قصائدالبحتري



هبيه لمنهل الدموع السواكب
البحتري



  • هَبيهِ لمُنْهَلّ الدّموعِ السّوَاكِبِ،

  • وَهَبّاتِ شَوْقٍ في حَشاهُ لَوَاعِبِ

  • وَإلاّ، فَرُدّي نَظرَةً فيه تَعْجَبي

  • لِما فيهِ، أوْ لا تَحفِلي للعَجائِبِ

  • صَدَدْتِ وَلم يَرْم الهوَى كَشحَ كاشحٍ،

  • وَبِنتِ وَلمْ يَدْعُ النّوى نَعبُ نَاعِبِ

  • فَلا عارَ إنْ أجْزَعْ، فهَجرُكِ آل بي

  • جَزُوعاً، وَإنْ أُغْلَبْ، فحبُّكِ غالبي

  • وَما كنتُ أخشَى أنْ تكون منيّتي

  • نَوَاكِ، وَلا جَدوَاكِ إحدى مَطالبي

  • أما وَوُجُوهِ الخَيلِ، وَهيَ سَوَاهمٌ،

  • تُهَلْهِلُ نَقْعاً في وُجُوهِ الكتائِبِ

  • وَغُدْوَةِ تَنّينِ المَشارِقِ، إن غَدا،

  • فَبَثّ حَرِيقاً في أقاصِي المَغارِبِ

  • وِهَدّةِ يَوْمٍ لابنِ يُوسُفَ أسمَعَتْ

  • منَ الرّومِ ما بَينَ الصّفا فالأخاشِبِ

  • لقَد كانَ ذاكَ الجأشُ جأشَ مُسالمٍ،

  • على أنّ ذاكَ الزّيّ زِيّ مُحَارِبِ

  • مَفَازَةُ صَدْرٍ لوْ تَطَرّقَ لَمْ يَكُنْ

  • لِيَسْلُكَهَا فَرْداً سلَيْكُ المَقَانِبِ

  • تَسرّعَ حَتى قال مَنْ شَهِد الوَغى:

