قصائدالبوصيري



أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
البوصيري



  • أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ

  • مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ

  • أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍ

  • وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ

  • فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا

  • ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ

  • أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ

  • ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ

  • لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ

  • ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَ ِ

  • فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ

  • بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم

  • وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًى

  • مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ

  • نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني

  • والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ

  • يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً

  • منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ

  • عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ

  • عن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ

  • مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ

  • إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ

  • إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ

  • والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم

  • فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ

  • من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ

  • ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى

  • ضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ

  • لو كنتُ أَعْلَمُ أنِّي ما أوَقِّرُهُ

  • كتمتُ سِراً بدا لي منهُ بالكتمِ

  • من لي بِرَدِّ جماٍ من غوايتها

  • كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ

  • فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها

  • إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ

  • والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على

  • حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم

  • فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ

  • إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ

  • وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ

  • وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم

  • كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً

  • من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ

  • وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع

  • فَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ

  • واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ

  • مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ

  • وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما

  • وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم

  • وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً

  • فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ

  • أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ

  • لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ

  • أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ

  • وما استقمتُ فماقولي لك استقمِ

  • ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ً

  • ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ

  • ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلى

  • أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم

  • وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى

  • تحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ

  • وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ

  • عن نفسهِ فأراها أيما شممِ

  • وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ

  • إنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ

  • وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ

  • لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ

  • محمدٌسيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْـ

  • ـينِ والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ

  • نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ

  • أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»

  • هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفاعَتُهُ

  • دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ

  • مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ

  • فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ

  • ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ

  • وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ

  • غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ

  • وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ

  • من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ

  • فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه

  • ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ

  • مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ

  • فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ

  • دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ

  • وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ

  • دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ

  • وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ

  • وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ

  • وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ

  • فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ

  • حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ

  • لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً

  • أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ

  • حرصاً علينا فلم نرتبْ ولم نهمِ

  • أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى

  • في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ

  • كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ

  • صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ

  • وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ

  • قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ

  • فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ

  • وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ

  • وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها

  • فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ

  • فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها

  • يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم

  • أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ

  • بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ

  • كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ

  • والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ

  • كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ

  • في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ

  • كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ

  • من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ

  • لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ

  • طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم

  • أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ

  • يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ

  • يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُ

  • قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ

  • وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ

  • كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ

  • والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ

  • عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ

  • وساء سلوة َ أن غاضتْ بحيرتها

  • ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ

  • كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ

  • حُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ

  • والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌ

  • والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم

  • عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ

  • تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم

  • مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ

  • بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ

  • وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ

  • منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ

  • حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ

  • من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ

  • كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ

  • أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي

  • نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما

  • نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ

  • جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً

  • تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ

  • كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ

  • فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ

  • مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ

  • تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي

  • أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ

  • مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ

  • ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم

  • وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي

  • فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما

  • وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ

  • ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على

  • خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم

  • وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ

  • من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ

  • ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُبهِ

  • إلاَّ ونلتُ جواراً منهُ لم يضمِ

  • ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ

  • إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ

  • لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ

  • قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ

  • وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ

  • فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ

  • تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ

  • وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ

  • كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ

  • وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ

  • وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ

  • حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ

  • بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها

  • سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ

  • دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ

  • ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ

  • فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ

  • وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ

  • فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى

  • ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ

  • آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ

  • قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم

  • لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا

  • عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ

  • دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ

  • مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ

  • مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ

  • لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ

  • ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ

  • أَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ

  • رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها

  • ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ

  • لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍ

  • وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ

  • فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها

  • ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ

  • قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له

  • لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ

  • إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى

  • أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّجمِ

  • كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به

  • مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ

  • وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً

  • فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ

  • لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها

  • تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ

  • قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ

  • ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم

  • ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ

  • سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ

  • وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ

  • وَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ

  • سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ

  • كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ

  • وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً

  • من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ

  • وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها

  • والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم

  • وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ

  • في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ

  • حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ

  • من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ

  • خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ

  • نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم

  • كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ

  • عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ

  • فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ

  • وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ

  • وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ

  • وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ

  • بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا

  • من العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ

  • لمَّادعا الله داعينا لطاعتهِ

  • بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ

  • راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ

  • كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ

  • ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ

  • حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم

  • ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ

  • أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ

  • تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها

  • ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ

  • كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ

  • بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم

  • يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍ

  • يرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ

  • من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ

  • يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم

  • حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ

  • مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم

  • مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ

  • وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ

  • هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ

  • ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم

  • وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً

  • فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم

  • المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت

  • من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ

  • وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ

  • أقلامهمْ حرفَجسمٍ غبرَ منعجمِ

  • شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ

  • والوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ

  • تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ

  • فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي

  • كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً

  • مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم

  • طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاً

  • فما تُفَرِّقُ بين البهمش والبُهمِ

  • ومن تكنْ برسول الله ونصرتُه

  • إن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ

  • ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ

  • بهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْعَجِمِ

  • أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ

  • كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم

  • كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ

  • فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ

  • كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ً

  • في الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ

  • خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ

  • ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم

  • إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ

  • كَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم

  • أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا

  • حصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ

  • فياخسارة َ نفسٍ في تجارتها

  • لم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ

  • وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ

  • يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ

  • إن آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقضٍ

  • فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي

  • مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ

  • إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي

  • فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ

  • حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ

  • أو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ

  • ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ

  • وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم

  • وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ

  • إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ

  • وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ

  • يدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ

  • يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُوذُ به

  • سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ

  • وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي

  • إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ

  • فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها

  • ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ

  • يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْ

  • إنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ

  • لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها

  • تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ

  • ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ

  • لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ

  • والطفْبعبدكَ في الدارينِإنَّ لهُ

  • صبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ

  • وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍ

  • على النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ



أعمال أخرى البوصيري



المزيد...

العصور الأدبيه



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط