الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها >>
قصائدالشريف المرتضى
ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها
الشريف المرتضى
- ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها
- و أنّ دموعي لست أملك ردها ؟
- تفيضُ على عينٍ مَرى الوجدُ ماءَها
- ولم تستطعْ أنْ يغلِبَ الصَّبرُ وجدَها
- غزيرة ُ أنواءِ الجفونِ كأنَّها
- تَناهتْ إلى بعضِ البِحار فمدَّها
- وقد كنتُ من قبلِ الفراقِ أهابُه
- كما هابَ ظلمانُ الصريمة ِ أسدها
- و أشفقُ مما لا محالة َ واقعٌ
- و هلْ للمنايا قادرٌ أن يردها ؟
- كأنيَ لما أنْ سمعتُ نعيها
- أناخَ على الأحشاءِ فارٍ فقَدَّها
- و لم أستطعْ في رزئها عطَّ مهجتي
- و أجللتهُ عن أنْ أمزق بردها
- و مما شجاني أنني لم أجد لها
- على خبرتي شبئاً يهون فقدها
- و أنيَ لما أن قضى اللهُ هلكها
- على قلبيَ المحزونِ بُقِّيتُ بَعْدَها
- حَنى يومُها الغادي كهولَ عَشيرتي
- على جَلَدٍفيهمْ وشيَّبَ مُرْدَها
- و حطّ الرجالَ الشمَّ من كلَّ شامخٍ
- يلاقون بالأيدي من الأرض جلدها
- و قلص عنها العزّ ما فدحتْ به
- فتحسبُ مولاها من الذلَّ عبدها
- فكم كبدٍ حرى تقطع حسرة ً
- وكم عبرة ٍ قد أقرحَ الدَّمعُ خَدَّها
- حرامٌ - وقد غيبتِ - عنيَ أن أرى
- منَ الخلقِ إلاَّ نظرة ً لن أودَّها
- و سيانِ عندي أنْ حبتني خربدة ٌ
- بوصلٍ يرجى أو " حبتني " صدها
- وهيهاتَ أنْ أُلْفى أُرقِّحُ صَرْمَة ً
- وأطلبَ من دارِ المعيشة ِ رَغْدَها
- ومن أينَ لي في غيرِها عِوَضٌ بها
- وقد أحرزتْ سُبْلَ الفضائلِ وحدَها؟
- أُسامُ التسلِّي وهْوَ عنِّي بمعزلٍ
- وكيف تُسامُ النَّفْسُ ما ليسَ عندَها؟
- وبينَ ضُلوعي يا عذولُ نوافذٌ
- أبى العذلُ والتأنيبُ لي أنْ يسدها
- و ودي بأنَّ الله يومَ اخترامها
- تخرَّمَ من جنبيَّ ما حازَ وُدَّها
- وإنِّيَ لمّا غالها الموتُ غالني
- فبعدًا لنفسي إذْ قضَى اللهُ بُعدَها
- أفي كلَّ يومٍ أيها الدهرُ نكبة ٌ
- تكدُّ حيازيمي فأحملُ كدَّها؟
- بلغتُ أشُدِّي، لا بلغتُ وجزتُهُ
- وأعجلتَها مِن أنْ تجوزَ أشُدَّها
- ففزتُ بأَسْنَى ما حَوَتْهُ رَواجِبي
- و جاوزت في أمَّ المصيباتِ حدها
- فيا قلبُ لمْ أنتُ الجليدُ كأنما
- تحادثك الأطماعُ أنْ تستردها ؟
- و ما كنتُ أهوى أنك اليومَ صابرٌ
- ويدعوك فتيانُ العشيرة ِ جَلْدَها
- أليس فراقاً لا تلاقيَ بعده
- وغَيبة َ سَفْرٍ لا يُرجّون وفْدَها؟
- أَلا فالبسِ الأحزانَ لِبسة َ قانعٍ
- بأثوابه لا يبتغي أن يجدها
- وصمَّ عنِ المُغْرينَ بالصَّبرِ، إنَّهمْ
- يُطَفّون نارًا ألْهبَ اللهُ وقْدَها
- و قبلكَ ما نال الزمانُ معلقاً
- بأجبالِ رضوى " يرتعي ثمّ مردها "
- " تواعدَ " في شماءَ يرقبُ مزنة ً
- تصوبُ عليه أعذبَ اللهُ وردها
- وتلقاهُ خُلْوًا لا يطالعُ رِيبة ً
- و لا يتقي خطءَ الليالي وعمدها
- و داءُ الردى أفنى ظباءَ سويقة ٍ
- وطَيَّرَ عن أجزاعِ تَدْمُرَ رُبْدَها
- و أفضى إلى حجبِ الملوكِ ولم يخفْ
- " شباها " ولم يرقبْ هنالك حشدها
- يسير إليها كلَّ يومٍ وليلة ٍ
- على مهلٍ منه فبيسبقُ شَدَّها
- وكم عُصبة ٍ باتتْ بظلِّ سَعادة ٍ
- تخطفها " أو " أولج النحسَ سعدها
- وهدَّمها مَنْ كان شادَ بناءَها
- و جردها من كان أحكمَ غمدها
- سلامٌ على أرضِ الطفوف ورحمة ٌ
- مَرى اللهُ سُقياها وأضرمَ زَنْدَها
- ولا عَدِمتْ في كلِّ يومٍ وليلة ٍ
- حفائرُها من جنَّة ِ اللهِ رِفْدَها
- فكمْ ثَمَّ من أشلاءِ قومٍ أعدَّها
- ليعطيَها ما تَبْتَغي مَنْ أعدَّها
- و للهِ منها حفرة ٌ جئتُ طائعاً
- فأودعتُ ديني ثمَّ دنيايَ لحدها
- و وليتُ عنها أنفضُ التربَ عن يدٍ
- نفضتُ ترابَ القبرِ عنها وزَندَها
- و لم يسلني شيءٌ سوى أنّ جارتي
- قضى الله بعدي أن تجاور جدها
- وإنِّيَ لمّا أنْ شققْتُ ضَريحَها
- إزاءَ شهيدِ الله أنجزتُ وعْدَها
- وكيفَ تخافُ السَّوءَ يومَ حِسابِها
- و قد جعلتْ من أجندِ اللهِ جندها ؟
- وتمسِكُ في يومِ القيامة ِ منهمُ
- بحُجْزَة ِ قومٍ لا يُبالونَ حدَّها
- يَقونَ الّذي والاهُمُ اليومَ حَرَّها
- ويُعطونَه عَفْوًا كما شاءَ بَرْدَها
المزيد...
العصور الأدبيه