الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا >>
قصائدالشريف المرتضى
سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا
الشريف المرتضى
- سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا
- يراوحني فيها الملامُ كما غَدا
- ألا إنّ جارَ الذلَّ من بات يتقي
- سناناً طريراً أوْ حساماً مهنداً
- و ما خفية ُ الإنسان إلاّ غباوة ٌ
- وخوفُ الرَّدى للمرءِ شرٌّ منَ الرَّدى
- تركتُ الهويني للردى َّ وإنني
- إذا غار مغترٌّ بها كنتُ منجدا
- و أي مرادٍ لم أنلهُ بعزة ٍ ؟
- فأنفسُ حظي منه أنْ يتبعدا
- و ما شعفي بالحرب إلاّ لأنني
- أرى السيفَ أهدى والكريهة أقصَدا
- سقى اللهُ قلبي ما أعَفَّ عنِ الهوى
- و أقسى على نأي الحببِ وأجلدا
- و إني متى ضنَّ الصديقُ بقربهِ
- أكنْ منه أسخَى بالبِعادِ وأجْوَدا
- أرَى الهمَّ يرميني إلى كلِّ غاية ٍ
- ومَن لي بأَنْ ترضَى هموميَ مَقصَدا؟
- لَعَلِّيَ أنْ ألقَى مِنَ النّاسِ واحدًا
- يكون على حرَّ المطالبِ مسعدا
- وهيهاتَ، أعيا العزُّ كلَّ مُغامرٍ
- و أفنى على الدنيا مسوداً وسيدا
- إذا اللهُ لم يُدنِ الفتى مِن مُرادِهِ
- فما زاده الإقدامُ إلاّ تبعدا
- وسرٍّ حجبتُ النّاسَ عنه كأنّما
- قذفتُ به في لجة البحر جلمدا
- وداريتُ عنه صاحبي وهْوَ دائبٌ
- ينازعهُ عرضُ الحديثِ إذا بدا
- عذوليَ ما أخشى جناية َ كاشحٍ
- إذا الحزمُ واراني خَفيتُ عنِ العِدَى
- لحا اللهُ هذا الدَّهرَ تأتي حظوظَهُ
- خطاءَ ويغشى ضيمه متعمدا
- إذا نلتُ منه اليومَ حالاً حميدة ً
- أبى فتقاضاني ارتجاعتَها غَدا
- تنقلنا الأيامُ عن كلَّ عادة ٍ
- و تبدلنا من موردِ العيشِ موردا
- ولو كنتُ موفورَ الحياة ِ منَ الأذى
- على نبواتِ الدهرِ كنتُ مخلدا
- وهوَّنَ ما ألقَى منَ الدَّهرِ أنَّهُ
- تَعمَّدني بالغدر فيمنْ تعمَّدا
- و ليستْ حياة ُ المرءِ إلاَّ شرارة ً
- و لا بدّ يوماً أنْ تناهى فتخمدا
- أما ووجيفِ العيسِ تنضو شفاهها
- لغاماً تحلاهُ الأزمة ُ مزبدا
- ونهضة ِ أبناءِ اللّقاءِ لخُطَّة ٍ
- تجرُّ مماتاً أو تقلدُ سؤددا
- لقد ألصقتني " بالحسين " خلائقٌ
- أعدنَ قديمَ المجدِ غضاً مجددا
- هو المرءُ إنْ قلَّ التقدم مقدمٌ
- وإِنْ عزَّ زادٌ في العشيرة ِ زوَّدا
- أبيٌّ على قولِ العوازلِ سمعهُ
- إذا أعرضوا دون الحفيظة ِ والندا
- وأرْوَعَ من آل النبيِّ إذا انتمى
- أصابَ علياً والداً ومحمدا
- " كرامٌ " سعوا للمجد من كلَّ وجهة ٍ
- كما بسطوا في كلّ مكرمة ٍ يدا
- و ما فيهمُ إلاَّ فتى ما تلبستْ
- بهِ الحربُ إلاّ كان عَضْبًا مجرَّدا
- وقاؤُك من صَرْفِ الرَّدى كلُّ ناكلٍ
- إذا صَدمَتْهُ النّائباتُ تَبَلَّدا
- جَريءٌ إذا ما الأمنُ أَخلى جَنانَه
- فإنْ رابه ريبٌ تولى وعردا
- وأنتَ الّذي لا يثلمُ الرُّعبُ شدَّه
- و قد لفتِ الخيلُ السوادَ المشردا
- و كنتَ متى لاذتْ بنصرك بلدة ٌ
- ضممتَ إليها قطرة َ أسحمَ أربدا
- رجالاً كأمثال الأسنة ِ " ركزا "
- وخيلاً كأمثالِ الأعنَّة ِ شُرَّدا
- ولا أمنَ إلاّ أنْ تُرَدَّ صدورُها
- منَ الطَّعنِ يسحَبْنَ القَنا المتقصِّدا
- طوالعَ من ليلِ العجاجِ كأنَّما
- زَحَمْن الدُّجَى عنهنَّ حتّى تقدَّدا
- وقد سلبَ الإقدامُ لونَ جُلودها
- وأَلْبسَها بالطَّعن ثوبًا مورَّدا
- و يومٍ طردتَ العدمَ عنه كأنما
- طردتَ به جُندًا عليك مجنَّدا
- ولم تُلقَ إلاّ باسطًا مِن يمينهِ
- ببذلِ الندى أو ضارباً فيه موعدا
- هنيئاً لك العيدُ المخلفُ سعدهُ
- عليك منَ النَّعماءِ ظِلاًّ مُمدَّدا
- ولا زلتَ فيه بالغاً كلَّ إِرْبَة ٍ
- و لا زال مكروراً عليك مرددا
- تهُبُّ رياحُ الجوِّ حولكَ كلُّها
- نَسيمًا ويطلُعْنَ الكواكبُ أَسْعُدا
المزيد...
العصور الأدبيه