الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابة ٍ >>
قصائدالشريف المرتضى
فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابة ٍ
الشريف المرتضى
- فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابة ٍ
- يصوبُ على أعلى الصُّخور ويسفحُ
- توزَّعَهُ عَبْرُ الرُّبا فكأنَّهُ
- مُلاءٌ رحيضٌ بالفَلاة ِ مُطرَّحُ
- وإنْ صافحتهُ الرّيحُ وهي ضعيفة ٌ
- تمرُّ عليه قلتَ: صُحْفٌ تُصَفَّحُ
- بأعذبَ من فيها إذا ما توسّنتْ
- وهبَّتْ وجلدُ اللَّيلِ بالصُّبحِ يوضِحُ
- وما روضة ٌ باتَ الخُزامى يحفّها
- ونَوْرُ الأقاحي وسْطَها يتفسّحُ
- كأنّ بمغناها تُفَضُّ لَطيمة ٌ
- مُجَعْجِعَة ٌ أو مَنْدَلُ الهند ينفحُ
- بأطيبَ مِنْ أردانها حينَ أقبلتْ
- وغصنُ النَّقا في دِرْعها يترنَّحُ
- وما مُغزِلٌ أَضحتْ بدوٍّ صَريمة ً
- تفسّح في تلك الفيافي وتسرحُ
- تَفيءُ إلى ظلِّ الكِناسِ وتارة ً
- تَشَوَّفُ من أعلى الهضابِ وتسنحُ
- بأحسنَ منها يومَ قامتْ فودَّعتْ
- قُبَيلَ التَّنائي والمدامعُ تنزحُ
- وما وِردُ مطرودٍ عن الوردِ خامسٍ
- وما هزَّهُ الدَّوحِ المُبِنِّ بقَفْرة ٍ
- تُسقّى الهيامُ حولَهُ وهو ظامئٌ
- فلا الورْدُ يُدنيهِ ولاهو يبرحُ
- بأروى وأشهى من رُضابٍ تمُجُّهُ
- ثنايا عِذابٌ من ثناياكِ تَمْتَحُ
- وما نوحُ قُمْرِيٍّ على فرعِ أيكة ٍ
- يَمُنُّ له ذكرُ الفراقِ فيصدحُ
- له مدمعُ "الشاكي" جفوناً وقلبُهُ
- بما جرّه فقدُ الأليفِ مُقَرّحُ
- بأشجى شجى ً مني غداة َ ذكرتُكمُ
- ووادي مِنًى بالعيسِ والقومِ يطفحُ
- وماهزة ُ الدَّوحِ المُبِنِّ بقفرة ٍ
- تُزعزعُ منه الرِّيحُ ما يتسمَّحُ
- إذا انتشرتْ فيهِ الشّمالُ عشية ً
- رأيتَ حَماماً فوقهُ يترجحُ
- بأظهَرَ منّي هزّة ً يومَ أقبلتْ
- تشكّى الهوى وحْياً به لا تُصّرِّحُ
- تعاورها خوفُ النّوى والعِدى معاً
- فلاهيَ تَطويهِ ولاهيَ تُفصحُ
- وما مُنْيَة ٌ سِيقَتْ إلى كَلِفٍ بها
- مُقيمٍ على تَطْلابِها ليس يبرحُ
- إذا لامَهُ اللاحون فيها طَما بهِ
- إلى نَيلها شوقٌ لَجوجٌ مُبرِّحُ
- بأشهَى وأحلَى من لقائِك مَوهِنًا
- وألحاظُ مَنْ يَبْغي النَّميمة َ نُزَّحُ
- وما مُقْفَقِلُّ الكفِّ شَحْطٌ عن النَّدى
- له راحة ٌ من ضَنّة ٍ لا تَرَشَّحُ
- أتاهُ الغِنَى من بَعْدِ يأْسٍ وكَبْرَة ٍ
- فليس بشيءٍ خِيفة َ الفَقْرِ يسمحُ
- بأبخلَ منِّي يومَ ساروا بنظرة ٍ
- إليكِ وأحداقُ الرِّفاق تُلَمِّحُ
- حلفتُ بربّ الراقصاتِ عشيّة َ
- إلى عَرفاتٍ وهي حَسْرى ورُزَّحُ
- ومَنْ ضَمَّهُ جَمْعٌ وبينَ بلادِهمْ
- إذا اقتربوا سَهْبٌ عريضٌ مطوِّحُ
- وبالبُدنِ تُهدى في منى ً لمليكها
- وتُدنى إلى أخرى الجمالُ فتُذبحُ
- لأنتِ على رُغمِ العدوِّ من الّذي
- يُضئُ سوادَ الليلِ أبهى وأملحُ
- ونجواكِ تَشفي السُّقمَ طَوراً وتارة ً
- يُعَلُّ بنجواكِ السَّليمُ المُصَحِّحُ
- وأنتِ وإنْ أوقدتِ في القلبِ جمرة ً
- تَلَظى على كَرِّ الليالي وتَلْفَحُ
- أعزُّ عليهِ مَوضعًا من سوادِهِ
- وأعذبُ فيهِ منْ مُناهُ وأرْوَحُ
المزيد...
العصور الأدبيه