الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ >>
قصائدالشريف المرتضى
دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ
الشريف المرتضى
- دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ
- فإنّ نزاعى غالبٌ لنزوعى
- فما القلبُ منّي فارغاً من تذكُّرٍ
- ولا العينُ منّى غيرَ ذات دموعِ
- ولو كنتُ مُسْطِيعاً جعلتُ صَبابة ً
- مكان دموعى فى البكاءِ نجيعى
- ففيما تركتُ لا يخافُ تردّدى
- وفيما وهبتُ لا يُخافُ رُجوعي
- وكيف بقائى لا أموت وإنّما
- ربوعُ الأنامِ الهالكين ربوعى ؟
- وما أنا إلاّ منهمُ وعليهمُ
- إذا ما انقضى عمرى يكون طلوعى
- ألمْ ترَ هذا الدّهر كيف أظلّنا
- على غفلة ٍ منّا بكلِّ فظيعِ ؟
- وكيف انتقى عظمى وشرّد صرفهُ
- رُقادي وأَوْدى عَنْوَة ً بهُجوعي
- وجرّ على شوك القتادِ أخامصى
- وأضرم ناراً في يبيسِ ضلوعى
- وأكرعنى حزناً طويلاً ولم أكنْ
- لغيرِ الذي أختارُه بكَروعِ
- رماني بخطبٍ لا يكفكفُ وقعهُ
- سوابقُ أفراسى ونسجُ دروعى
- وما عاصِمي منه حُسامي وذابِلي
- ولاناصري رَهْطي به وجميعي
- أتاني ضحًى لا درَّ درُّ مجيئه
- فعادَ وماهابَ النَّهارَ هَزيعي
- وضاعفَ من شجوى ورادف حزنه
- خضوعى عليه راغماً وخشوعى
- وصيَّر في وادي المصائبِ مَسكني
- وفى جانب الحزنِ الطّويل ربوعى
- وقالوا بركنِ الدين ولَّتْ يدُ الرَّدى
- فخرَّ صَريعاً وهو خَيرُ صريعِ
- فشبّوا لهيبَ النّارِ بين جوانحى
- وجَثُّوا أُصولي بالجَوَى وفُروعي
- ومرّوا وقد أبقوا بقلبي حسرة ً
- وذَرُّوا طويلَ اليّأس منه بِرُوعي
- فلو كنتُ أسطيعُ الفداءَ فديتهُ
- وأعيا بداءِ الموتِ كلُّ جَميعي
- وشاطرتُهُ عُمري الّذي كان طالعاً
- عليه بما أهواه خيرَ طلوعِ
- وقالوا: اصطبرْ، والصَّبرُ كالصَّبر طعُمهُ
- إذا كان عن خرقٍ بغير رقوعِ
- وعن رجلٍ لا كالرّجالِ فضيلة ً
- وعن جبلٍ عالي البناءِ رفيعِ
- وعزّاك مَن سقَّاك كلَّ مرارة ٍ
- وحيّاك من لقّاك كلَّ وجيعِ
- ولو كنتُ أرجو عوده لاحتسبتهُ
- ولكنَّه ماضٍ بغيرِ رُجوعِ
- كأنِّيَ ملسوعٌ وقد قيل لي: مضَى
- وما كنتُ من ذي شَوكة ٍ بلَسيعِ
- فأيُّ انتفاعٍ بالرَّبيع وإنَّه
- زمانى وقد ولّى الرّدى بربيعى ؟
- وبالعيشِ من بعد امرئٍ كان طيبه
- ويُبْدلُ منه ضَيِّقاً بِوَسيعِ
- وبالمالِ من بعدِ الّذي كان مُخْلِفاً
- لكلِّ الذي أفْنَتْهُ كفُّ مُضِيعِ
- وبالعرضِ من دون الذى كان رمحهُ
- يقارعُ عنه الدَّهرَ كلَّ قريعِ
- ذَمَمْتُ سواكَ المالكين لأنَّهمْ
- تولّوا وما أولوا جميلَ صنيعِ
- ولم تكُ منهمْ مِنَّة ٌ بعدَ مِنَّة ٍ
- ولا نزعوا أثوابهمْ لنزيعِ
- فكم بينَ مُعطٍ للأماني وسالبٍ
- وبين مُجيعٍ لي وقاتلِ جُوعي
- ولمّا رأيتُ الفضلَ فيه أطعتُه
- وما زلتُ للأملاكِ غيرَ مطيعِ
- ألمْ تَرَني لمّا بلغتُ فِناءَه
- عقرتُ بعيرى أو قطعتُ نسوعى ؟
- وقد علمَ الأقوامُ
- أنَّك فيهم النْـ
- وأنَّك تُؤوي الخائفين منَ الورَى
- ذُرا كلِّ مَرهوبِ الشَّذاة ِ رَفيعِ
- وأنّك لمّا صرّح الخوفُ فى الوغى
- بيومٍ صقيل الغُرَّتَينِ لَموعِ
- وللخيلِ من نسج الغبارِ براقعٌ
- وأجلالها من صوبِ كلِّ نجيعِ
- ولو لمْ تبضَّعْ بالطِّعانِ لحومُها
- لآبَتْ وما سالتْ لنا بَبُضوعِ
- أخذتَ لواءَ النّصرِ حتّى ركزته
- بيمناك من أرضِ اليقينِ بقيعِ
- ولم تهبِ البيضَ الصّوارمَ والقنا
- يردن إذا أوردنَ ماءَ ضلوعِ
- ولمّا ذكرتُ الموتَ يوماً وهولهُ
- تقاصر خطوى واقشعرّ جميعى
- وما أنا إلاَّ فى انتظارٍ لزائرٍ
- قَدومٍ على رغمِ الألُوفِ طَلوعِ
- يمزّق أثوابَ الذى كنتُ أكتسى
- ـنَفوعُ إذا لم يعثُروا بنفوعِ
- ويهدم ما شيّدتهُ وبنيتهُ
- ويحصدُ من هذى الحياة ِ زروعى
المزيد...
العصور الأدبيه