الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> مالي تُطيحُ صُروفُ الدَّهر أخياري >>
قصائدالشريف المرتضى
مالي تُطيحُ صُروفُ الدَّهر أخياري
الشريف المرتضى
- مالي تُطيحُ صُروفُ الدَّهر أخياري
- والمرءُ من كلِّ شيءٍ حازَه عارِ
- يَزْهَى بجارٍ ودارٍ وهْيَ آهلة ٌ
- حتّى يصيرَ بلا جارٍ ولا دارِ
- وسِيقَ سَوقاً عنيفاً غيرَ مُتَّئدٍ
- إلى التي نبشتها كفُّ حفارِ
- في قعرِ شاحطة ِ الأعماقِ حالكة ٍ
- سدتْ مطالعها بأحجارِ
- هَوَى إِليها بلا زادٍ سِوى أَرَجٍ
- من مندلٍ عبقٍ أو سحقِ أطمارِ
- ذاقَ الرَّدى دافعُ القصرِ المَشيدِ بهِ
- و ناعمٌ بين جناتٍ وأنهارِ
- لم يُغنِ عنه وقد همَّ الحِمامُ بهِ
- أنْ باتَ من دونِ أردامٍ وأستارِ
- أمّا الزَّمانُ فغدَّارٌ بصاحبهِ
- وما الشّقاوة ُ إِلاّ حبُّ غدَّارِ
- فبينما هو يُعطيني ويُوسِعُ لي
- حتّى يكونَ بهِ فَقري وإِعساري
- فليس يُنصفُني مَن عاد يظلمُني
- و ليس ينفعني من كان ضراري
- وكيف أبلغُ أوطاري بذي خَطَلٍ
- ما كان إلاَّ به حرمانُ أوطاري ؟
- ندورُ في كلِّ مَخشاة ٍ ومَرْغَبَة ٍ
- من تحتِ مُستعجل الوثباتِ دوَّارِ
- كأنَّنا تَترامانا نوائبُهُ
- عصفٌ ترامى به سوراتُ تيار
- ظِلُّ وشيكٌ تَلاشِيهِ وأفنِيَة ٌ
- موضوعة ٌ نصبَ إخرابٍ وإقفارِ
- لا تأمننَّ صروفَ الدهر مغمضة ً
- إِغماضَ ليثٍ منَ الأرواح مُمْتارِ
- الدَّهرُ سالبُ ما أعطَى ومانِعُهُ
- فما الصَّنيعُ بدينارٍ وقِنطارِ
- تُقيمُ منه على عوجاءَ زائلة ٍ
- ومائلٍ مُزلِقِ الأرجاءِ مُنهارِ
- والمرءُ مادامَ مأسوراً بشهوتِهِ
- معذَّبٌ بينَ إِحلاءٍ وإمرارِ
- طوراً جديباً وطوراً ذا بلهينة ٍ
- فمَن عَذيريَ من تاراتِ أطواري؟
- من عائدي من جوى همٍّ يؤرقني
- نَفى رقادي وجافَى بينَ أشفاري؟
- أرعَى نجوم الدُّجَى أنَّى مسالكُها
- ولانديمَ سِوى بثِّي وأفكاري
- لحادثٍ في أخٍ ماكنتُ أحذرُه
- وأينَ من حادثاتِ الدهرِ إحذاري؟
- لما دعا باسمه الناعي فأسمعني
- ضاقتْ عيّ هموماً كلُّ أوطاري
- ولُذتُ عنه بإنكاري منيَّتَهُ
- حتى تحقق شرادٌ بإنكاري
- فالآن بين ضلوعي كلُّ لاذعة ٍ
- تدمى وحشو جفوني كلُّ عوارِ
- رزئتهُ حاملاً ثقلي ومضطلعاً
- شحاً عليها من الأقوام أسراري
- فيا دموعي كوني فيه واكفة ً
- ويا فؤادي أحترقْ جرَّاهُ بالنّارِ
- عرِّجْ على الدّارِ مُغبرّاً جوانبُها
- فاسأل بها عجلاً عن ساكني الدارِ
- كانتْ تَلألأُ كالمصباح وهْيَ بما
- جنى عليها الردى ظلماءُ كالقارِ
- وقلْ لها: أَين ماكنَّا نراهُ على
- مرَّ الندى بكِ من نقضٍ وغمرار ؟
- وأينَ أوعية ُ الآدابِ فاهقة ً
- تجري خِلالَكِ جَريَ الجدول الجاري؟
- وأينَ أبكارُ فضلٍ جئنَ فيكِ وقد
- جاءَ الرِّجالُ بعُونٍ غيرِ أبكار؟
- و أين طيبُ ليالٍ فيك ناعمة ٍ
- كأنهنّ لنا أوقاتُ أسحارِ ؟
- يا أحمدُ بن عليٍّ والردى عرضٌ
- يزورُ بالرُّغم منّا كلَّ زَوّارِ
- نأى يشقُّ مداهُ أن تقربهُ
- قلائصٌ طالما قربن أسفاري
- علقتُ بحبلٍ غيرِ منتكثٍ
- عند الحفاظِ وعودٍ غيرِ خوّارِ
- و قد بلوتك في سخطٍ وعند رضيً
- فلم تفذنيَ إلا ما أضنُّ به
- ولم تَزدنيَ إِلاَّ طيبَ أخبارِ
- لاعارَ فيما شربتَ اليومَ غُصَّتَهُ
- منَ المنونِ وهل بالموتِ مِن عارِ
- ولم يَنلْكَ سِوى ما نال كلَّ فتى ً
- عالي المكانِ ولاقَى كلَّ جبّارِ
- فلو وَقَتْكَ منَ الأقدار واقية ٌ
- حماكَ كلُّ طَلوعِ النَّجد مِغْوارِ
- إذا دعتهُ من الهيجاء داعية ٌ
- سَرى إلى الموتِ مثلَ الكوكِب السَّاري
- ما كان ثاري بناء عن منال يدي
- لو كان في غير أثناء الردى ثاري
- فاذهبْ كما ذهبتْ سراءُ أفئدة ٍ
- أو أمنُ خائفة ٍ أو نيلُ أوطارِ
- عريانَ من كلّ ما عيبَ الرجالُ به
- صِفْرَ الحقيبة ِ من شيءٍ من العارِ
- و لا يزلْ خضلِ الهدابِ يقطره
- على تُرابك سَحّاً ذاتُ إعصارِ
- حتى يُرى بينَ أجداثٍ يحاورُها
- ريانَ ملآنَ من زهرٍ ونوارِ
المزيد...
العصور الأدبيه