الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أركائب الأحباب إن الأدمعا >>
قصائدالمتنبي
أركائب الأحباب إن الأدمعا
المتنبي
- أرَكائِبَ الأحْبابِ إنّ الأدْمُعَا
- تَطِسُ الخُدودَ كما تَطِسْنَ اليرْمَعا
- فاعْرِفْنَ مَن حمَلَتْ عليكنّ النّوَى
- وامشَينَ هَوْناً في الأزِمّةِ خُضَّعَا
- قد كانَ يَمنَعني الحَياءُ منَ البُكَا
- فاليَوْمَ يَمْنَعُهُ البُكا أنْ يَمْنَعَا
- حتى كأنّ لكُلّ عَظْمٍ رَنّةً
- في جِلْدِهِ ولكُلّ عِرْقٍ مَدْمَعَا
- وكَفَى بمَن فَضَحَ الجَدايَةَ فاضِحاً
- لمُحبّهِ وبمَصْرَعي ذا مَصْرَعَا
- سَفَرَتْ وبَرْقَعَها الفِراقُ بصُفْرَةٍ
- سَتَرَتْ مَحاجرَها ولم تَكُ بُرْقُعَا
- فكأنّها والدّمْعُ يَقْطُرُ فَوْقَها
- ذَهَبٌ بسِمْطَيْ لُؤلُؤٍ قد رُصّعَا
- نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها
- في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
- واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها
- فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
- رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ
- لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
- زَجِلٌ يُرِيكَ الجَوَّ ناراً والمَلا
- كالبَحْرِ والتّلَعاتِ رَوْضاً مُمْرِعَا
- كبَنَانِ عَبدِ الواحدِ الغَدِقِ الذي
- أرْوَى وأمّنَ مَن يَشاءُ وأجْزَعَا
- ألِفَ المُروءَةَ مُذْ نَشَا فَكَأنّهُ
- سُقِيَ اللِّبَانَ بهَا صَبِيّاً مُرْضَعَا
- نُظِمَتْ مَواهِبُهُ عَلَيْهِ تَمائِماً
- فاعْتادَها فإذا سَقَطْنَ تَفَزّعَا
- تَرَكَ الصّنائِعَ كالقَواطِعِ بارِقا
- تٍ والمَعاليَ كالعَوالي شُرَّعَا
- مُتَبَسّماً لعُفاتِهِ عَنْ واضِحٍ
- تَغْشَى لَوامِعُهُ البُروقَ اللُّمّعَا
- مُتَكَشّفاً لعُداتِهِ عَنْ سَطْوَةٍ
- لوْ حَكّ مَنكِبُها السّماءَ لزَعزَعَا
- الحَازِمَ اليَقِظَ الأغَرَّ العالِمَ الـ
- ـفَطِنَ الألَدّ الأرْيَحيّ الأرْوَعَا
- الكاتِبَ اللّبِقَ الخَطيبَ الواهِبَ الـ
- ـنّدُسَ اللّبيب الهِبْرِزِيّ المِصْقَعَا
- نَفْسٌ لها خُلْقُ الزّمانِ لأنّهُ
- مُفني النّفُوسِ مُفَرِّقٌ ما جَمّعَا
- ويَدٌ لهَا كَرَمُ الغَمَام لأنّهُ
- يَسقي العِمارَةَ والمكانَ البَلقَعَا
- أبَداً يُصَدّعُ شَعْبَ وَفْرٍ وافِرٍ
- ويَلُمُّ شَعْبَ مكارِمٍ مُتَصَدّعَا
- يَهْتَزّ للجَدْوَى اهْتِزازَ مُهَنّدٍ
- يَوْمَ الرّجاءِ هَزَزْتَهُ يومَ الوَغى
- يا مُغْنِياً أمَلَ الفَقيرِ لِقاؤهُ
- ودُعاؤهُ بَعْدَ الصّلاةِ إذا دَعَا
- أقْصِرْ ولَستَ بمُقْصِرٍ جُزْتَ المدى
- وبلغتَ حيثُ النّجمُ تحتكَ فارْبَعَا
- وحَلَلْتَ من شَرفِ الفَعالِ مَواضِعاً
- لم يَحْلُلِ الثّقَلانِ مِنْها مَوْضِعَا
- وحَوَيْتَ فَضْلَهُما وما طَمِعَ امرُؤٌ
- فيهِ ولا طَمِعَ امرُؤٌ أنْ يَطْمَعَا
- نَفَذَ القَضاءُ بمَا أرَدْتَ كأنّهُ
- لكَ كُلّما أزْمَعْتَ أمراً أزمَعَا
- وأطاعَكَ الدّهْرُ العَصِيُّ كأنّهُ
- عَبْدٌ إذا نادَيْتَ لَبّى مُسْرِعَا
- أكَلَتْ مَفاخِرُكَ المَفاخرَ وانْثَنَتْ
- عن شأوِهنّ مَطيُّ وَصْفي ظُلَّعَا
- وجَرَينَ جَرْيَ الشّمسِ في أفلاكِها
- فقَطَعْنَ مَغرِبَها وجُزْنَ المَطْلِعَا
- لوْ نِيطَتِ الدّنْيا بأُخْرَى مِثْلِها
- لَعَمَمْنَهَا وخَشينَ أنْ لا تَقْنَعَا
- فمَتى يُكَذَّبُ مُدّعٍ لكَ فَوْقَ ذا
- والله يَشْهَدُ أنّ حَقّاً ما ادّعَى
- ومتى يُؤدّي شَرْحَ حالِكَ ناطِقٌ
- حَفِظَ القَليلَ النّزْرَ مِمّا ضَيّعَا
- إنْ كانَ لا يُدْعَى الفَتى إلاّ كَذا
- رَجُلاً فَسَمِّ النّاسَ طُرّاً إصْبَعَا
- إنْ كانَ لا يَسْعَى لجُودٍ ماجِدٌ
- إلاّ كَذا فالغَيْثُ أبخَلُ مَن سَعَى
- قَدْ خَلّفَ العَبّاسُ غُرّتَكَ ابنَهُ
- مَرْأًى لَنا وإلى القِيامَةِ مَسْمَعَا
المزيد...
العصور الأدبيه