الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا >>
قصائدالشريف المرتضى
ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا
الشريف المرتضى
- ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا
- فلستُ ألوامُ اليومَ بعدك " باكيا "
- ولو كنتُ لا أخشَى دموعاً غزيرة ً
- تنُمُّ على ما بي كتَمْتُك ما بِيا
- وغيرُ لساني ناطقٌ بسريرتي
- فلم ينجنى أنّى ملكتُ لسانيا
- أعِنِّي على شَجْوي بشجوٍ مُضاعفٍ
- ولا تُدِنني قلباً منَ الحزنِ خاليا
- ولا تسلنى عمّنْ رزئتُ وإنْ تردْ
- مساعفتى فى " الرّزءِ لم تك " ساليا
- إذا صاحبي أَضحى وبي مثلُ ما بهِ
- غداة َ تلاقينا أطلنا التّشاكيا
- يلوم المعافى وهو خلوٌ من الأذى
- ولم يَعْنِهِ من أمرهِ ما عنانِيا
- ولو كان ما بى من هوى لمحجّبٍ
- أقام على هجرى أطعتُ اللّواحيا
- وَهمٌّ عراني من أخٍ عَصَفَتْ به
- صروفُ اللّيالى ليته ما عرانيا
- فقرّبَ منّى كلَّ ما كان شاحطاً
- وبعّد منّى كلَّ ما كان دانيا
- وقلتُ لمنْ ألقى إلى َّ نعيّهُ
- على الكرهِ منّى : لا أباً لك ناعيا
- هَتَفْتَ إلى قلبي بفقدِ محمَّدٍ
- فغادرتَ أيّامى على َّ لياليا
- ولمّا تباكينا عليه وعُرِّيَتْ
- طماعتنا منه شأوتُ البواكيا
- فقلْ لأناسٍ أمكنوا من أديمهمْ
- بما رَكبوا منه هناك العواريا:
- خذوها كما شاء العقوقُ " عضيهة ً "
- وجرّوا بها حتّى المماتِ المخازيا
- ولا ترحضوها بالمعاذير عنكمُ
- فلنْ تُخفيَ الأقوالَ ما كانَ باديا
- " ألؤماً " مبيناً للعيون وأنتمُ
- تعدّون " عرقاً " فى " الأكارم " خافيا ؟
- فلو كنتُمُ منه كما قيلَ فيكمُ
- لكفكفتمُ عنه سيوفاً نوابيا
- خطَوْتُمْ إليه بالحِمامِ ذِمامَكمْ
- فأنّى ولم تخطوا إليه العواليا ؟
- أفى الحقّ أنْ تعدوا عليه " ولم يكنْ "
- على مثلكمْ - ما غدرَ النّاسُ - عاديا
- فما نفعُكمْ إنْ نِلتُمُ منه غِيلَة ً
- وما ضَرَّه أنْ زَلَّ في التُّرْبِ هاويا
- فَتكْتُمْ به غَدْراً فألاّ وكفُّهُ
- تقلّبُ مسنونَ الغرارينِ ماضيا ؟
- على قارحٍ مثلِ العلاة ِ وتارة ً
- تراهُ كسِرْحانِ البسيطة ِ عادِيا
- ملكتمْ عليه مِنَّة ً لو نهضتُمُ
- إلى كسبها نلتمْ بذاك الأمانيا
- ولكنّكمْ ضيّعتموه شقاوة ً
- فكنتُمْ كمُهرِيقِ الإداوة ِ صادِيا
- وهوَّن وَجْدي أنَّ قتلاً أراحَهُ
- ولم يتحمّلْ للّئامِ الأياديا "
- فيا ليتَ أنّي يومَ ذاك شَهِدتُهُ
- فدافعتُ عنه باليدينِ الأعاديا
- وروَّيتُ من ماءِ التّرائبِ والطُّلى
- من الغادرين صعدتى وسنانيا
- بني مَزْيَدٍ لاتقتلوا بأخيكُمُ
- منَ القومِ خَوّارَ الأنابيبِ خاويا
- وإنْ تثْأَروا فالثّأْرُ بالحيِّ كلِّهِ
- وما ذاك من داءِ الرَّزيَّة ِ شافيا
- ألا قوّضوا تلك الخيامَ على الرّبا
- وكبّوا جفاناً للقرى ومقاريا
- وجُزّوا رقابَ الخيلِ حولَ قبابهِ
- فلستُ براضٍ أنْ تجزّوا النّواصيا
- وحثّوا عويلَ النّادباتِ وأبرزوا
- إليهنّ عُوناً منكمُ وعَذارِيا
- ولا تسكنوا تلك المغانى َ بعده
- " فقد أوحشتَ تلك المغانى مغانيا "
- ولولا الذي أبقَى لنا اللَّهُ بعدَهُ
- بمَثْوَى عَليِّ لافتقدنا المعاليا
- " هوى " كوكبٌ والبدرُ فى الأفقِ طالعٌ
- فما ضَرَّ مُرتاداً ولاضَلَّ ساريا
- إذا طعنوا لزّوا الكلى فى نحورها
- وإن ضربوا قَدُّوا الطُلَى والتَّراقِيا
- بِداراً إلى السَّرحِ المُفْيءِ بقفرة ٍ
- فقد هاج راعى السّرحِ أسداً ضواريا
- ولا تَتَعمَّدْ جانيَ القومِ منهمُ
- فكلُّ امرىء ٍ فى الحى ِّ أصبح جانيا
- سقَى اللَّهُ قبراً حلَّ غربيَّ واسطٍ
- ولا زال من نوءِ السّماكين حاليا
- ولا برحتْ غرُّ السّحائبِ تربه
- تُنشِّرُ حَوْذاناً به وأقاحيا
- تعزَّ ابنَ حمدٍ فالمصائبُ جمّة ٌ
- يصبنَ عدوّاً أوْ يصبنَ مصافيا
- وهلْ نحنُ في الأيّامِ إلاّ معاشرٌ
- نُقضِّي دُيوناً أوْ نردُّ عواريا
- أجلْ فى الورى طرفاً فإنّك مبصرٌ
- قُبوراً مُثولاً أوْ دياراً خواليا
- وداءُ الرّدى فى النّاسِ أعيا دواءهُ
- فلا تشكُ داءً أوْ تصيبَ مداويا
- إذا شئتَ أنْ تَلْقَى مُنَى العيش كلِّه
- فكنْ بالذى يقضى به لله راضيا
- وكيفَ أُعاطيك العَزاءَ؟ وإنَّما
- مصابُك فيه يابنَ حَمْدٍ مُصابيا
- ولستُ أبالى من مضى من أصادقى
- إذا كنتَ لي ـ وُقِّيتُ فَقْدَك ـ باقيا
المزيد...
العصور الأدبيه