الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب >>
قصائدالمتنبي
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
المتنبي
- أعِيدوا صَباحي فَهوَ عندَ الكَواعبِ
- ورُدّوا رُقادي فَهوَ لحظُ الحبائِبِ
- فإنّ نَهاري لَيْلَةٌ مُدْلَهِمّةٌ
- على مُقْلَةٍ مِنْ بَعدِكمْ في غياهبِ
- بَعيدَةِ ما بَينَ الجُفُونِ كأنّمَا
- عَقَدْتُمْ أعالي كلِّ هُدْبٍ بحاجِبِ
- وأحْسَبُ أنّي لوْ هَوِيتُ فِراقَكُمْ
- لَفارَقْتُهُ والدّهرُ أخبثُ صاحِبِ
- فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي
- مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ
- أُراكِ ظَنَنْتِ السّلكَ جِسمي فعُقْتِه
- عَلَيْكِ بدُرٍّ عن لِقاءِ التّرائِبِ
- ولَوْ قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقّ رأسِهِ
- من السّقمِ ما غيّرْتُ من خطّ كاتِبِ
- تُخَوّفُني دونَ الذي أمَرَتْ بِهِ
- ولم تَدْرِ أنّ العارَ شرُّ العَواقِبِ
- ولا بُدّ مِنْ يَوْمٍ أغَرّ مُحَجَّلٍ
- يَطولُ استِماعي بَعدَهُ للنّوادِبِ
- يَهُونُ على مِثْلي إذا رامَ حاجَةً
- وُقوعُ العَوالي دونَها والقَواضِبِ
- كَثيرُ حَيَاةِ المَرْءِ مِثْلُ قَليلِهَا
- يَزولُ وباقي عَيْشِهِ مِثْلُ ذاهِبِ
- إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى
- عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ
- أتاني وَعيدُ الأدْعِياءِ وأنّهُمْ
- أعَدّوا ليَ السّودانَ في كَفْرَ عاقِبِ
- ولَوْ صَدَقوا في جَدّهمْ لَحَذِرْتُهمْ
- فَهَلْ فيّ وَحدي قَوْلُهم غيرُ كاذِبِ
- إليّ لَعَمري قَصْدُ كُلّ عَجيبَةٍ
- كأنّي عَجيبٌ في عُيُونِ العَجائِبِ
- بأيَّ بِلادٍ لم أجُرَّ ذُؤابَتي
- وأيُّ مَكانٍ لم تَطأْهُ رَكائبِي
- كأنّ رَحيلي كانَ منْ كَفّ طاهرٍ
- فأثْبَتَ كُوري في ظهورِ المَواهِبِ
- فَلَمْ يَبْقَ خَلْقٌ لم يَرِدْنَ فِناءَهُ
- وهُنّ لَهُ شِرْبٌ وُرُودَ المَشارِبِ
- فَتًى عَلّمَتْهُ نَفْسُهُ وجُدودُهُ
- قِراعَ العَوالي وابتِذالَ الرّغائبِ
- فقَدْ غَيّبَ الشُّهّادَ عن كلّ مَوْطِنٍ
- ورَدّ إلى أوطانِهِ كلَّ غائِبِ
- كَذا الفاطِمِيّونَ النّدى في بَنانِهِمْ
- أعَزُّ امّحاءً مِنْ خُطوطِ الرَّواجِبِ
- أُناسٌ إذا لاقَوْا عِدًى فكأنّما
- سِلاحُ الذي لاقَوْا غُبارُ السّلاهِبِ
- رَمَوْا بنَواصِيها القِسِيَّ فجِئْنَها
- دَوَامي الهَوادي سالماتِ الجَوانِبِ
- أُولَئِكَ أحْلى مِنْ حَياةٍ مُعادَةٍ
- وأكْثَرُ ذِكْراً مِنْ دُهورِ الشّبائِبِ
- نَصَرْتَ عَلِيّاً يا ابْنَهُ ببَواتِرٍ
- من الفِعْلِ لا فَلٌّ لها في المَضارِبِ
- وأبْهَرُ آياتِ التّهاميّ أنّهُ
- أبوكَ وأجدى ما لكُمْ من منَاقِبِ
- إذا لم تكُنْ نَفْسُ النّسيبِ كأصْلِهِ
- فماذا الذي تُغني كرامُ المَناصِبِ
- وما قَرُبَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أباعِدٍ
- ولا بَعُدَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أقارِبِ
- إذا عَلَوِيٌّ لم يكنْ مِثْلَ طاهِرٍ
- فَما هُوَ إلاّ حُجّةٌ للنّواصِبِ
- يَقولونَ تأثِيرُ الكَواكِبِ في الوَرَى
- فَما بالُهُ تأثِيرُهُ في الكَواكِبِ
- عَلا كَتَدَ الدّنْيا إلى كُلّ غايَةٍ
- تَسيرُ بهِ سَيْرَ الذَّلُولِ براكِبِ
- وحُقّ لَهُ أن يَسْبِقَ النّاسَ جالِساً
- ويُدْرِكَ ما لم يُدرِكُوا غيرَ طالِبِ
- ويُحْذَى عَرانِينَ المُلوكِ وإنّها
- لَمِنْ قَدَمَيْهِ في أجَلّ المَراتِبِ
- يَدٌ للزّمانِه الجَمْعُ بَيْني وبَيْنَهُ
- لتَفْريقِهِ بَيْني وبَينَ النّوائِبِ
- هُوَ ابنُ رَسولِ الله وابنُ وَصِيّهِ
- وشِبْهُهُما شَبّهْتُ بعدَ التّجارِبِ
- يَرَى أنّ ما ما بانَ مِنكَ لضارِبٍ
- بأقْتَلَ مِمّا بانَ منكَ لعائِبِ
- ألا أيّها المالُ الذي قد أبادَهُ
- تَعَزَّ فَهَذا فِعْلُهُ بالكَتائِبِ
- لَعَلّكَ في وَقْتٍ شَغَلْتَ فُؤادَهُ
- عنِ الجُودِ أوْ كَثّرْتَ جيشَ مُحارِبِ
- حَمَلْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَاني حَديقَةً
- سقاها الحجى سقيَ الرّياضِ السّحائِبِ
- فَحُيّيتَ خيرَ ابنٍ لخَيرِ أبٍ بهَا
- لأشرَفِ بَيْتٍ في لُؤيّ بنِ غالِبِ
المزيد...
العصور الأدبيه