الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> السري الرفاء >> شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارٌ >>
قصائدالسري الرفاء
شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارٌ
السري الرفاء
- شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارٌ
- و أيامُ الصِّبا أبداً قِصارُ
- طوَى الدَّهْرُ الجديدَ من التَّصابي
- و ليسَلِمَا طوى الدَّهرُانتشارُ
- و لم نُعْطَ المُنى في القُرْبِ منه
- فكَيفَ بهاو قد شَطَّ المَزارُ
- صدودٌ في التَّقارُبِ واجتنابٌ
- و شوقٌ في التَّباعُدِ وادِّكارُ
- يَطولُإذا تَقاصَرَتِ اللَّيالي
- و يقرُبُإنْ تباعَدَتِ الدِّيارُ
- لَحى اللَّهُ العِراقَ وساكِنيهِ
- فما للحُرِّ بينَهُمُ قَرارُ
- و جادَ المَوصِلَ الغَرَّاءَ غَيْثٌ
- يَجودُو للبروقِ به انسفارُ
- كما انهلَّتْ مَدامِعُ مُستَهامٍ
- تلهَّبُ منه في الأحشاءِ نارُ
- ففي أيامِها حَسُنَ التَّصابي ؛
- و في أفيائِها خُلِعَ العِذارُ
- لياليَ كان لي في كلِّ يومٍ
- إلى الحاناتِ حَجٌّ واعتمارُ
- فعَنْ ذِكرِ القيامَة ِ بي صُدودٌ ؛
- و عن ساحِ المساجدِ بي نِفارُ
- و لي خِدْنانِ همُّهما المعالي
- و شأنُهما السَّكينة ُ والوَقارُ
- و ساقٍ تَضحَكُ الدُّنيا إليه
- إذا ضَحِكَتْ بِكَفَّيْهِ العُقارُ
- يَطوفُ بهاو قد حَمَلَتْ حَباباً
- كما حملَ السَّقيطَ الجُلَّنارُ
- كأنَّ الشَّرْبَ ينتهبونَ ناراً
- لها لَهَبٌو ليس لها شَرارُ
- رأى الدهرُ اجتماعَ الشَّمْلِ مِنّا
- فشتَّتَهو للدَّهرِ الخِيارُ
- و بَدَّلَني بأخدانِ المعالي
- أُناساً فِعلُهُم شَيْنٌ وعَارُ
- مَسَاجِبُ لستُ أغشاهُمو لا لي
- من الأيامِ بينَهُمُ انتصارُ
- هم شجرٌ من التمويهِ أكدَى
- فلا ظِلٌّ لدَيْهِو لا ثِمارُ
- فمغبوطٌو ليسَ له عَشاءٌ ؛
- و مَحسودٌو ليس له دِثارُ
- و مقصورُ النَّدى قَصُرَتْ يَداه
- فلا نَفعٌ لَدَيْهِو لا ضِرارُ
- و معتصِبٌ بتاجِ المُلكِ فيهِ
- إلى مَنْ رامَ نائلَهُ افتقارُ
- أسيرٌ في يدِ الأيامِ راضٍ
- بما يجري به الفلَكُ المُدارُ
- إذا حكَمَ العبيدُ عليه فاضَتْ
- لفَرْطِ الذُّلِّأدمُعُه الغِزارُ
- فما يَخْشى سَطاهالدهرَ جانٍ ؛
- و لا يَرجو نَداهالدهرَجارُ
- أَأَقعُدُ بالعراقِ أسيرَ دَهْرٍ
- غريباً لا أزورُ ولا أُزارُ
- و في غَربيِّ دِجلة َ لي محلٌّ
- جِوارُ المَكرُماتِ له جِوارُ
- و سيِّدُ مَعشَرٍ كَرُموا وسادوا
- يُجيرُ على الخُطوبِ ويُستَجارُ
- يَهُزُّ على النوائبِ منه عَضباً
- حُساماًلا يُفَلُّ له غِرارُ
- له من جَوهَرِ الآدابِ حَلْيٌ
- و للأسيافِ حَلْيٌ مُستَعارُ
- تَشبَّهَ في الفِعالِ به أُناسٌ
- و أنَّى يُشبِهُ الشَّبهَ النُّضَارُ
- جلَتْ عَزَماتُه نُوَبَ اللَّيالي
- كما يجلو دُجى اللَّيلِ النَّهارُ
- و شادَ المجدَ بالأفضالِ حتَّى
- تناهَى في العُلوِّ به الفَخارُ
- فما فيه عن المعروفِ مَنعٌ ؛
- و لا فيه عن الحَمْدِ ازوِرارُ
المزيد...
العصور الأدبيه