الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البوصيري >> أريحُ الصبا هبتْ على زهرِ الربا >>
قصائدالبوصيري
أريحُ الصبا هبتْ على زهرِ الربا
البوصيري
- أريحُ الصبا هبتْ على زهرِ الربا
- فأصبح منها كل قطرٍ مطيبا
- أم الرَّاحُ أهْدَتْ للرِّياحِ خُمارَها
- فأشكرَ مسراها الوجودَ وطيبا
- ألَمْ تَرَني هِزَّ التَّصابي مَعاطِفي
- وراجَعَني ما راقَ مِنْ رَوْنَق الصِّبا
- فمن مخبري ماذا السرور الذي سرى
- فلا بد حتماً أن يكون له نبا
- فقالوا: أَعاد الله للناسِ فَخْرَهُمْ
- ولياً إلى كل القلوب محببا
- فقلت: أَفَخْرُ الدينِ عثمانُ؟ قال لي:
- بَلَى !؟ قُلْ له أهْلاً وَسَهْلاً ومَرْحبا
- وقال الوَرى لله دَرُّكَ قادِماً
- سُقينا به من رحمة الله صيبَّا
- ونادى منادٍ بينهم بقدومه
- فَرَهَّبَ منهم سامعين ورَغَّبا
- فأوسعهم فضلاً فآمن خائفاً
- وأنصفَ مظلوماً وأخصبَ مجدبا
- وقد أخَذَتْ منه البسيطة ُ زِينَة ً
- فَفَضَّضَ منها الزهرَ حَلْياً وذَهَّبا
- فيا فرحَة َ الدُّنْيا وَفرحَة َ أهلها
- بِيَومٍ له مِنْ وَجْهِ عثمانَ أعربا
- وشاهد منهُ صُورة ً يُوسُفِيَّة ً
- تباهَى بها في الحُسنِ وَالبَأْسِ مَوْكِبا
- مفوضُ أمرِ العالمين لرأيه
- فكان بهم أولى وأدرى وأذربا
- أعيدوا على أسماعِنا طيبَ ذِكْرِهِ
- لِيُطْفِيءَ وجْداً في القلوب تَلَهَّبا
- ولا تحجبوا الأبصار عن حسن وجهه
- فقد كان عنها بالبعاد محجبا
- وَلِيٌّ إذا ضاقتْ يَدِي وَذكَرْتُه
- مَلَكْتُ نِصَاباً أوْ تَوَلَّيْتُ مَنْصِبا
- تَوَسَّلْ به في كلِّ ما أنتَ طالبٌ
- فكم نلتُ منه بالتوسُّلِ مَطْلَبا
- وعِشْ آمِناً في جاهِهِ إنَّ جاهَهُ
- لقصَّاده راضَ الزمانَ وهذَّبا
- تَغَرَّبْتُ يَوْماً عَنْ بِلادي وزُرْتُه
- فنلت غنى ً ماناله من تغربا
- على أنني ما زِلْتُ مِنْ بَرَكاتِه
- غياً وفي نعممائه متقلبا
- فلا بد أنْ يَرضى عليه وَيَغْضَبا
- وكُنتُ لما لَمْ يَرْضَهُ مُتجنِّبا
- ولا كان دِيناري مِنَ النُّصح بَهرَجاً
- لديه ولا برقى من الودِّ خلبا
- أمولاي أنسيت الورى ذكرَمن مضى
- وأغنى نداك المادحين وأتعبا
- ولِي أدبٌ حُرٌّ أُحَرِّمُ بَيْعَه
- وما كان بيع الحرِّ للحُرِّ مذهبا
- وقد أهجرُ العذبَ الزلالَ على الصدى
- إذَا كَدَّرَتْ لي السَّمْهَرِيّة ُ مَشْرَبا
- وأنْصِبُ أحياناً شِباك قَناعَة ٍ
- أصيدُ بها نوناً وضباً وجندبا
- ومَهْما رآني شَاعِرٌ مُتَأَسِّدٌ
- تَذأبَ منها خِيفَة ً وتَثَعْلَبا
- أراقب من عاشرت منهم كأنني
- أراقبُ كلباً أو أراقبُ عقربا
- كأني إذَا أَهدِيهمُ عَنْ ضَلالِهِمْ
- أُبِصِّرُ أعمًى أوْ أُقَوِّمُ أَحْدَبا
- فلا بُورك المُسْتَخْدَمون عِصابَة ً
- فكم ظالمٍ منهم عليَّ تعصبا
- يَسُنُّ لَهُ ظُفْراً وناباً ومِخْلَبا
- يغالِطُني بعضُ النَّصارى جَهالة ً
- إذ أوجب الملغى وألغى الموجبا
- ومَا كانَ مَنْ عَدَّ الثَّلاثَة وَاحداً
- بأعلمَ مني بالحساب وأكتبا
- وما الحقُّ في أفواهِ قومٍ كأنها
- أوَانٍ حوَتْ ماءً خَبيثاً مُطَحْلَبا
- مُفَلَّجَة ٍ أسنانُها فكأنها
- أصاب بها الزنجار أحجارَ كهربا
- كأن ثناياهم من الخبث الذي
- تحَصْرَمَ في نِيَّاتِهِمْ وتَزَبَّبا
- عجبتُ لأمرٍ آل بالشيخُ مخلصاً
- إلى أن يُعرَّى كاللصوصِ ويُضربا
- بَكَيْتُ لهُ لَمَّا كَشَفتُ ثيابَه
- وَأبْصرتُ جسماً بالدِّماءِ مُخَضَّبا
- وَحلَّفتُهُ بالله ما كانَ ذَنْبُه
- فأقْسَمَ لي بالله ما كانَ مُذْنبا
- ولكن حبيبٌ راح فيَّ مصدقاً
- كلام عدوٍ مايزال مكذبا
- فقلت: ومن كان الأميرُ حبيبَه
- فلابد أ، يرضى عليه ويغضبا
- فصبراً جميلاً فالمقدر كائنٌ
- فقد كان أمراً لم تجد منه مهربا
- فإبليسُ لَمَّا كانَ ضِدّاً لآِدمٍ
- تَخَتَّلَ في عِصْيَانهِ وَتَسَبَّبا
- وقد كانت العقبى لآدم دونه
- فتاب عليه الله مِنْ بعدُ وَاجْتبى
- وَمِنْ قبلِ ذَا قد كنتُ إذ كنتَ ذاكِراً
- نَهَيْتُكَ أنْ تَلْقَى الأميرَ مُقَطِّبا
المزيد...
العصور الأدبيه