الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا >>
قصائدالشريف المرتضى
نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
الشريف المرتضى
- نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
- فكم فتى ً ناديتَه ما وعَى
- وقُلْ لمن ليس يرى قائلاً:
- بأيِّ عهدٍ دبّ فيك البلى ؟
- وكيف دُلّيتَ إلى حفرة ٍ
- يمحوك محو الطِّرس فيها الثرى
- كذي ضَنى ً مُلقى ً، وليتَ الذي
- سِيطَ به جسمُك كانَ الضَّنَى
- أرَّقَني فقدُك من راحلٍ
- واستلّ من عينيَّ طعمَ الكرى
- وبِنتَ لا عن مللٍ من يدي
- وغبتَ عن عينيَّ لا عن قِلى
- فكيفَ ولَّيتَ وخلَّفتني
- أكرع من بعدكَ كأسَ الأسى
- كأنَّني سارٍ عل قفرة ٍ
- مسلوبة ٍ أعلامُها والصّوى
- أو منخفضٍ من كلّ أزواده
- يحرقه القيظ بنار الصَّدى
- وصاحبٍ لي صبَّا به
- ودورُهُم في النائبات الحِمَى
- تمَّ ولما لم يجد منتهى
- غافصني فيه طروقَ الرَّدى
- خُولسْتُه مُحتظِراً رابعاً
- كالنَّجم ولَّى أو كغصنٍ ذَوى
- بأساً وعزاً في محلِّ السُّها
- وفي فؤادي منه نارُ القِرى
- وإنْ تقلَّبتُ على مَضْجعي
- كان لجنبي فيه جمرُ الغَضا
- وكان في العينين لي قرّة ً
- فصار مَيْتاً لجفوني قَذَى
- قد قلتُ للمُسلين عن حزنِه
- ما أنا طَوعاً لعذولٍ سَلا
- فإنْ رقا دمعي فلم يَبكِهِ
- . . . فلن أُصبح فيمن بكى
- وكيفَ أسلاهُ وبي صبوة ٌ!
- أم كيف أنساهُ وفيهِ الهُدى ؟
- كان كنارٍ أُضرمت وانطفت
- أو بارقٍ مالاح حتى انجلى
- أو كوكبٍ ما لحظتْ نورَهُ
- في أُفقهِ العينانِ حتّى خوى
- عليك إنْ شئتَ دموعُ الحَيا
- مُعرَّساً في عَرَصاتِ الخَنا
- وإنْ تَنُطْ سِوّاً إلى حفظِهِ
- فهو على طولِ المدى ما فشا
- كم أخذَ الدّهر لنا صاحباً
- وكم طوى في تربه ما طوى
- وكم أمالت كفُّهُ صَعْدة ً
- عالية شاهقة َ المُرتَقَى
- إنْ شئت أنْ تعجب فانظر إلى
- مُرتَبَعٍ بادَ ورَبْعٍ خَلا
- ونعمة ٍ سابغة ٍ قَلّصت ْ
- ومنزِلٍ بعد كمالٍ غفا
- ومعشرٍ حلّوا ولم يرتضوا
- من دونِ ما أرغمَ آنافَهم
- ضربُ الوريدينِ وطعنُ الكُلَى
- أكفّهم للمجتدين الغنى
- ودورُهُ في النائباتِ الحِمى
- وكم لخم من مُعجزٍ باهرٍ
- أظهره للناسِ يومَ الوغى
- سِيقوا إلى الموتِ كما سُوِّقتْ
- للعَقْرِ بالكُرهِ بِهامُ الفلا
- وطُوِّحوا في برزخٍ واسعٍ
- بينَ هُوَى مظلمة ٍ أو كُدَى
- كأنَّهم ماقَسَّمتْ بُرهة ً
- أيديهُمُ الأرزاقَ بينَ الوَرى
- ولا أقاموا العزَّ ما بينهم
- بالبيضِ مَعموداً وسُمرِ القَنا
- هو الرّدى ليس له مَدفعٌ
- والموتُ لا يقبلُ بذلَ الرُّشا
- وكم مضَى قبلك أغلوطة ً
- بالسيّف من غفلته من فتى
- إن ساءَني الموتُ فقد سرَّني
- أنَّك فارقتَ شَهيرَ الظُّبا
- تمضي إلى القوم الأُلى لم تزلْ
- تجعلهم في الظلمات الهُدى
- فإنْ تَبوَّأتَ لهم مَنزلاً
- فهْوَ لَدى الرَّحمان أعلى الرُّبى
- ولم يزلْ قبْرُك تُبلى بهِ
- عليكَ إنْ شئت دوعُ الحَيا
- فلم يَضِرْ ، وهو ندٍ ، تُربَه
- من رحمة ٍ أن لم يصبه الندى
- وإنْ تكنْ مظلمة ً حولَهُ
- قبورُ أقوامٍ ففيهِ السَّنا
- وإنْ يبتْ في غيرِ ما ربوة ٍ
المزيد...
العصور الأدبيه