الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أحق عاف بدمعك الهمم >>
قصائدالمتنبي
أحق عاف بدمعك الهمم
المتنبي
- أحَقُّ عافٍ بدَمْعِكَ الهِمَمُ
- أحدَثُ شيءٍ عَهداً بها القِدَمُ
- وإنّما النّاسُ بالمُلُوكِ ومَا
- تُفْلِحُ عُرْبٌ مُلُوكُها عَجَمُ
- لا أدَبٌ عِندَهُمْ ولا حَسَبٌ
- ولا عُهُودٌ لهُمْ ولا ذِمَمُ
- بكُلّ أرْضٍ وطِئْتُها أُمَمٌ
- تُرْعَى بعَبْدٍ كأنّها غَنَمُ
- يَسْتَخشِنُ الخَزّ حينَ يَلْمُسُهُ
- وكانَ يُبْرَى بظُفْرِهِ القَلَمُ
- إنّي وإنْ لُمْتُ حاسدِيّ فَمَا
- أُنْكِرُ أنّي عُقُوبَةٌ لَهُمُ
- وكَيفَ لا يُحْسَدُ امْرُؤٌ عَلَمٌ
- لَهُ على كلّ هامَةٍ قَدَمُ
- يَهابُهُ أبْسأُ الرّجالِ بِهِ
- وتَتّقي حَدّ سَيْفِهِ البُهَمُ
- كَفانيَ الذّمَّ أنّني رَجُلٌ
- أكْرَمُ مالٍ مَلَكْتُهُ الكَرَمُ
- يَجْني الغِنى لِلِّئَامِ لَوْ عَقَلُوا
- ما لَيس يَجني عَلَيهِمِ العُدُمُ
- هُمُ لأمْوالهِمْ ولَسْنَ لَهُمْ
- والعارُ يَبقَى والجُرْحُ يَلْتَئِمُ
- مَن طَلَبَ المجدَ فَليَكُنْ كعَلِـ
- ـيّ يَهَبُ الألْفَ وهوَ يَبْتَسِمُ
- ويَطْعَنُ الخَيْلَ كُلَّ نافِذَةٍ
- لَيسَ لهَا مِنْ وَحائِهَا ألَمُ
- ويَعْرِفُ الأمْرَ قَبْلَ مَوْقِعِهِ
- فَما لَهُ بعدَ فِعْلِهِ نَدَمُ
- والأمْرُ والنّهْيُ والسّلاهبُ والـ
- ـبيضُ لَهُ والعَبيدُ والحَشَمُ
- والسّطَواتُ التي سَمِعْتَ بها
- تكادُ منها الجِبالُ تَنقَصِمُ
- يُرْعيكَ سَمعاً فيهِ استِماعٌ إلى الـ
- ـدّاعي وفيهِ عنِ الخَنى صَمَمُ
- يُريكَ مِنْ خَلْقِهِ غَرائِبَهُ
- في مَجْدِهِ كيفَ تُخلَقُ النّسَمُ
- مِلْتُ إلى مَنْ يَكادُ بَيْنَكُما
- إنْ كُنتُما السّائِلَينِ يَنْقَسِمُ
- مِنْ بَعدِ ما صِيغَ من مَواهِبِهِ
- لمَنْ أُحبُّ الشُّنُوفُ والخَدَمُ
- ما بَذَلَتْ ما بهِ يَجُودُ يَدٌ
- ولا تَهَدّى لِمَا يَقُولُ فَمُ
- بَنُو العَفَرْنَى مَحَطّةَ الأسَدِ الـ
- أُسْدُ ولكِنْ رِماحُها الأجَمُ
- قَوْمٌ بُلُوغُ الغُلامِ عِنْدَهُمُ
- طَعنُ نُحورِ الكُماةِ لا الحُلُمُ
- كأنّما يُولَدُ النّدَى مَعَهُمْ
- لا صِغَرٌ عاذِرٌ ولا هَرَمُ
- إذا تَوَلّوا عَداوَةً كَشَفُوا
- وإنْ تَوَلوا صَنيعَةً كَتَمُوا
- تَظُنّ من فَقْدِكَ اعْتِدادَهُمُ
- أنّهُمُ أنْعَمُوا ومَا عَلِمُوا
- إنْ بَرَقُوا فالحُتُوفُ حاضِرَةٌ
- أو نَطَقُوا فالصّوابُ والحِكَمُ
- أو حَلَفُوا بالغَمُوسِ واجتَهَدوا
- فَقَوْلُهُمْ خابَ سائِلي القَسَمُ
- أو رَكِبُوا الخَيْلَ غَيرَ مُسرَجَةٍ
- فإنّ أفْخاذَهُمْ لهَا حُزُمُ
- أوْ شَهِدوا الحَرْبَ لاقِحاً أخَذوا
- من مُهَجِ الدّارِعينَ ما احتكموا
- تُشرِقُ أعْرَاضُهُمْ وأوْجُهُهُمْ
- كأنّها في نُفوسِهِمْ شِيَمُ
- لَوْلاكَ لم أترُكِ البُحَيرَةَ والـ
- ـغَوْرُ دَفيءٌ وماؤها شَبِمُ
- والمَوْجُ مِثْلُ الفُحولِ مُزْبدَةً
- تَهْدِرُ فيها وما بِها قَطَمُ
- والطّيرُ فَوْقَ الحَبابِ تَحسَبُها
- فُرْسانَ بُلْقٍ تَخُونُهَا اللُّجُمُ
- كأنّها والرّياحُ تَضْرِبُهَا
- جَيْشا وَغًى هازِمٌ ومُنْهَزِمُ
- كأنّها في نَهارِهَا قَمَرٌ
- حَفّ بهِ مِنْ جِنانِها ظُلَمُ
- تَغَنّتِ الطّيرُ في جَوانِبِها
- وجادَتِ الأرْض حَوْلَها الدّيَمُ
- فَهْيَ كَمَاوِيّةٍ مُطَوَّقَةٍ
- جُرّدَ عَنها غِشاؤها الأدَمُ
- يَشينُها جَرْيُها عَلى بَلَدٍ
- تَشينُهُ الأدْعِياءُ والقَزَمُ
- أبا الحُسَينِ اسْتَمعْ فمَدْحُكُمُ
- بالفِعْلِ قَبلَ الكَلامِ مُنْتَظِمُ
- وقَد تَوالى العِهادُ مِنْهُ لكُم
- وجادَتِ المَطْرَةُ التي تَسِمُ
- أُعيذُكمْ من صُرُوفِ دَهْرِكُمُ
- فإنّهُ في الكِرامِ مُتّهَمُ
المزيد...
العصور الأدبيه