الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي >>
قصائدالشريف المرتضى
أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
الشريف المرتضى
- أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
- وَدَعْنِيَ ظمآناً ففي غيرها نَحْبِي
- وإنْ كنتَ تَبغي بالمُدامة ِ نشوة ً
- "فعندِيَ" ما يُوفِي على نشوة ِ الضَّربِ
- أَبْيَتُ الهوَى دهرًا، ولمَّا عرفتُه
- عرفتُ مطاعَ الأمرِ مُغتَفَر الذّنبِ
- وهيَّمَ إطرابَ الفؤادِ أوانِسٌ
- خَلَصْنَ إلى ذاك الممنَّعِ من حُبِّي
- عَلَوْنَ النَّقا يوماً بأوفى من النّقا
- ولُثْنَ على أبهَى منَ العَصْبِ بالعَصْبِ
- ونادَمْنَنا وهْنًا بمنعَرَجِ اللِّوى
- فضوَّأْنَ للسّارينَ داجِنَة َ السَّهْبِ
- وعانقْنَ قُضباناً من الرَّندِ مرّة ً
- بأيدٍ سِباطٍ هنَّ أندى منَ القَضْبِ
- وناعمة ِ الأطرافِ حلّ ودادُها
- مكانَ شَغافِ القلبِ من حبّة ِ القلبِ
- دعاني قبولٌ خَلَّفَتْهُ إلى الصّبا
- وما كلُّ مَن تَمَّتْ محاسنُهُ يُصْبي
- خُلِقتُ كما شاءَ الصَّديقُ مُحكِّمًا
- عليَّ خليلي نازلاً في هوى صَحْبي
- وذمَّ رجالٌ أنَّني غيرُ مُعْجَبٍ
- فيا عَجَبًا ماذا يفيدهُمُ عُجْبي؟
- "ولو" أنّني أزهى بشيءٍ مُنِحْتُه
- زهيتُ بفخرِ الملكِ في العُجْم والعُرْبِ
- حياتيَ منه بالمحلّ الذي به
- يُحَسِّدُني قَومي ويِغبطُني شَعْبي
- وأَرْكَبني أثباجَ كلّ فضيلة ٍ
- مُمَنَّعَة ِ الأرجاءِ محميَّة ِ الغَرْبِ
- ففي خُلقِهِ ذاك المُفَسَّحِ مَرتعي
- ومِنْ لفظهِ ذاك المشرِّفُ لي عُشبي
- وكم جهدَ الأعداءُ فيما يسوؤني
- فما خوّفوا أََمْني ولا ذَعْذَعوا سِرْبي
- رضينا عن الدُّنيا وأنتَ تركتَنا
- بلا سَخَطٍ في ذا الزَّمانِ ولا عَتْبِ
- وجُدْتَ ولم تُسْألْ بكلِّ نفيسة ٍ
- وقبلك قومٌ لا يدرّون بالعَصْبِ
- شربنا أُجاجاً مِنْهُمُ وتنازحوا
- عنِ الموردِ المورودِ والمنهلِ
- وما نِلْتَهُ إلاّ بحقٍّ أتيتَهُ
- وكم نيلَتْ العظمى من الأمر بالغصْبِ
- حلفتُ بمن ضحَّتْ مِنًى يومَ نحرِهمْ
- وما عرقوا من أُمِّ سَقْبٍ ومن سَقْبِ
- وبالنّفرِ الثّانين عُقْلَ رِكابِهِمْ
- على عَرَفاتٍ يَبتغون رِضا الرَّبِّ
- لقد نالَ فخرُ الملك ما شاءَ من عُلاً
- حَلَلْنَ على أعلى محلِّ منَ السُّحْبِ
- فتى ً لم يزلْ يغدو بِعرْضٍ مُمَنَّعٍ
- ومالٍ مُذال لا يُفيقُ منَ النَّهْبِ
- ولم يرضَ سهلَ الأمرِ يرطبُ مسُّه
- ولم تلْقَهُ إلاّ على مركبٍ صَعْبِ
- ورام مداه المُترفون وإنّما
- يَرومون ما رامَ الوِهادُ منَ الهَضْبِ
- فللّهِ أيّامٌ مَضَين قطعتَها
- بلا سَأَمٍ منها على ضُمَّرٍ قُبِّ
- ولا ظِلَّ إلاَّ ما تُفيءُ لك القَنا
- ولا زادَ إلاَّ نُجعة ُ الطَّعنِ والضَّربِ
- تصول بعضْبٍ في يديك وخلفَه
- من الرأْي ما أمضى وأقضى من العَضْبِ
- فصفْوُكَ لا يُبلى بشيءٍ من القذى
- وخِصْبُكَ لا يُمنى بشيءٍ من الجَدْبِ
- وطاولتَ أعماراً طِوالاً فطُلتَها
- وأربيتَ حتى نِلتَ ما لم ينلْ مُربِ
- ولا زال هذا العيد يتلوه مثلُهُ
- تعاقُبَ أنواءِ السّحابِ على التُّربِ
- ألا مَنْ معيني مِن خليلٍ أَعدُّهُ
- على شكرِ نعماءٍ أَتَتْني بلا كسْبِ؟
- تجشَّم خيرُ الناس طُرًّا عِيادتي
- فجاءَ بما حَسْبي به شَرفًا حَسبي
- ولم يَعرفوا شُكرًا لها ولربِّها
- فلم يُعْلمونا كيف نشكرُ في الكُتْبِ؟
- فإنْ أَعْيَ عن شكرٍ لها من صنيعة ٍ
- فذلك من ذنبِ البلاغة ِ لا ذَنبي
المزيد...
العصور الأدبيه