قصائدالشريف المرتضى



إن كان غيبك الترابُ الأحمرُ
الشريف المرتضى



  • إن كان غيبك الترابُ الأحمرُ

  • وحَلَلْتَ مَرْتاً لا يزورُك زُوَّرُ

  • فلقد جزعتُ على فراقك بعدما

  • ظنُّوا بأنّي عنكَ جَهْلاً أصبِرُ

  • فالنّارُ في جَنْبَيَّ يوقدُها الأسَى

  • و الماءُ من عينيَّ حزناً يقطرُ

  • كم في الترابِ لنا محياً مشرقٌ

  • بيدِ المَواحي أو جبينُ أزهرُ

  • ومرفَّعٌ فوقَ الرِّجالِ جلالة ً

  • و متوجٌ ومطوقٌ ومسورُ

  • أعيتْ على طلبِ الرَّدى نُجُبُ السُّرى

  • وخُطا المَهارَى والجيادُ الضُّمَّرُ

  • و مضى الأنامُ تكنهمْ آجالهمْ

  • فمغصَّصٌ ومنغَّصٌ ومُحَسَّرُ

  • و مخالسٌ ما كان يحذر هلكه

  • و متاركٌ ومقدمٌ ومؤخرُ

  • و كأنهمْ بيد الحمامِ يلفهمْ

  • عصفٌ تصفقهُ خريقٌ صرصرُ

  • و مواطنٌ لترنمٍ وتنعمٍ

  • و مواطنٌ فيها الزوافر تزفرُ

  • لو كان في خلدٍ لحيًّ مطمعٌ

  • فيها وروادِ المنية ِ مزجرُ

  • لنجا المنونَ مغامرٌ في حومة ٍ

  • وخطا المنيَّة َ في العرين القَسْوَرُ

  • و لسدّ طرقَ الموتِ عن أبوابه

  • كسرى وحادَ عن المنيَّة ِ قيصَرُ

  • ولكانَ مَن وُلدتْ نِزَارٌ في حمًى

  • منهُ ودفّاعُ العظيمة ِ حِمْيَرُ

  • ولمَا مضَى طَوعَ الرَّدى مُتكبِّرٌ

  • سكن القلاعَ ولا مضى متجبرُ

  • و لما خلا عن أهله ووفودهِ

  • و ضيوفهِ فينا مكانٌ مقفرُ

  • فانظرْ بعينكَ هل تَرى فيما مضى

  • عنا وصار إلى الترابِ مخبرُ ؟

  • و لقد فقدتُ معاشراً ومعاشراً

  • ويسرُّني أنْ لم يكنْ ليَ معشَرُ

  • و اشتطّ روادُ الحمامِ عليَّ في

  • أهلي وقومي فانتقَوْا وتَخيَّروا

  • فمجدلٌ وسطَ الأسنة ِ بالقنا

  • و يمينه فيها حسامٌ يشهرُ

  • و معصفرٌ أثوابهَ طعنُ القنا

  • ما كان يوماً للباسِ يعصفرُ

  • و مقطرٌ لولا القضاءُ تقطرتْ

  • فينا النجومُ ولم يكن يتقطرُ

  • و معفرٌ دخل السنانُ فؤاده

  • ما كانَ يألفُه الترابُ الأحمرُ

  • و الذاهبون من الذين ترحلوا

  • ممَّنْ أقامَ ولم يَفُتْني أكثرُ

  • خذْ بالبنانِ من الحياة فإنما

  • هو عارضٌ متكشفٌ متحسرُ

  • و دعِ الكثيرَ فإنما لهمومهِ

  • جمعَ النُّضارَ إلى النُّضارِ مُبَدِّرُ

  • وكأَنَّما ظلُّ الحياة ِ على الفتى

  • ظِلٌّ أتاهُ في الهجيرِ مُهجِّرُ

  • ما للفتى في الدهر يومٌ أبيضٌ

  • ووراءَهُ بالرُّغم موتٌ أحمرُ

  • ولِمنْ تراهُ ساكناً في قصرهِ

  • متنعِّماً هذي الحفائرُ تُحفرُ

  • وعلى أبي الفتحِ الّذي قنصَ الرَّدى

  • ماءُ الأسى من مقلتي يتحدرُ

  • قد كانَ لي منه أنيسٌ مُبهِجٌ

  • فالآنَ لي منه وَعوظٌ مُذْكِرُ

  • إنْ لم يكن مِن عُنصري وأُرومتي

  • فلحُرمة ِ الآدابِ فينا عنصرُ

  • أو لم تكنْ للعُربِ فيك ولادَة ٌ

  • فالمعربون كلامهمْ بك بصروا

  • " ما ضرّ " شيئاً من نمته أعاجمٌ

  • و لديه آدابُ الأعاربُ تسطرُ

  • و لكمْ لنا عربُ الأصولِ تراهمُ

  • عمياً عن الإعرابِ لم يستبصروا

  • و لقد حذرتُ من التفرق بيننا

  • شحاً عليك فجاءني ما أحذرُ

  • وذخرتُ منكَ على الزّمانِ نفيسة ً

  • لو كان يُبقى للفتَى مايَذخَرُ

  • ونَفضتُ بعدكَ راحتي من معشرٍ

  • لو سابقوك إلى الفضيلة ِ قصروا

  • فمتى حَزِنتُ عُذِرتُ فيك على الأسى

  • وإذا سَلوتُ فإنَّني لا أُعذَرُ

  • و الغدرُ سلوانُ الفتى " لحميمهِ "

  • بعدَ الحِمامِ وليس مِثليَ يغدُرُ

  • ولقد رأيتُكَ مُطفئاً من لوعتي

  • و الحزن يملي منه ما أنا أسطرُ

  • فافخرْ بها مَيْتاً فكم لمعاشرٍ

  • من بعد أن قبروا بقبر مفخرُ

  • كَلِماً يُعِرْنَ الشِّيبَ أردية َ الصِّبا

  • فكأنهمْ طرباً بها لم يكبروا

  • وتراهُ طَلاَّعاً لكلِّ ثَنيَّة ٍ

  • يسري بأفواه الورى ويسيرُ

  • يصفو بلا كدرٍ يشنين صفاءه

  • والشِّعرُ يصفو تارة ً ويُكدَّرُ

  • و كأنه في ليلِ أقوالٍ مضتْ

  • قمرٌ بدا وسْطَ الدُّجُنَّة ِ أنورُ

  • فإليه منا كلُّ طرفٍ ناظرٌ

  • وعليه مِنّا كلُّ جِيدٍ أصْوَرُ

  • وسقاكَ ربُّك ماءَ كلِّ سحابة ٍ

  • تهمى إذا ونتِ الغيوم وتمطرُ

  • و إذا طوتْ عنك العداة ُ كنهوراً

  • وافى ترابك بالعشيّ كنهورُ

  • وكأنَّه والبَرقُ ملتمعٌ بهِ

  • بردٌ على أيدي الرياحِ محبرُ

  • ومتى ذهبتَ بزلَّة ٍ فإلى الّذي

  • يمحو جرائر من يشاء ويغفرُ



أعمال أخرى الشريف المرتضى



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