الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألا جنّبا قلبى الأذى لا يطيقهُ >>
قصائدالشريف المرتضى
ألا جنّبا قلبى الأذى لا يطيقهُ
الشريف المرتضى
- ألا جنّبا قلبى الأذى لا يطيقهُ
- وقولوا له إذ ضلَّ: أينَ طريقُهُ
- فما الشَّوقُ والأشجانُ إلاّ صَبوحُهُ
- وما الهمُّ والأحزانُ إلا غبوقهُ
- فإنْ أنتما لم تُسعداهُ بعبرة ٍ
- فلا تنكرا إن سحّ بالدّمعِ موقهُ
- طوَى الموتُ أهلي بعدَ طيِّ أصادِقي
- ولمّا يقمْ من بانَ عنه صديقهُ
- فثكلٌ على ثكلٍ ورزءٌ يسوقهُ
- إلى الكبدِ الحرّى عليه سؤوقهُ
- وما المرءُ إِلاّ عُرضة ٌ لمصيبة ٍ
- فطَوْراً بَنُوهُ ثمَّ طَوراً شَقيقُهُ
- وما الدّهرُ إلاّ ترحة ٌ بعد فرحة ٍ
- فلا كانَ منه بِرُّهُ وعقوقُهُ
- أتانى من الطّرّاقِ ما يقرحُ الحشا
- وكم طارقٍ لى لا يودُّ طروقهُ
- وقالوا : معزُّ الدّينِ تاه به الرّدى
- وسُدَّ به في وَسْطِ قاعٍ خُروقُهُ
- فألهبَ خوفاً ليس يخبو حريقهُ
- وأعقبَ سكراً ليس يَصْحو مُفيقُهُ
- وذال ذهابٌ ليس يدنو إيابهُ
- ووشكُ غروبٍ ليس يرجى شروقهُ
- كأنِّي وقد فارقتُهُ شِعْبُ منزلٍ
- تحمّل عنه راغمين فريقهُ
- وإلاّ فصديانٌ على ظهر قفرة ٍ
- وما ماؤه إلاّ السّرابُ وريقهُ
- فليس الذي تجري به العينُ ماؤها
- ولكنَّه ماءُ الحياة ِ أُريقُهُ
- فمنْ لسرير الملك يركبُ متنَهُ
- فيعلو به إشرافهُ وسموقهُ ؟
- ومَنْ لصفيحِ الهند يُنْثَرُ حولَه
- فديغُ رءوسٍ فى الوغى وفليقهُ ؟
- ومَنْ للقنا تحمرُّ منه ترائبُ
- كأنَّ خَلوقَ المعرساتِ خَلوقُهُ
- ومَنْ للجيادِ الضُّمَّرِ القُودِ قادَها
- إلى موقفٍ ؛ دحضُ المقامِ زليقهُ ؟
- ومَنْ يحملِ العِبْءَ الرَّزينَ تكرُّماً
- إذا كلَّ عن حملِ الثّقيلِ مطيقهُ ؟
- ومَنْ لثغور الملكِ يرتُقُ فتقَها
- إذا التاث ثَغْرٌ أو تراءَتْ فتوقُهُ
- فتى ً كان رنَّاتِ السُّيوفِ سَماعُهُ
- وفيضَ نجيعِ الذَّابلاتِ رحيقُهُ
- ولم تُلفِهِ إِلاّ وفوقَ فَقارِهِ
- جليلُ الذى يقتادنا ودقيقهُ
- وقد علم الأملاك أنك فتهم
- وإلا فقل من ذا الذي لا تفوته؟
- فإن نزلوا فى الفجر هضباً رفيعة ً
- فمنزلك الأعلى من الفخرِ نيقهُ
- وأنّك من قومٍ كفى الخطبَ بأسهمْ
- وقامتْ بهمْ في مُعظم الأمرِ سُوقُهُ
- إذا ما جرى منهم كريمٌ إلى ندًى
- مصى لم يعقهُ دونه ما يعوقهُ
- وفيهمْ شعابُ الملك تجرى وعندهمْ
- إذا وشجتْ أغصانهُ وعروقهُ
- وإن تنكص الأقدامُ جنباً فما لهمْ
- إلى المجد إلاّ شدّهُ وعنيقهُ
- قضى اللهُ لى من بعدك الحزنَ والأسى
- وليسَ بمردودٍ قضاءٌ يسوقُهُ
- وما كنتُ أخشى أنْ تبيتَ وبيننا
- بعيدُ المدى شَحْطُ المزارِ سحيقُهُ
- وأنِّيَ موفورٌ وأنتَ مُحَمَّلٌ
- بثِقْلِ الثَّرى ما لا أراك تُطيقُهُ
- يُفِيقُ الرّجالُ الشّاربونَ منَ الكَرى
- وسكرك من خمرِ الرَّدَى لا تُفيقُهُ
- ولِمْ لا أقيكَ السُّوءَ يوماً وطالما
- وقيتَ من الأمر الذّعاف مذوقهُ
- ولمّا عرانى ما عرانى َ والتوى
- عليَّ أخٌ فيما عرا وشقيقُهُ
- تشمّرتَ لى حتّى أضاء ظلامهُ
- وطاوع عاصيه وأرحبَ ضيقهُ
- فإنْ تمضِ فالأنواءُ تمضى وإنْ تغبْ
- فقد غابَ عنّا من زمانٍ أنيقُهُ
- وإن تَعْرَ منّا اليومَ فالغصنُ يُغتَدَى
- وريقاً زماناً ثمّ يعرى وريقهُ
- فما لفؤادى بعد يومك بهجة ٌ
- ولا شاقَ قلبي بعده ما يشوقُهُ
- ولا لسلوٍّ خطرة ٌ فى جوانحى
- ولا لجفوني طعمُ نومٍ أذوقُهُ
- سلامٌ على قبرٍ حَلَلْتَ ترابَه
- وهبَّ عليه من نسيمٍ رقيقُهُ
- ومن حوله وشى ُ الرّياض منشّرٌ
- وفيه من المسك الذّكى ّ فتيقهُ
- فإنْ ضاقت الأرضُ الفضا بعد فقده
- فقد وسِعَتْه تربة ٌ لا تضيقُهُ
- مَررنا عليه منشئينَ لقبرهِ
- غمامَ دموعٍ والحنينُ يسوقُهُ
- ومن قلّة ِ الإنصافِ عيشى َ بعده
- وفى الكفّ منّى لو أردتُ لحوقهُ
المزيد...
العصور الأدبيه