الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> هب الدار ردت رجع ما أنت قائله >>
قصائدالبحتري
هب الدار ردت رجع ما أنت قائله
البحتري
- هَبِ الدّارَ رَدّتْ رَجْعَ ما أنتَ قائِلُهْ،
- وأبْدَى الجَوَابَ الرَّبْعُ عَمّا تُسائِلُهْ
- أفي ذاكَ بُرْءٌ من جَوًى ألْهَبَ الحَشا
- تَوَقُّدُهُ، واستَغْزَرَ الدّمْعَ جَائِلُهْ
- هُوَ الدّمعُ مَوْقُوفاً على كلّ دِمْنَةٍ
- تُعَرِّجُ فيها، أوْ خَلِيطٍ تُزَايِلُهْ
- تَرَادَفَهُمْ خَفْضُ الزَّمَانِ وَلينُهُ،
- وَجَادَهُمُ طَلُّ الرّبيعِ وَوَابِلُهْ
- وإنْ لَمْ يَكُنْ في عاجِلِ الدّهرِ منهُمُ
- نَوَالٌ، وَغَيْثٌ من زَمَانِكَ آجِلُهْ
- مضَى العَامُ بالهِجْرَانِ منهُمْ وبالنّوَى،
- فهَلْ بالقُرْبِ والوَصْلِ والقُرْبُ قابلُهْ
- أُرَجِّمُ في لَيْلَى الظّنُونَ، وأرْتَجي
- أوَاخِرَ حُبٍّ أخلَفَتْني أوَائِلُهْ
- وَلَيْلَةَ هَوّمنا على العِيسِ، أرْسَلَتْ
- بطَيْفِ خَيَالٍ يُشْبِهُ الحَقَّ باطِلُهْ
- فَلَوْلاَ بَيَاضُ الصّبْحِ طَالَ تَشَبُّثي
- بعِطْفَيْ غَزَالٍ بِتُّ وَهْناً أُغَازِلُهْ
- وَكَمْ مِنْ يَدٍ للّيْلِ عِنْدِي حَمِيدةٍ،
- وَللصّبْحِ من خَطْبٍ تُذَمُّ غَوَائِلُهْ
- وَقد قُلتُ للمُعلي إلى المَجدِ طَرْفَهُ:
- دَعِ المَجْدَ، فالفَتحُ بنُ خَاقَانَ شاغلُهْ
- سِنَانُ أمِير المُؤمِنينَ وَسَيْفُهُ،
- وَسَيْبُ أميرِ المُؤمِنِينَ وَنَائِلُهْ
- تُشُبُّ بهِ للنّاكِثِينَ حُرُوبَهُ،
- وَتَدْنُو بهِ للخَابِطِينَ نَوَافِلُهْ
- أطَلّ بِنُعْمَاهُ، فَمَنْ ذا يُطاوِلُهْ،
- وَعَمَّ بجَدْوَاهُ، فَمَنْ ذا يُساجلُهْ
- ضَمِنْتُ عَنِ السّاعِينَ أنْ يَلحَقُوا بهِ
- إذا ذُكِرَتْ آلاؤهُ وَفَوَاضِلُهْ
- أيَبْلُغُهُ بالبَذْلِ قَوْمٌ، وَقَدْ سَعَوْا،
- فَما بَلَغُوا شُكْرَ الذي هُوَ باذِلُهْ؟
- رَمَى كَلَبَ الأعداءِ عن حَدّ نَجدَةٍ،
- بها قُطِعَتْ تحتَ العَجاجِ مَنَاصِلُهْ
- وَمَا السّيفُ إلاّ بَزُّ غَادٍ لزِينَةٍ،
- إذا لمْ يَكُنْ أمْضَى منَ السّيفِ حاملُهْ
- يُداني بمعرُوفٍ هوَ الغَيثُ في الثّرَى،
- تَوالى نَداهُ، واستَنَارَتْ خَمَائِلُهْ
- أمِنتُ بهِ الدّهرَ الذي كنتُ أتّقي،
- وَنِلْتُ بهِ القَدْرَ الذي كنتُ آمُلُهْ
- وَلَمّا حَضَرْنا سُدّةَ الإذْنِ أُخّرَتْ
- رِجَالٌ عَنِ البابِ الذي أنَا داخِلُهْ
- فأفضَيتُ مِنْ قُرْبٍ إلى ذي مَهَابَةٍ،
- أُقَابِلُ بَدْرَ الأُفْقِ حينَ أُقَابِلُهْ
- إلى مُسْرِفٍ في الجُودِ لوْ أنّ حاتِمٌ
- لَدَيْهِ لأمْسَى حاتِماً، وَهوَ عاذِلُهْ
- بَدَا لِيَ مَحْمُودَ السّجيّةِ شُمّرَتْ
- سَرَابِيلُهُ عَنْهُ، وَطَالَتْ حَمَائِلُهْ
- كَما انتَصَبَ الرّمْحُ الرُّدَيْنيُّ ثُقّفَتْ
- أنابيبُهُ للطَّعنِ، واهتَزّ عامِلُهْ
- وَكالبَدْرِ وافَتْهُ لِتِمٍّ سُعُودُهُ،
- وَتَمّ سَنَاهُ واستقََلّتْ مَنَازِلُهْ
- فَسَلّمتُ واعتاقَتْ جَنَانيَ هَيْبَةٌ،
- تُنَازِعُني القَوْلَ الذي أنَا قائِلُهْ
- فَلَمّا تأمّلْتُ الطّلاقَةَ، وانثَنَى
- إليّ بِبِشْرٍ آنَسَتْني مَخَايِلُهْ
- دَنَوْتُ فَقَبّلتُ النّدى في يدِ امرِىءٍ،
- جَميلٍ مُحَيّاهُ سِبَاطٍ أنَامِلُهْ
- صَفَتْ مثلَما تَصْفو المُدامُ خِلالُهُ،
- وَرَقّتْ كَمَا رَقّ النّسيمُ شَمَائِلُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه