الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> هجرت كأن الوصل أعقب وحشة >>
قصائدالبحتري
هجرت كأن الوصل أعقب وحشة
البحتري
- هجَرْتَ، كأنّ الوَصْلَ أعقَبَ وحشة ،
- ولم أر وصلاً قبله يعقب الهجرَا
- فتى مَذحِجٍ عَفواً، فتى مَذحِجٍ غَفَرا،
- لمُعْتَذِرٍ جاءَتْ إساءَتُهُ تَتْرَى
- وَمَنْ يَهَبُ النَّيلَ الذي سَمَحتْ بهِ
- يَداكَ بلا مَنٍّ، فَلَنْ يَمنَعَ العُذْرَا
- فإنْ قُلتَ بي كِبْرٌ، فمِثلُ الذي أرَى
- على النّاسِ مِنْ نُعمَاكَ يَملأُني كِبرَا
- مَوَاهبُ لي منها الغِنى، فمتى التَقَى
- بساحَتِها حَمدٌ، فلي حَمدُها طُرَا
- تُضَافُ إلى مجْدي، وَتجرِي إلى يَدي،
- فأملِكُها مالاً، وَأملِكُها فَخرَا
- أتَاني قَرِيضٌ مِنكَ يَحدوهُ نَائِلٌ،
- فأنْطَقَني جُوداً، وَأفحَمَني شِعرَا
- وعأكسَبَني شُغلاً عنِ الوَصْلِ شاغِلاً
- يُعاتِبُني فيهِ، وتَعتَدُّهُ هَجْرَا
- فإن كُنْتَ مَشْغُوفاً بقُرْبيَ آنِساً
- بشَخصِي، فَلِمْ خَوّلتَني ذلكَ البدرَا
- لَئِنْ كَانَ إسعافي بهِ منكَ قَبْلَها
- وَفَاءً، لقَد كانَ انفرَادي به غَدرَا
- وَمَا هُوَ إلاّ دُرّةٌ لَمْ أجِدْ لها
- سوَى جودِكَ الأمسِيّ، إذ بَرَزَتْ بحرَا
- حَمَلْتَ عَلَيْهِ في سَبيلِ فُتُوّةٍ،
- هيَ الثّغرُ خَلفَ المجدِ بل تفضلُ الثّغرَا
- فأنتَ تُصِيبُ الَمجدَ حيثُ تلألأتْ
- كَوَاكِبُهُ، إنْ أنتَ لم تُصِبِ الأجرَا
- وَجَدْتُ نَداكَ اليَوْمَ ألطَفَ مَوْقعاً،
- وَقد كانَ لي خِلاًّ فأصْبَحَ لي صِهْرَا
- فإنْ أنا لم أشكُرْكَ نُعماكَ جَاهِداً،
- فلا نِلْتُ نُعمَى بَعدَها توجبُ الشكرَا
المزيد...
العصور الأدبيه