الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري >>
قصائدالشريف المرتضى
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
الشريف المرتضى
- أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
- ونحنُ جميعاً هاجعون على الغَمْرِ
- تعجَّبتُ منه كيفَ أَمَّ رِكابَنا
- وأرحُلَنا بينَ الرِّحال وما يَدْري
- و كيف اهتدى والقاعُ بيني وبينه
- و لماعة ُ القطرين مناعة ُ القطرِ ؟
- و أفضى إلى شعثِ الحقائب عرسوا
- على منزلٍ وَعْرٍ ودَوِّيَّة ٍ قَفْرِ
- وقومٍ لَقُوا أعضادَ كلِّ طَليحة ٍ
- بهامٍ مَلاهُنَّ النُّعاس منَ السُّكْرِ
- سروا وسماكُ الرمح فوق رؤسهمْ
- فما هوموا إلاَّ على " وقعة " النسرِ
- وباتَ ضجيعاً لي ونحنُ منَ الكرى
- كأنا تروينا العتيقُ من الخمرِ
- أضمّ عليه ساعديَّ " إلى " الحشا
- وأَفرشُهُ مابينَ سَحْري إلى نَحري
- تمنَّيتُهُ والليلُ سارٍ بشخصِهِ
- إلى مَضجعي حتَّى التَقيْنا على قَدْرِ
- و بيضٍ لواهنَّ المشيبُ عن الهوى
- فأَنْزَرْنَ من وصْلي وأوسَعْنَ مِن هَجْري
- و ألزمنني ذنبَ المشيب كأنني
- جَفَتْهُ يدايَ عامداً، لا يدُ الدَّهرِ
- أَمِنْ شَعَراتٍ حُلنَ بيضاً بمَفْرَقي
- ظَنَنتنَّ ضَعْفي أو أَيِسْتُنَّ من عُمري
- محاكنَّ ربي إنما الشيبُ قسمة ٌ
- لما فات من شرخِ الشبيبة من أمري
- سقى اللهُ أيَّامَ الشَّبيبة ِ رَيِّعاً
- ورَعْياً لعصرٍ بانَ عنِّيَ من عصرِ
- لياليَ لاتَعْدو جِماليَ مُنيَتي
- و لا ترددُ الحسناءُ نهيي ولا أمري
- وليلُ شبابي غاربُ النَّجم فاحمٌ
- ترى العينَ تسري فيه دهراً بلا فجرِ
- وإذ أنا في حُبِّ القلوب مُحكَّمٌ
- و أفئدة البيض الكواعب في أسري
- أَلا يابني فِهْرٍ شَكيَّة َ مُثقَلٍ
- منَ الغَيظِ مَلآنِ الضُّلوع منَ الوِتْرِ
- تسقونه في كلّ يومٍ وليلة ٍ
- بلا ظمأٍ كأس العداوة والغدرِ
- وأغضبكمْ ماطوَّلَ اللهُ في يدي
- وأعلاه مِن مَجْدي وأسناهُ مِن فَخْري
- و إنيَ ممنْ لا تحطُّ ركابهُ
- على البلد " النابي المجلهِ بالحسرِ "
- وإنَّ لساني عازبٌ قد علمتُمُ
- عن العورِ أن أجريهِ والمنطق الهجرِ
- وكمْ ساءَكمْ نفعي ولم يكُ منكُمُ
- وسَرَّكُمُ ما قيَّضَ الدَّهرُ من ضَرِّي
- و أرضاكمُ عسري وإن كان عسركمْ
- وأسْخَطكمْ يُسري وإن لم يكن يُسري
- و قد كنتُ أرجوكمْ لجبري فها أنا
- أخافُكُمُ طولَ الحياة ِ على كسري
- وكان لكم منِّي جَميعي فلم يزلْ
- قبيحكُمُ حتَّى زَوى عنكُمُ شَطري
- وغرَّكُمُ أنِّي غَمَرتُ عُقوقَكُمْ
- و أخفيته عن أعين الناس بالبرَّ
- أزملهُ في كلَّ يومٍ وليلة ٍ
- كما زَمَّلَ المقرورُ كشحَيْهِ في قُرِّ
- وأكظِمُهُ كَظْمَ الغريبة ِ داءَها
- و لولا اتساعي ضاق عن كظمهِ صدري
- وكيف أُرامي من ورائي عدوَّكمْ
- وفيكم ورائي مَن أخافُ على ظهري
- وأنَّى أُرجِّيكُمْ لبُرْءٍ جِراحتي
- و ما كان إلاَّ عن سهامكمُ عقري
- وأنِّي لأرضَى منكُمُ إنْ رضِيتُمُ
- بأن تبخلوا بالحلو عني وبالمرَّ
- وأنْ لاتكونوا للعدوِّ مخالباً
- إذا لم تكونوا يوم فريي بكم ظفري
- وهل فيكُمُ إلا امرؤٌ شاعَ ذكرُهُ
- لِما شاعَ مابينَ الخلائق من ذكري؟
- ومَن هو غُفْلٌ قبلَ وَسْمي وعاطلُ
- التَّرائب لولا دُرُّ نَظْميَ أو نثري
- و شنعاءَ جاءتْ من لسان سفيهكمْ
- تصاممتها عمداً وما بيَ من وقرِ
- و أعرضت عنها طاويَ الكشح دونها
- وطيُّ اليماني البرد أبقى على النشرِ
- رَعى اللهُ قوماً خلَّفوني عليكُمُ
- شددتُ بهمْ في كلّ معضلة ٍ أزري
- بطيئين عن سلمي ، فإن عزم العدا
- مُحاربتي كانوا سِراعاً إلى نَصري
- ولي دونَهمْ حقِّي وفوقَ ظهورِهمْ
- إذا عضَّني المكروهُ ثِقْليَ أو وِقْري
- صحبتهمُ أستنجد الكر فيهمُ
- و قد كنتُ في الأقوام مستنجداً صبري
- همُ أخصبوا مرعايَ فيهمْ ومسرحي
- و همْ آمنوا ما بين أظهرهمْ وكري
- وهم بَرَّدوا في النَّائباتِ جَوانحي
- و همْ تركوا ذنبي غنياً " عن " العذرِ
- و قد كنتُ ألقى فيهمُ كلَّ مترعٍ
- من الحسن معقولِ الأسرة ِ كالبدرِ
- أمين الخطا لم يسرِِ إلاّ إلى تقى
- و لا دبّ يوماً للأخلاء بالمكرِ
- تراهُ مليّاً والعَوالي تَنوشُه
- بأنْ يولج المجرَ العظيمَ " على المجرِ "
- و يمسى حديثُ القومِ عنه ويغتدي
- ذكياً ششذاهُ بينهمْ أرجَ النشرِ
- كأنهمُ شنتْ ثناهُ شفاههمْ
- يشنون في النادي سحيقاً من العطرِ
- مَضَوْا بَدَداً عنِّي وحلَّقَ بعدَهُمْ
- بما سَرَّني في العيش قادِمَتا نَسْرِ
- فلا أغمضُ العينين إلاّ على قذى
- و لا أقلب الجنبين إلاّ على جمرِ
المزيد...
العصور الأدبيه