الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف الرضي >> نَخْطُو وَمَا خَطوُنا إلاّ إلى الأجَلِ >>
قصائدالشريف الرضي
نَخْطُو وَمَا خَطوُنا إلاّ إلى الأجَلِ
الشريف الرضي
- نَخْطُو وَمَا خَطوُنا إلاّ إلى الأجَلِ
- وننقضي وكأَن العمر لم يُطل
- وَالعَيشُ يُؤذِنُنَا بالمَوْتِ أوّلُهُ
- وَنَحنُ نَرْغَبُ في الأيّامِ وَالدّوَلِ
- يأتي الحمام فينسى المرء منيته
- وَأعضَلُ الدّاءِ ما يُلهي عَنِ الأمَلِ
- ترخي النوائب من أعمارنا طرفاً
- فنستعز وقد أمسكن بالطول
- لا تَحسَبِ العَيشَ ذا طُولٍ فتركبَه
- يا قُرْبَ ما بَينَ عُنقِ اليَوْمِ وَالكَفَلِ
- نروغ عن طلب الدنيا وتطلبنا
- مدى الزمان بأرماح من الأجلِ
- سلّى عن العيش أنّا لا ندوم له
- وهوَّنَ الموت ما نلقى من العلل
- تدعو المنون جباناً لا عناء له
- مخلاَّءً عن ظهور الخيل والإبل
- ويسلم البطل الموفي بسابحة
- مشيا على البيض والأشلاءِ والقلل
- يقودني الموت من داري فأتبعه
- وقد هزمت بأطراف القنا الذبل
- وَالمَرْءُ يَطْلُبُهُ حَتْفٌ، فيُدرِكُهُ
- وقد نجا من قراع البيض والأسل
- لَيسَ الفَنَاءُ بِمَأمُونٍ عَلى أحَدٍ
- وَلا البَقَاءُ بِمَقْصُورٍ عَلى رَجُلِ
- يبكي الفتى وكلام الناس يأخذه
- وَالدّمعُ يَسرَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
- وَفي الجُفُونِ دُمُوعٌ غَيرُ فائضَة ٍ
- وفي القلوب غرام غير متصل
- تعز ما اسطعت فالدنيا مفارقة
- والعمر يُعنِقُ والمغرور في شغل
- ولا تشكَّ زمانا أنت في يده
- رَهْنٌ فَما لكَ بالأقدارِ مِنْ قِبَلِ
- عاد الحمام لأخرى بعد ماضية
- حَتّى سَقَاكَ الأسى عَلاًّ على نَهَلِ
- من مات لم يلق من يحيا يلائمه
- فكن بكل مصاب غير محتفل
- وَكُلُّ بَاكٍ عَلى شَيْءٍ يُفَارِقُهُ
- قَسراً، فيَقتَصُّ من ضِحكٍ وَمن جذلِ
- ما أقرب الوجد من قلب ومن كبد
- وَأبعَدَ الأنسَ مِنْ دارٍ وَمن طَلَلِ
- العَقلُ أبلَغُ مَنْ عَزّاكَ من جَزَعٍ
- وَالصّبرُ أذْهَبُ بالبَلْوَى مِنَ الأجَلِ
- سقى الإله تراباً ضم أعظمها
- مجلل الودق جروراً على القلل
- ولا يزال على قبر تضمنها
- بَرْقاً يَشُقّ جُيوبَ العارِضِ الهَطِلِ
- وَكُلّما اجتَازَ رَيْعَانُ النّسِيمِ بِهِ
- لم يوقظ الترب من مشي على مهل
- يا أرْضُ! ما العذرُ في شخصٍ عصَفتِ به
- بين الأقارب والعواد والخول
- أرَدْتِ أنْ تَحجُبَ البَيداءُ طَلعَتَهُ
- ألمْ يكُنْ قَبلُ محجوباً عَنِ المُقَلِ؟
- جسم تفرد بالأكفان يجعلها
- مذ طلق العمر ابدالاً من الحلل
- وغرة كضياء البدر لامعة ٌ
- صار التراب بها أولى من الكلل
- شَرُّ اللّبَاسِ لِبَاسٌ لا نُزُوعَ لَهُ
- والقبر منزل جارٍ غير منتقل
- للموت من قعدت عنه ركائبه
- وَمَن سرَى في ظُهورِ الأينُقِ البُزُلِ
- ما يُدفع الموت عن بخل ولا كرم
- وَلا جَبَانٍ وَلا غَمرٍ وَلا بَطَلِ
- وما تغافلت الأقدار عن أحد
- ولا تشاغلت الأيام عن أجل
- لنا بما ينقضي من عمرنا شُغُلٌ
- وَكُلُّنَا عَلِقُ الأحشَاءِ بالغَزَلِ
- وَنَستَلِذُّ الأمَاني، وَهيَ مُرْوِيَة ٌ
- كَشَارِبِ السّمّ مَمزُوجاً معَ العَسَلِ
- نؤمل الخلد والأيام ماضية
- وَبَعْضُ آمَالِنَا ضَرْبٌ من الخَطَلِ
- وحسب مثلي من الدنيا غضارتها
- وَقَدْ رَضِينا مِنَ الحَسْنَاءِ بالقُبَلِ
- هَذا العَزَاءُ وَإنْ تَحزَنْ فلا عَجَبٌ
- إن البكاءَ بقدر الحادث الجلل
- وَكَيْفَ نَعْذُلُ مَنْ يَبكي لِمَيّتِهِ
- وَنَحْنُ نَبْكي عَلى أيّامِنَا الأُوَلِ
المزيد...
العصور الأدبيه