الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> يشوقك توخيد الجمال القناعس >>
قصائدالبحتري
يشوقك توخيد الجمال القناعس
البحتري
- يَشُوقُكَ تَوخِيدُ الجِمَالِ القَنَاعِسِ
- بأمثالِ غِزْلاَن الصّرِيمِ الكوانِسِ
- بِبِيضٍ، أضَاءَتْ في الخُدُورِ كأنّها
- نجُومُ دُجًى جَلّتْ سَوَادَ الحَنَادِسِ
- صَدَدْنَ بصَحرَاءِ الأرِيكِ، وَرُبّما
- وَصَلْنَ بأحْنَاءِ الدَّخُولِ فَرَاكِسِ
- ظِبَاءٌ ثَنَاهَا الشَّيْبُ وَحشاً، وَقد تُرَى
- لرَيْعِ الشّبابِ، وَهْيَ جِدُّ أوَانِسِ
- إذا هِجْنَ وَسْوَاسَ الحُليّ تَوَلّعَتْ
- بِنَا أرْيحِيّاتُ الجَوَى والوَساوِسِ
- وَمِنْهُنَّ مَشغُولٌ بهِ الطّرْفُ هارِبٌ
- بعَيْنَيْهِ مِنْ لحظِ المُحِبّ المُخَالِسِ
- يُخَبِّرُ عَنْ غُصْنٍ مِنَ البَانِ مائدٍ،
- إذا اهتَزّ في ضَرْبٍ من الدَّلّ مائسِ
- عَذيريَ مِنْ رَجْعِ الهُمُومِ الهَوَاجِسِ،
- وَمِنْ مَنْزِلٍ للعَامِرِيّةِ دارِسِ
- وَلَوْعَةِ مُشَتَاقٍ تَبِيتُ كأنّها
- إذا اضْطَرَمَتْ في الصّدْرِ شُعلةُ قابسِ
- لِيَهْنىءْ بَنِي يزداد أنّ أكُفّهُمْ
- خَلائِفُ أنْوَاءِ السّحابِ الرّوَاجِسِ
- ذَوُو الحَسَبِ الزّاكِي المُنِيفِ عُلُوُّهُ
- على النّاسِ والبَيتِ القَدِيمِ القُدَامِسِ
- إذا رَكِبُوا زَادُوا المَوَاكِبَ بَهجَةً،
- وإنْ جَلَسُوا كانُوا بُدورَ المَجالسِ
- بَنو الأبحُرِ المَسجُورَةِ الفَيضِ والظُّبَى الـ
- ـقَواضِبِ عُتْقاً، والأُسُودِ العَنَابِسِ
- لَهُمْ مُنْتَمًى في هَاشِمٍ بوَلائِهِمْ،
- يُوَازِي عُلاهُمْ في أرُومَةِ فارِسِ
- وأقْلاَمُ كُتّابٍ، إذا ما نَصَصْتَها
- إلى نَسَبٍ، كانَتْ رِمَاحَ فَوَارِسِ
- يَرَوْنَ لعَبْدِ الله فَضْلَ مَهَابَةٍ،
- تُطأطىءُ لحظَ الأبْلَخِ المُتَشَاوِسِ
- لَنِعْمَ ذُرَى الآمَالِ يَتْبَعْنَ ظِلّهُ،
- وَوِرْدُ مَحَلاّةِ الظّنُونِ الخَوَامِسِ
- مُلُوكٌ وسَادَاتٌ عِظَامٌ جُدودُهُمْ
- وأَخْوَالُهُ من أَمْجدِين أَشَاوِسِ
- بِهِمْ تُجْتَلَى الطَّخْيَاءُ عن كل حِنْدِسٍ
- وَأوْجُهُمْ مِثْلُ الْبُدورِ القَوَابِسِ
- تُرَدُّ شَذَاةُ الدّهْرِ مِنْهُ بمُسرِعٍ
- إلى المَجْدِ لا الوَاني ولا المُتَقَاعِسِ
- بأبلَجَ ضَحّاكٍ إلَيْنا بِما انْطَوَتْ،
- عَلى مَنْعِهِ، كُلْحُ الوُجُوهِ العَوَابِسِ
- وَمُسْتَحصَدِ التّدبيرِ، للفَيءِ جامعٍ،
- وَللدّينِ مُحتاطٍ، وَللمُلْكِ حارِسِ
- يُجاري أباً سَاسَ الخِلاَفَةَ دَهْرَهُ،
- برأيٍ مُعَانٍ للأُمُورِ، مُمَارِسِ
- وَلَيس يُلَقّى الحَزْمَ إلاّ ابنُ حازِمٍ،
- وَليسَ يَسُوسُ النّاسَ إلاّ ابنُ سائِسِ
- يُخَلّي الرّجالُ مَجدَكُم لا تَرُومُهُ،
- وَهُمْ نَابِهُو الأخطارِ شُمُّ المَعَاطِسِ
- وَلَمْ أرَ مثلَ المَجدِ ضَنّتْ بغَيرِهِ،
- وَجَادتْ بهِ نَفسُ الحَسُودِ المُنافِسِ
- وَلا كالعَطايا يُشرِفُ النّجمَ ما بَنَتْ،
- وَهُنّ مَنَالٌ للأكُفّ اللّوامِسِ
- أبَا صَالِحٍ إنّ المَحَامِدَ تَلتَقي
- بساحةِ رَحبٍ، مِن فَنَائِكَ آنِسِ
- بحَيْثُ الثّرَى رَطْبٌ يَرُفُّ نَبَاتُهُ
- رَفيفاً، وَعَهْدُ الدّهْرِ لَيسَ بخائِسِ
- تَقَيّلْتَ مِنْ أخلاقِ يَزْدادَ أنجُماً،
- تَوَقَّدُ في داجٍ منَ اللّيلِ، دامسِ
- وما بَرِحَتْ تُدْني نَجاحاً لآمِلٍ
- مُرَجٍّ، وتَسْتَدعي رَجاءً لآيِسِ
- وَكَانَ عَطاءُ الله قَبْلَكَ كاسمِهِ
- لِعَافٍ ضَرِيكٍ، أوْ لأسْيانَ بائِسِ
- فِداؤكَ أبْنَاءُ الخُمُولِ، إذا هُمُ
- ألامُوا، وأرْبَابُ الخِلالِ الخَسائِسِ
- وإنْ كُنتَ قَد أخّرْتَ ذِكْرَ مَعونتي،
- وألغَيْتَ رَسمي في الرّسومِ الدّوَارِسِ
المزيد...
العصور الأدبيه