الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ >>
قصائدالشريف المرتضى
- رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ
- مُصاباً كيومِ ردَى الأوحدِ
- و عودني الرزءَ مرُّ الزمانِ
- و مثلُ الذي حلّ لم أعتدِ
- وفارقني بَغْتة ً مثلما
- يفارق مقبض سيفي يدي
- على حينَ دانَتْ له الآبِياتُ
- وقادَ القُرومَ ولم يُقتَدِ
- و قد كنتُ أحسب أنّ الحمامَ
- بعيدٌ عليه فلم يبعدِ
- و ما كان إلاّ كقولِ العجولِ
- لمن قام وسطَ الندى أقعدِ
- وساعدني في بكائي عليـ
- كلُّ بعيد الأسى أصيدِ
- تلين القلوبُ وفي صدره
- أصمُّ الجوانبِ كالجلمدِ
- و كم ذا رأينا عيوناً بكينَ
- عند الرزايا بلا مسعدِ
- جرَيْنَ فألحقنَ عندَ الدُّموعِ
- وأعيَتْ محاسُنه أنْ تُنالَ
- فإنْ حَسدَ القومُ لم يَحْسُدِ
- وكم قعدَ القومُ بعدَ القيامِ
- ومذْ قامَ بالفضلِ لم يُقعدِ
- وماتَ وغادَرَه جُودُه
- خليَّ اليدين من العسجدِ
- و لم يدخرْ غيرَ عزَّ الرجال
- وعزٍّ يبينُ معَ الفرقَدِ
- وغيرَ ضِرابٍ يقطُّ الرؤوسَ
- إذا خَمَدَ الجمرُ لم يَخمُدِ
- و طعنٍ يمزق أهبَ النحورِ
- كمَعْمَعَة ِ النّارِ بالفَرْقَدِ
- وكم قد شهدناه يومَ الوغى
- و بيضُ النصولِ بلا أغمدِ
- يَشُلُّ الكُماة َ بصدرِ القناة ِ
- شلكَ للنعمِ الشردِ
- وتهديهِ في الظُّلماتِ السُّيوفُ
- و كم ضلَّ في الروعِ من مهتدِ
- فتى ً في المشيبِ وما كلُّ منْ
- حَوى الفضلَ في الشَّعَرِ الأسودِ
- فيا لوعتي فيهِ لا تَقْصُري
- ويا دمعتي فيهِ لا تجمُدي
- و يا سلوتي فيه لا تقربي
- وإن كنتِ دانية ً فابعدي
- و يا لائمي في ثناءٍ له
- هجدتَ وعينيَ لم تهجدِ
- فلم أرثهِ وحده بلْ رثيتُ
- معالم عرينَ من سؤددِ
- وما جادَ جَفني وقد كان لا
- يجودك إلاَّ على الأجودِ
- و وافقني بالوفاقِ الصريحِ
- موافقة َ النومِ للسهدِ
- وإنَّ التناسُبَ بينَ الرِّجالِ
- بالودَّ خيرٌ من المحتدِ
- و خلفني بانتحابٍ عليهِ
- يقضُّ على أضلعي مرقدي
- فإنْ عاد مضجعيَ العائدون
- خفيتُ نحولاً على العودِ
- فقُلْ للقَنابِلِ: لا تَركبي
- وقُلْ للكتائبِ: لا تحشُدي
- و قلْ للصلاة ِ بنار الحروبِ
- قد ذهبَ الموت بالمُوقِدِ
- و قلْ للصوارمِ مسلولة ً
- فُجِعْتُنَّ بالصّارمِ المُغمَدِ
- و قلْ للجيادِ يلكنَ الشكيمَ
- بلا مُسرِجٍ وبلا مُلبِدِ:
- أَقِمْنَ فما بعدَهُ للخيولِ
- مقاديرُ حتى مع القودِ
- و قلْ لأنابيبِ سمرِ الرماحِ
- ثَوِيْنَ حِياماً بلا مَوْرِدِ
- فلا تَطلعَنْ فوقكُنَّ النُّجومُ
- فذاك طلوعٌ بلا أسعدِ
- وكيفَ يرِدْنَ نَجيعَ الكُماة ِ
- بغيرِ شديدِ القوى أيدِ ؟
- أرى ذا أسى ً فبمنْ أقتدي ؟
- و كيف السوُّ وعندي الغرامُ
- يبرِّحُ بالرَّجُلِ الأجلَدِ؟
- ولي أَسفٌ بافتقادٍ له
- نَفَدْتُ حنيناً ولم يَنْفَدِ
- فيا غافلاً عن طروقِ الحمامِ
- رقدتَ اغتراراً ولم يرقُدِ
- و يا كادحاً جامعاً للألوفِ
- وغيرُك يأخذها من غدِ
- و هل للفتى عن جميع الغنى
- سوى بلَّ أنملة ٍ من يدِ
- فبنْ مثلما بان ظلُّ الغمامِ
- عن طالبي سَحِّهِ الرُّوَّدِ
- وبِتْ كارهاً في بُطونِ التُّراب
- وكم سكنَ التُّربَ من سَيِّدِ
- و لا زال قبرك بين القبور
- يُنضَحُ بالسَّبِلِ المُزْبدِ
- ويَنْدى وإِنْ جاورَتْهُ القبورُ
- و فيهنَّ بالقاعِ غيرُ الندى
- و حياك ربك عند اللقاءِ
- بعفوٍ ومغفرة ٍ سرمدِ
- و خصك يومَ مفرَّ العبادِ
- بالعَطَنِ الأفسحِ الأرغدِ
المزيد...
العصور الأدبيه