الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ >>
قصائدالشريف المرتضى
حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ
الشريف المرتضى
- حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ
- وسُقيتَ أنديَة َ الغُيوثِ الهُمَّعِ
- فلقد عهدتُكَ والزَّمانُ مُسالمٌ
- فيكَ المُنى وشفاءُ داءِ المَوجَعِ
- أيّامَ إنْ يدعُ الهوَى بي أتَّبعْ
- وإذا دُعيتُ إلى النُّهَى لم أَتبعِ
- إذ قامتي ممتدة وذوائبي
- مُسْودَّة ٌ ومسائحي لم تَصْلَعِ
- وإذ النضارة ُ في اديمي جمة ٌ
- والشيب في فودي لمّا يطلعِ
- سَقْياً له زَمَناً نَعِمتُ بظلِّهِ
- لكنّه لمّا مضى لم يرجعِ
- شعرٌ شفيعي في الحسانِ سواده
- حتى إذا ما اُبيض بي لم يشفعِ
- عُوِّضتُ قَسْراً من غُدافِ مفارِقي
- وهي الغبينة ُ بالغرابِ الأبقعِ
- لونٌ تراهُ ناصعاً حتى إذا
- خَلَفَ الشَّبابُ فليس بالمُسْتَنْصِعِ
- أحبب إليّ وقد تغشى ناظري
- وسن الكرى بالطّيف يطرق مضجعي
- مازالَ يخدعُني بأسبابِ الكَرى
- حتّى حسبتُ بأنه حقّاً معي
- ولقد عجبتُ على المسافة ِ بيننا
- كيف اهتدى من غير هادٍ موضعي؟
- أفضَى إلى شُعْثٍ لَقُوا هاماتِهِمْ
- لماسقوا خمر الكرى بالأذرعِ
- هَجعوا قليلاً ثمّ ذَعْذَعَ نَومَهمْ
- غبَّ السُّرى داعي الصباح المسمع
- من بعد أن علقَ الرُّقاد جفونهم
- هَجروا الكَرى في أيِّ ساعة ِ مضجعِ
- فتبادروا بطنَ السَّفينِ وأسرعوا
- زمراً كجافلة ِ القطا المتروعِ
- من كلِّ سوداءِ الأديمِ كأنَّها
- شغواء تنجو في الرّياح الأربعِ
- هزَّتْ جناحَيْها على سَغَبٍ بها
- وقد اهتدَتْ بعدَ الضَّلالِ المُطمِعِ
- لاتشتكي مع طول إدمان السُّرى
- مسَّ اللغوب ولاكلال الظلّعِ
- رَكبوا عَميقاً قعرُهُ، متلاطماً
- أمواجُهُ ذا غاربٍ مُسْتَتْلِعِ
- ينجون كلَّ قرارة ٍ لاتهتدى
- أو يطلعون ثنيّة ً لم تطلعِ
- في حيثُ لا تُنجي الرِّجالَ جَلادة ٌ
- ولَربَّما نجَّتْك دعوة ُ إصبعِ
- وقد عجبتُ لخابِطٍ ورقَ الغِنى
- من كل ذي جشعٍ وخدٍ أضرعِ
- وكأنهم لم يعلموا أنّ الذّي
- جَمعوا بمرأى للخطوبِ ومسمعِ
- والعامر الكفين من هذا الورى
- لايُنْثني إلاّ بكفٍّ بَلْقَعِ
- جَمعوا لينتفعوا فلمّا أنْ دعَوْا
- أموالَهُمْ حينَ الرَّدى لم تنفعِ
- واستدفعوا بالمال كلَّ مَضرَّة ٍ
- حتّى أتى الأمر العزيزُ المدفعِ
- هيهاتَ أين الأوّلون وأينَ ما
- شادوهُ من مَغْنى ً ومن مُتَرَبَّعِ؟
- والراخصوت العارَ عن أثوابهم
- والرافعوان النارَ للمستلمعِ
- والموسعو مُعتامِهمْ أموالَهمْ
- والنازلون على الطريقِ المهيعِ
- من كل معتصب المفارق إن مشى
- نَمَّتْ عليه ثيابُه بتضوُّعِ
- تَعْنو الرِّجالُ لذي التَّمائمِ منهمُ
- ويسودُ طفلُهمُ ولم يَتَرَعْرَعِ
- لايجمعون المال إلا للندى
- أو لاصطناع صنيعة لم تصنعِ
- وإذا وفدتَ إليهمُ عن أزْمَة ٍ
- فإلى أعزِّ ندى ً وأخصبِ مَرْتَعِ
- وإلى الجفان الغرِّ في يوم القِرى
- والطعن في اللبات يوم المفزعِ
- وإلى الحديث تطيب في يوم الثنّا
- نَفَحاتُهُ ويضيءُ يومَ المجمعِ
- وكأنَّما فتَّحتَ منه لمبصرٍ
- أنوارَ روضٍ غِبَّ غيثٍ مُقلِعِ
- سكنوا الخورنق والسّدير وحلّقوا
- في رأس غُمدانَ البناءِ الأرفعِ
- وتقسَّموا من مَأْرِبٍ عَرصاتِهِ
- والأبلقِ الفردِ العرين المسبع
- أخذوا إتاواتِ الملوك غُلُبَّة ً
- مابين بصرى والفراتِ وينبعِ
- وأطاعَهمْ وانقاد في أيديهمُ الْـ
- دانّي القريب إلى البعيد المنزعِ
- هتف الحمامُ بكل حيٍ منهمُ
- فأجابَهُ مُستكرهاً كالطَّيِّعِ
- واراهُمُ في مَضجعٍ وأتاهُمُ
- من مطلعٍ وسقاهمُ من مكرعِ
المزيد...
العصور الأدبيه