  • لِقاءُ أعَادٍ أمْ لِقَاءُ حَبَائِبِ

  • ظَللْنَا نُهَدّيهِ، وَقَدْ لَفّ عَزْمُهُ

  • مَدِينَةَ قِسْطَنْطِينَ، من كلّ جانبِ

  • تلَبثْ، فَما الدّرْبُ الأصَمُّ بمُسْهَلٍ

  • إلَيْها، وَلا مَاءُ الخَلِيجِ بِنَاضِبِ

  • وَصَاعِقَةٍ مِن كفه يَنْكفي بهَا

  • على أرْؤسِ الأقْرَانِ خَمْسُ سحائبِ

  • يكادُ النّدَى منْها يَفِيضُ على العِدَى

  • مع السيف في ثِنْيَيْ قَناً وَقَوَاضِبِ

  • أمَا وَابْنِهِ يوْمَ ابنِ عَمْروٍ لقد نهَى

  • عَنِ الدّينِ يوْماً مُكْفَهِرَّ الحَواجِبِ

  • لوَى عُنُقَ السيْلِ الذي انحَطّ مُجْلِباً،

  • لِيَصْدَعَ كَهْفاً، في لُؤيّ بنِ غالِبِ

  • وَقَدْ سارَ في عَمْرِو بنِ غُنمِ بنِ تغلِبٍ،

  • مَسيرَ ابنِ وَهْبٍ في عَجاجَةِ رَاسِبِ

  • سَقَيْتَهُمُ كَأساً سَقاهُمْ ذُعافَهَا

  • كَنِيُّكَ في أولى السّنينَ الذّوَاهِبِ

  • وَنَفّسْتَ عن نَفْسِ الظَّلومِ، وقد رَأتْ

  • مَنِيّتَها بَينَ السّيوفِ اللَوَاعِبِ

  • مَنَنْتَ عَلَيْهِ، إذْ تَقَلّبَتِ الظُّبَى

  • عَلَيْهِ، وَزِيدَ مِنْ قَتيلِ وَهَارِبِ

  • وَنهْنَهْتَ عنْهُ السْيفَ فارْتدّ نَصْلُهُ

  • كَلِيلَ الشّذا عَنْهُ حَرْونَ المضَارِبِ

  • أتَغْلِبُ، ما أنْتُمْ لنا مِثْلَنا لَكُمْ،

  • ولا الأمْرُ فِيما بيْنَنا بِمُقارِبِ

  • تُهِبّونَ نَكْبَاءً لَنا، وَرِيَاحُنَا

  • لَكُمْ أرَجٌ مِنْ شَمْألٍ وَجنائِبِ

  • وكَأيِنْ جحَدتمْ، مِن أيادي محَمّدٍ،

  • كَوَاكِبَ دَجْنٍ مِن لُهىً وَمَوَاهِبِ

  • وَمِنْ نائِلٍ مَا تدّعي مِثلَ صَوْبِهِ،

  • إذا جادَ، أكْبادُ الغَمامِ الصّوَائِبِ

  • ألمْ تَسْكُنوا في ظِلّهِ فَتُصَادِفُوا

  • إجَارَةَ مَطْلُوبٍ، وَرَغْبَةَ طالِبِ

  • ألمْ تَرِدُوهُ، وَهْوَ جَمٌّ، فلمْ تَكُنْ

  • غُرُوبُكُمُ في بَحْرِهِ بِغَرَائِبِ

  • وَيُحجَبُ فيكُمْ عَبْدُهُ، وَهْوَ بارِزٌ

  • تُناجُونَهُ بالعِيّن، من غيرِ حاجِبِ

  • وَيغدو عليكم، وَهْوَ كاتِبُ نَفْسِهِ،

  • وَنِعْمَتُهُ تَغدو على ألْفِ كاتِبِ

  • لأقْشَعَ عن تِلكَ الوُجوهِ سَوَادَهَا،

  • وَأمْطَرَ في تِلكَ الأكُفّ الشّوَاحِبِ

  • بَلى، ثَمَّ سَيْفٌ ما يُجاوِزُ حَدُّهُ

  • ظُلامَةَ َظلامٍ، ولا غَصْبَ غاصِبِ

  • لَهُ سُخطُكُمْ، وَالأمرُ في دونهِ الرّضَا،

  • وَرَغْبَتُكُمْ في فَقْدِ هَذي الرّغائِبِ

  • يَدُ الله كانتْ فَوْقَ أيديكُمُ، الّتي

  • أرَدْنَ بهِ ما في الظّنونِ الكَوَاذِبِ

  • فَجَاءَ مجيءَ الصّبْحِ، يجْلو ضبابه،

  • منَ البٍعي، عنْ وَجْهٍ رَقيقِ الجوَانبِ

  • يُزجّي التّقى، من هَدْيِهِ وَاعتِلائِهِ،

  • سَكِينَةَ مَغْلُوبٍ، وَأوْبَةَ غالِبِ

  • أسألَ لكُمْ عْفْواً رأيتم ذُنوبَكُمْ

  • غُثاءً عَلَيْهِ، وَهْوَ مِلءُ المَذانبِ

  • وَلمْ يَفتْرِصْ منكُمْ فَرَائِصَ أهدفَتْ

  • لِبَطْشَةِ أظْفَارٍ لَهُ، وَمَخالِبِ

  • وَقدْ كان فيما كانَ سُخطاً لِساخِطٍ،

  • وَهَيْجاً لمُهْتاجِ، وَعَتْباً لِعاتِبِ

  • وفي عَفْوِهِ، لوْ تَعْلَمونَ، عُقوبَةٌ،

  • تُقَعْقِعُ في الأعرَاضِ، إنْ لمْ يُعاقِبِ

  • ولوْ داسكُمْ بالخيْلِ دَوْسةَ مُغْضبٍ،

  • لَطِرْتُمْ غُباراً فوْق خُرْسِ الكَتائِبِ

  • نَصَحْتُكُمُ، لوْ كان للنّصْحِ مَوضِعٌ

  • لَدى سامعٍ عن موْضِعِ الفهم غائبِ

  • نَذيراً لكُمْ مِنْهُ بشيراً لَكُمْ بِهِ،

  • وَمَا ليَ في هاتَيْنِ قَوْلَةُ كاذِبِ

  • فَإنْ تَسألوهُ الحرْبَ يسمحْ لكُمْ بها

  • جَوَادٌ، يَعُدُّ الحَرْبَ إحدى المكاسبِ

  • رَكوبٌ لأعْنَاق الأمورِ، فإن يَمِلْ

  • بكُمْ مَذهَبٌ يُصْبِحْ كثيرَ المذاهِبِ

  • مَشَى لَكُمُ مَشْيَ العَفَرْنَى، وَأنْتُمُ

  • تَدِبّونَ مِن جهْلٍ دَبيبَ العَقارِبِ

  • إلى صامِتِيّ الكيْدِ، لوْ لمْ تكُنْ لهُ

  • قَريحَةُ كَيْدٍ لاكتفى بالتّجارِبِ

  • عَلِيمٌ بمَا خَلْفَ العوَاقبِ، إنْ سرَتْ

  • رَوِيّتُهُ فَضْلاً بما في العوَاقِبِ

  • وَصَيْقَلُ آراءٍ، يبِيتُ يَكُدُّهَا،

  • وَيَشْحَذُها شَحْذَ المُدى للنّوَائِبِ

  • يُحَرِّقُ تحريق الصّوَاعِقِ ألْهِبَتْ

  • برَعدٍ، وَينقضُّ انقضاضَ الكواكبِ

  • لَقِينا هِلالَ البُطْحِ سَعْداً لدى أبي

  • سَعيدٍ، وَرَيْبَ الدّهْرِ ليْس بِرَائِبِ

  • شَدَدْنَا عُرَى آمالِنَا وَظُنونِنَا

  • بأجْوَدِ مَصْحُوبٍ، وَأنجَدِ صَاحِبِ

  • تدارَكَ شمْلَ الشعرِ، وَالشعرُ شارِدُ الـ

  • ـشّوَارِدِ، مَرْذولٌ، غرِيبُ الغَرَائِبِ

  • فَضَمّ قَوَاصِيهِ إلَيْهِ تَيَقّناً

  • بِأنّ قَوَافِيهِ سُلُوكُ المَناقِبِ



أعمال أخرى البحتري



المزيد...

العصور الأدبيه

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك