الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> هواها على أن الصدود سبيلها >>
قصائدالبحتري
هواها على أن الصدود سبيلها
البحتري
- هَواهَا عَلَى أَنَّ الصُّدُودَ سَبِيلُهَا
- مُقِيمٌ بأَكْنَافِ الحَشَا ما يَزُولُهَا
- وَإِنْ جَهَدَ الوَاشُونَ في صَرْمِ حَبْلِها
- وأَبْدَعَ فِي فَرْطِ المَلاَمِ عَذُولُهَا
- ومُولَعَةٍ بالْهَجْرِ يُقْلَى وَدُودُها،
- ويُقْصى مُدَانِيها ،ويُخْفَى وَصُولُهَا
- أَذَالَ مَصُونَاتِ الدُّمُوعِ اهْتِجَارُهَا
- ولَوْلا الهَوَى ماكانَ شَيءٌ يُذِيلُهَا
- وما الوَجْدُ إِلاَّ أَدْمُعٌ مُستَهلَّةٌ
- إِذا ما مَرَاها الشَّوقُ فاضَ هُمُولُها
- أَسِيتُ فأَعْطَيْتُ الصَّبَابةَ حَقَّها
- غَداةَ اسْتَقَلَّت للفِراقِ حُمولُهَا
- وَهَلْ هِيَ إلاَّ لَوْعةٌ مُسْتَسِرَّةٌ
- يُذِيبُ الحَشَا والقَلْبَ وَجْداً غَليلُها
- ولَوْلاَ معَالي أَحمَدَ بْنِ محَمَّدٍ
- لأَضْحَتْ دِيارُ الحَمْدِ وَحْشاً طُلولُها
- فَتْى لم يَمِلْ بالنَّفْسِ مِنْهُ عَنِ العُلاَ
- أِلى غَيْرها شيءٌسِواهَا يُمِيلُهَا
- يَرُدُّ بَنِي الآمالِ بيضاً وُجُوهُهُمْ
- بنَائِلِهِ جَمُّ العَطَايَا جَزِيلُهَا
- فَلَيْسَ يُبالي مُسْتَمِيحُو نَوالِهِ
- أَصَابَ اللَّيالي خِصْبُها أَمْ مُحُولُهَا
- أَنافَ بهِ بِسْطَامُهُ ومُحَمَّدٌ
- قِمَامَ عُلاً يُعْيي المُلوكَ حُلُولُهَا
- لهُ هِمَمٌ لا تَمْلأُ الدَّهْرَ صَدْرَهُ
- يَضِيقُ بها عَرْضُ البِلادِ وطُولُهَا
- إِذا لاَحَظَ الأَحْدَاثعن حَدِّ سُخْطِهِ
- تَضَاءَلَ عند اللَّحظِ خَوْفاً جَلِيلُهَا
- لقدْ أُعْطِيتْ مِنْهُ الرَّعِيَّةُ فَوْقَ ما
- تَرَقَّتْ أَمانِيها إِلَيْهِ وَسُولُهَا
- نَفَى الجَوْرَ بالْعَدْلِ المُبينِ فأَصْبَحَتْ
- مَعَاهِدُهُ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مُحٍيلُهَا
- فَأَثْرى بهِ مِنْ بَعْدِ بُؤْسٍ عَديمُها
- وعزَّ بهِ من بَعْدِ خَوفٍ ذَلِيلُهَا
- وسارَع طْوْعاً بالخَراجِ أَبِيُّها،
- وعادَ حَلِيماً بَعْدَ جَهْلٍ جَهُولُهَا
- ومَا زَال مَيْمُونَ السِّياسةِ ناصِحاً
- لهُ شِيَمٌ زُهْرٌ يَقِلُّ عَدِيلُها
- يَنَالُ بِحُسْنِ الرِّفْقِ ما اَوْ يَرُومُهُ
- سِوَاهُ بِبِيضِ الهِنْدِ خِيفَ فُلُولُهَا
- لَهُ فِكَرٌ عِنْدَ الأُمورِ يُرِينَهُ
- عَوَاقِبَها في الصَّدْرِ حِينَ يُجِيلُهَا
- تَتَابعُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ فَضِيلَةٌ
- يَفُوتُ ارتِدَادَ الطَرْفِ سَبْقاًّعَجُولُهَا
- إِذا كَرَّها بالبِرِّ مِنه أَعادَها
- علَى النَّهْجِ محْمودُ السَّجَايَا جَمِيلُها
- لَهُ نَبْعَةٌ فِي العِزِّ طالَتْ فُرُوعُهَا
- وطَابَ ثَرَاها ،واطْمَأَنَّتْ أُصُولُهَا
- ولو وُزِنَتْ أَركانُ رَضْوَى ويَذْبلٍ
- وقُدْسٍ بهِ في الحِلْمِ خَفَّ ثَقِيلُهَا
- لَهُ سطَوَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ
- عَلَى مُهَجِ الأَعْدَاءِ لا تَسْتَقِيلُها
- إِذَا جَرَتِ الآمالُ عن قَصْدِها اغْتَدَى
- إِليها نَدَاهُ الجَزْلُ وهو دَلِيلُهَا
- ولمَّا شأَى في المَجْدِ سَبْقاً تَقَدَّمَتْ
- لهُ في مَدَاهُ غُرَّةٌ وحُجُولُهَا
- سَلِيلُ المَعَالي والفَخَارِ،وإَِّنما
- يَتِيهُ ويُزْهِي بالمعالِي سَلِيلُها
- فِدَاكَ أَبا العبَّاس مِنْ كُلّ حادِثٍ
- مِن الدَّهْرِ مَنْزُورُ العَطايَا مَطُولُهَا
- فَكَمْ لَكَ في الأَمْوَال مِنْ يَوْمِ وَقْعَةٍ
- طَوِيلٍ ،مِنَ الأَهْوالِ فِيهِ ،عَوِيلُهَا
- وَمِنْ صَوْلَةٍ في يَوْمِ بُؤْسٍ على العِدَى
- يُهَالُ فُؤَادُ الدَّهْرِ حِين يَصُولُها
- إِلَيْكَ سَرَتْ غُرُّ القَوافِي كأَنَّها
- كَواكِبُ لَيْلٍ غَابَ عَنْهَا أَفُولُهَا
- بَدَائعُ تأْبَى أَنْ تُدِينَ لِشَاعِرٍ
- سِوَايَ إِذا ما رَامَ يَوماً يَقُولُهَا
- تَزُولُ اللَّيالي والسِّنونَ ،ولا يُرَى
- على العَهْدِ طُولَ الدَّهرِ شيءٌ يُزِيلُهَا
- يُهَيِّجُ إِطْرابَ المُلوكِ اسْتِمَاعُها،
- فَيُحْمَدُ راوِيها ،ويُحْبَى قَئُولُها
المزيد...
العصور الأدبيه