَأظلَمُ أهلِ الظّلمِ مَن باتَ حاسِداً
- لمَنْ بَاتَ في نَعْمائِهِ يَتَقَلّبُ
- وَأنتَ الذي رَبّيْتَ ذا المُلْكِ مُرْضَعاً
- وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أبُ
- وَكنتَ لَهُ لَيْثَ العَرِينِ لشِبْلِهِ
- وَمَا لكَ إلاّ الهِنْدُوَانيّ مِخْلَبُ
- لَقِيتَ القَنَا عَنْهُ بنَفْسٍ كريمَةٍ
- إلى الموْتِ في الهَيجا من العارِ تهرُبُ
- وَقد يترُكُ النّفسَ التي لا تَهابُهُ
- وَيَخْتَرِمُ النّفسَ التي تَتَهَيّبُ
- وَمَا عَدِمَ اللاقُوكَ بَأساً وَشِدّةً
- وَلَكِنّ مَنْ لاقَوْا أشَدُّ وَأنجَبُ
- ثنَاهم وَبَرْقُ البِيضِ في البَيض صَادقٌ
- عليهم وَبَرْقُ البَيض في البِيض خُلَّبُ
- سَلَلْتَ سُيوفاً عَلّمتْ كلَّ خاطِبٍ
- على كلّ عُودٍ كيفَ يدعو وَيخطُبُ
- وَيُغنيكَ عَمّا يَنسُبُ النّاسُ أنّهُ
- إلَيكَ تَنَاهَى المَكرُماتُ وَتُنسَبُ
- وَأيُّ قَبيلٍ يَسْتَحِقّكَ قَدْرُهُ
- مَعَدُّ بنُ عَدنانٍ فِداكَ وَيَعرُبُ
- وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً
- لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ
- وَتَعْذُلُني فيكَ القَوَافي وَهِمّتي
- كأنّي بمَدْحٍ قَبلَ مَدْحِكَ مُذنِبُ
- وَلَكِنّهُ طالَ الطّريقُ وَلم أزَلْ
- أُفَتّش عَن هَذا الكَلامِ وَيُنْهَبُ
- فشَرّقَ حتى ليسَ للشّرْقِ مَشرِقٌ
- وَغَرّبَ حتى ليسَ للغرْبِ مَغْرِبُ
- إذا قُلْتُهُ لم يَمْتَنِعْ مِن وُصُولِهِ
- جِدارٌ مُعَلًّى أوْ خِبَاءٌ مُطَنَّبُ
المزيد...
العصور الأدبيه