الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ >>
قصائدالشريف المرتضى
هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ
الشريف المرتضى
- هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ
- في الربعِ والربعُ عريانٌ بلا أحدِ ؟
- غنَّاك ما قلبُه شوقاً بمُكتئبٍ
- وليس دمعٌ له حُزْناً بمطَّرِدِ
- و ربما هاجَ أحزانَ الفؤادِ وما
- يَدْري خليٌّ منَ الأشجانِ والكَمَدِ
- أمّا الذينَ رَمَتْ عَسفانَ عِيرُهُمُ
- بكلِّ مَوَّرة ٍ عَيرانة ٍ أُجُدِ
- ففي الفؤادِ على آثارِهمْ جَزَعٌ
- لا يستفيق وهمٌّ غيرُ مفتقدِ
- حنوا إليك وقد شطّ المزارُ بهمْ
- كأنهمْ لم يصدوا عنك من صددِ
- قد قلتُ لمّا لقِينا الظَّعنَ سائرة ً:
- ماذا يفيد لقيناهنَّ من غيدِ ؟
- مِن كلِّ مَوسومة ٍ بالحسن بَهْكَنَة ٍ
- كأنَّما سُرقتْ من جنَّة ِ الخُلُدِ
- من عاذري في الغواني غبَّ منتشرٍ
- من المشيبِ كنوارِ الضحى بددِ
- وافى ولم يبغِ مني أن أهيبَ به
- و حلَّ مني كرهاً حيث لم أردِ
- و لو جنته يدي ما كنتُ طائعها
- لكنْ جناه على فوديَّ غيرُ يدي
- دعْ عنك كلَّ لئيمِ الطّبعِ مُبتذَلٍ
- أذلَّ في عَرَصاتِ الدار من وَتَدِ
- إنْ همّ بالخير عاقته عزائقهُ
- و إنْ مضى في طريق الحمدِ لم يعدِ
- و لا تؤاخِ من الأقوامِ منطوياً
- على الضَّغينة ِ مملوءاً من الحسَدِ
- نَشْواً منَ الغيِّ ما لم يَدْرِهِ أبَداً
- ولا يمرُّ بما يدري منَ الرَّشَدِ
- يا فخرَ ملكِ بني العباس كلِّهمُ
- من والدٍ قد مضى منهمْ ومن ولدِ
- ومَن يجودُ على ما في نَوافِلهِ
- بالفخر قبل الجود بالصفدِ
- للهِ دَرُّكَ تَمري شَدَّ ناجية ٍ
- هوجاءَ مَرْشوشة ِ القُطرين بالنَّجَدِ
- كأنها وكريم النجوِ يحفزها
- إلى بلوغِ المدى سيدٌ على جددِ
- وفي يديك لَعوبُ المتنِ مُبتَدِرٌ
- إلى تقنُّصِ نفسِ الفارسِ النَّجِدِ
- مثلُ الرشاءِ ولكنْ لا قليبَ له
- يومَ الكريهة ِ إلاّ منحني الكبدِ
- ماذا يريبُ العدى لا درّ درهمُ
- من نازحٍ عن مقامِ العذلِ والفندِ
- ما زالَ والظّمْءُ يَستدعي مكارِعَهُ
- إنْ فاتَهُ العِدُّ لم يُوردْ على ثَمَدِ
- كم ذا لكفِّكِ من آثارِ مكرُمة ٍ
- في غنمِ مفتقرٍ أو فكَّ مضطهدِ
- قلائدٌ مثلُ أطواقِ الحمامِ لنا
- تَبيدُ أُخرى اللّيالي وهْيَ لم تَبِدِ
- و حاطها وهي بالبيداءِ مصخرة ٌ
- لأخذِ مستلبٍ أو لقمِ مزردِ
- من بعد ما غاب عنها كلُّ منتصرٍ
- فمنْ جنى فبلا عقلٍ ولا قودِ
- وجُبتَ أعداءَها عنها فلو طلبتْ
- لها عدواً طوالَ الدهرِ لم تجدِ
- حتى استقرتْ وقد كانتْ مقلقلة ً
- تُساقُ من بلدٍ ناءٍ إلى بَلَدِ
- لولا مكانُك كانتْ يومَ بَطشتها
- بلا ذراعٍ ولا كفٍّ ولا عَضُدِ
- مَنْ كان غيرَك والرُّعيانُ قد هَجموا
- يضمُّ أرجاءَ تلك الثلة ِ الشردِ ؟
- و منْ يدلّ - وقد ضلتْ حلومهمُ
- عنِ السَّدادِ إلى شيءٍ منَ السَّدَدِ
- فالآن أصبح ما قد كان منتهكاً
- ذُؤابَة َ النِّيقِ أو عِرِّيسة ِ الأسدِ
- لا فاتَنا لكَ دهرٌ لا تزالُ بهِ
- و لا انتهيتَ من الدنيا إلى أمدِ
- و ضلّ عنا الذي نخشى ولا نضبتْ
- هذي الغضارة ُ عن أيّامنا الجُدُدِ
- وعادكَ العيدُ أعواماً متى حُصِرتْ
- بالعدَّ كانتْ بلا حصرٍ ولا عددِ
- في ظلَّ مملكة ٍ تبلى الصخورُ على
- طولِ المدى وهيَ لا تبلى على الأمدِ
المزيد...
العصور الأدبيه