الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أطاعن خيلا من فوارسها الدهر >>
قصائدالمتنبي
أطاعن خيلا من فوارسها الدهر
المتنبي
- أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ
- وَحيداً وما قَوْلي كذا ومَعي الصّبرُ
- وأشْجَعُ مني كلَّ يوْمٍ سَلامَتي
- وما ثَبَتَتْ إلاّ وفي نَفْسِها أمْرُ
- تَمَرّسْتُ بالآفاتِ حتى ترَكْتُهَا
- تَقولُ أماتَ المَوْتُ أم ذُعِرَ الذُّعْرُ
- وأقْدَمْتُ إقْدامَ الأتيّ كأنّ لي
- سوَى مُهجَتي أو كان لي عندها وِتْرُ
- ذَرِ النّفْسَ تأخذْ وُسعَها قبلَ بَينِها
- فمُفْتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمْرُ
- ولا تَحْسَبَنّ المَجْدَ زِقّاً وقَيْنَةً
- فما المَجدُ إلاّ السّيفُ والفتكةُ البِكرُ
- وتَضريبُ أعناقِ المُلوكِ وأن تُرَى
- لكَ الهَبَواتُ السّودُ والعسكرُ المَجْرُ
- وترْكُكَ في الدّنْيا دَوِيّاً كأنّما
- تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشرُ
- إذا الفضْلُ لم يَرْفَعكَ عن شكرِ ناقصٍ
- على هِبَةٍ فالفَضْلُ فيمَن له الشّكْرُ
- ومَنْ يُنفِقِ السّاعاتِ في جمعِ مالِهِ
- مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ
- عَليّ لأهْلِ الجَوْرِ كُلُّ طِمِرّةٍ
- عَلَيْها غُلامٌ مِلْءُ حَيزُومِهِ غِمرُ
- يُديرُ بأطْرافِ الرّماحِ عَلَيْهِمُ
- كُؤوسَ المَنَايا حيثُ لا تُشتهَى الخمرُ
- وكم من جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أنّني الـ
- ـجِبالُ وبَحْرٍ شاهِدٍ أنّني البَحْرُ
- وخَرْقٍ مكانُ العِيسِ منهُ مكانُنَا
- من العِيسِ فيهِ واسطُ الكورِ والظّهرُ
- يَخِدْنَ بنَا في جَوْزِهِ وكأنّنَا
- على كُرَةٍ أوْ أرْضُهُ مَعنا سَفْرُ
- ويَوْمٍ وَصَلْناهُ بلَيْلٍ كأنّمَا
- على أُفْقِهِ من بَرْقِهِ حُلَلٌ حُمْرُ
- ولَيْلٍ وصَلْناهُ بيَوْمٍ كأنّمَا
- على مَتنِهِ من دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ
- وغَيثٍ ظَنَنّا تَحْتَهُ أنّ عامِراً
- عَلا لم يَمُتْ أو في السّحابِ لهُ قَبرُ
- أوِ ابنَ ابنِهِ الباقي عَليَّ بنَ أحْمَدٍ
- يَجُودُ بهِ لوْ لم أجُزْ ويدي صِفْرُ
- وإنّ سَحاباً جَوْدُهُ مِثْلُ جُودِهِ
- سَحابٌ على كلّ السّحابِ له فَخرُ
- فَتًى لا يضُمّ القلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ
- ولَوْ ضَمّها قَلْبٌ لمَا ضَمّهُ صَدرُ
- ولا يَنْفَعُ الإمكانُ لَوْلا سَخاؤهُ
- وهل نافعٌ لوْلا الأكفُّ القنا السُّمْرُ
- قِرانٌ تَلاقَى الصَّلْتُ فيهِ وعامِرٌ
- كمَا يَتَلاقَى الهِنْدُوَانيُّ والنّصرُ
- فَجاءَ بهِ صَلْتَ الجَبينِ مُعَظَّماً
- ترَى النّاسَ قُلاًّ حَوْلَهُ وهُمُ كُثْرُ
- مُفَدًّى بآباءِ الرّجالِ سَمَيْذَعاً
- هُوَ الكرَمُ المَدُّ الذي ما لهُ جَزْرُ
- وما زِلْتُ حتى قادَني الشّوْقُ نحوَهُ
- يُسايرُني في كُلّ رَكْبٍ لهُ ذِكْرُ
- وأستَكْبِرُ الأخبارَ قَبلَ لِقائِهِ
- فلَمّا التَقَيْنَا صَغّرَ الخَبَرَ الخُبرُ
- إليكَ طَعَنّا في مَدَى كلّ صَفْصَفٍ
- بكُلّ وَآةٍ، كلُّ ما لَقِيَتْ نَحْرُ
- إذا وَرِمَتْ من لَسعَةٍ مَرِحَتْ لهَا
- كأنّ نَوالاً صَرّ في جِلدِها النِّبرُ
- فجئناكَ دونَ الشّمسِ والبدرِ في النّوَى
- ودونَكَ في أحوالِكَ الشّمسُ والبدرُ
- كأنّكَ بَرْدُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ
- ولوْ كنتَ بَرْدَ الماءِ لم يكُنِ العِشرُ
- دَعاني إلَيكَ العِلمُ والحِلمُ والحِجَى
- وهذا الكلامُ النّظمُ والنّائلُ النّثرُ
- وما قُلتُ من شِعْرٍ تكادُ بُيُوتُهُ
- إذا كُتِبَتْ يَبْيَضّ من نورِها الحبرُ
- كأنّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفْظِهَا
- نُجُومُ الثّرَيّا أو خلائقُكَ الزُّهرُ
- وجَنّبَني قُرْبَ السّلاطِينِ مَقْتُهَا
- وما يَقْتضِيني مِن جَماجِمِها النَّسرُ
- وإنّي رأيتُ الضُّرّ أحسَنَ مَنظراً
- وأهْوَنَ مِنْ مَرْأى صَغيرٍ بهِ كِبْرُ
- لِساني وعَيْني والفُؤادُ وهِمّتي
- أوُدُّ اللّواتي ذا اسمُها منكَ والشَّطرُ
- وما أنا وَحدي قلتُ ذا الشّعرَ كُلّهُ
- ولكنْ لشعري فيكَ من نَفسه شعرُ
- وما ذا الذي فيهِ منَ الحُسنِ رَوْنَقاً
- ولكنْ بَدا في وجهِهِ نحوَكَ البِشْرُ
- وإنّي ولوْ نِلْتَ السّماءَ لَعالِمٌ
- بأنّكَ ما نِلتَ الذي يوجبُ القَدْرُ
- أزالَتْ بكَ الأيّامُ عَتْبي كأنّمَا
- بَنُوها لهَا ذَنْبٌ وأنتَ لهَا عُذْرُ
المزيد...
العصور الأدبيه