الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لقد ضلَّ مَن يسترقُّ الهوَى >>
قصائدالشريف المرتضى
- لقد ضلَّ مَن يسترقُّ الهوَى
- وعبدُ الغرام طويلُ الشَّقا
- وكيف أحِلُّ بدار الصَّغارِ
- ولي همّة تزدري بالذُّرا؟!
- وتُظْلِمُ دونِيَ طُرُقُ الصَّوابِ
- ومنّى استعار النَّهار السَّنا؟!
- رُوَيْدَكِ يا خُدُعاتِ الزّمانِ
- كفاني فعالُكِ فيمن مضى
- جذبتِ عنانَ شديد الجُموحِ
- وراودتِ مستهزئاً بالرُّقى
- يَعُدُّ الغِنَى منكِ غُرمَ العقولِ
- وأنَّ ثراءكِ مثلُ الثَّرى
- ومَنْ ملأت سمعَه الذابلاتُ
- وقرعُ الظبا لم يَرُعْه الصَّدى
- رَمى الدهْرُ بي في فم النائباتِ
- كأنِّيَ في مقلتيهِ قَذَى
- ولم يدرِ أني حتفُ الحُتوفِ
- وأرديتُ بالسَّيفِ عُمْرَ الرَّدى
- وأني لَبِستُ ثيابَ العَراءِ
- ولا مؤْنسٌ ليَ غيرُ المها
- وقلبٌ نَبا عنه كيدُ الزَّمانِ
- فما للمُنى في رُباهُ خُطا
- إذا نازَعَتني خطوبُ الزَّمان
- ملأتُ بهِ فُرُجاتِ المَلا
- أُلوّحُ بالنَّقع وجهَ النهارِ
- وأحسِرُ بالبيضِ وجهَ الدُّجَى
- على سابحٍ في بحارِ المنونِ
- كفيلٍ بِوَطْءِ الشَّوَى بالشَّوَى
- أنالُ بهِ فائتاتِ الوحوشِ
- وألمسُ من صفحتيه السُّها
- إذا ما نظرتَ إلى لونهِ
- رأيتَ الدُّجى قد تردّى الضُّحى
- عذيرِيَ من مُدَّعٍ للعُلى
- ولم يَحنِ بالسَّيرِ ظهرَ السُّرى
- ولا حملتهُ ظهورُ الجيادِ
- ولا رَوِيتْ في يديه الظُّبا
- وما كلُّ ذي عَضُدٍ باطشٌ
- ولا كلُّ طرفٍ سليمٍ يرى
- وبعضُ الأنام الذي ترتضيهِ
- وبعضُ الرؤوس مَغاني الحِجا
- فكم من طريرٍ يسوءُ الخبيرَ
- وكم فرسٍ لا يجاري العفا
- دعِ الفكرَ فيمن أعلَّ الزَّمانُ
- وإلاّ فقمْ باعتدالِ الشِّفا
- فما غيَّرتْ كفُّ ذي صنعة ٍ
- بأخفى التحّلي مكان الحُلى
- ولَلطبعُ أقهر من طابعٍ
- وألحَظْتَ أعيُنَهم غَرَّة ً
- سَقى اللهُ منزلَنا بالكثيبِ
- بكفّ السحائب غَمْرُ الحيا
- محلّ الغيوث ومأوى الليوث
- وبحرُ النَّدى ومكانُ الغِنَى
- فكم قد نعمتُ به ما اشتهيْـ
- ـتُ مُشْتملاً بإزارِ الصِّبا
- تُعانقُني منه أيدي الشِّمالِ
- ويلثُمُ خدِّي نسيمُ الصَّبا
- وكم وردته ركابُ العُفاة ِ
- فأَصْدَرْتُها ببلوغِ المُنَى
- إذا ما طَمَتْ بيَ أشواقُه
- دعوتُ الحسينَ فغاضَ الأسَى
- فتى ً لا تُعثِّرُ آراءَه
- بطرق المكارم صمُّ الصّفا
- يجودُ بما عزَّ من مالِهِ
- فإنْ سِيلَ أدنَى عُلاهُ أبَى
- ويوماهُ في الفخر مُسْتيقنانِ؛
- فيومُ العطاءِ ويومُ الوغَى
- يُفيضُ بهذا جزيلُ الحِباءِ
- وَقري بهذا القنا في القَرا
- تعرَّفَ في الخلق بالمَكرُماتِ
- فأغنته عن رائقات الكُنى
- وأخرس بالمجدِ قولَ العُداة ِ
- وأنطق خُرسَ اللَّها باللُّها
- أيا مَن كَبا فيه طِرفُ الحسودِ
- فأمّا جوادُ مديحٍ فلا
- تمنّى أعاديكَ ما فارقوه
- ومِن دونِ ما أمَّلوهُ العُلى
- وعِرضٌ يمزّق مِرْطَ العيوبِ
- ويهتِكُ عنه برودَ الخَنا
- ولولا علوُّكَ عن قدرِهمْ
- لحكّمت فيهم طِوالَ القنا
- وألَظتْ أعيُنهم غُرّة ً
- تفارقُ منها الجسومُ الطُّلى
- لقد عَصَمْتُهُم سفاهاتُهُم
- وكهفُ السَّفاهة بئسَ الحِمى
- أبَى اللهُ والمجدُ والمشرفيُّ
- وسُمرُ الرِّماح مُرادَ العِدا
- تهنَّأْ بشهرٍ تهنَّأَ منكَ
- بصدقِ اليقينِ وصدقِ التقى
- فهذا به تستضىء السّنون
- وأنت بمجدكَ فخر الورى
- ولو فطن الناس كنت السّوا
- دَ من كلِّ طرفٍ مكانَ المُقا
- فعش عيشة َ الدّهر ياطرفَه
- عميمَ المكارمِ ماضي الشَّبا
- ولايصبِرنَّكَ هذا الزَّمانُ
- وأنتَ المَطا، والأنامُ الصَّلا
المزيد...
العصور الأدبيه