الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ها هو الشيب لائما فأفيقي >>
قصائدالبحتري
ها هو الشيب لائما فأفيقي
البحتري
- ها هوَ الشّيبُ لائِماً، فأفيقي،
- وَاتْرُكيهِ، إنْْ كانَ غَيرَ مُفيقِ
- فلَقَدْ كَفّ مِنْ عَنَاءِ المُعَنّى،
- وَتَلافَى مِنِ اشتِيَاقِ المَشُوقِ
- عَذَلَتنا، في عِشقِها، أُمُّ عَمْروٍ،
- هَل سَمعتُم بالعاذِلِ المَعشُوقِ
- وَرَأتْ لِمّةً ألَمّ بِهَا الشّيْـ
- ـبُ، فرِيعَتْ من ظُلمةٍ في شُروقِ
- وَلَعَمرِي، لَوْلا الأقاحي لأبْصَرْ
- تُ أنيقَ الرّياضِ غَيرَ أنِيقِ
- وَسَوَادُ العُيُونِ، لَوْ لمْ يُحَسِّنْْ
- ببَياضٍ، مَا كانَ بالمَوْمُوقِ
- وَمِزَاجُ الصّهْبَاءِ بالمَاءِ أمْلَى
- بصَبُوحٍ مُسْتَحسَنٍ، وَغَبُوقِ
- أيُّ لَيْلٍ يَبْهَى بِغَيرِ نُجُومٍ،
- أمْ سَحابٍ يَنْدَى بغَيرِ بُرُوقِ
- وَقْفَةً في العَقيقِ أطْرَحُ ثِقْلاً
- مِنْ دُمُوعي، بوَقفَةٍ في العَقيقِ
- مَاثِلٌ بَينَ أرْبُعٍ مَاثِلاتٍ،
- يَنْزِعُ الشّوْقَ مِنْ فُؤادٍ عَلوقِ
- أزْجُرُ العَينَ عَنْ بُكاهُنّ وَالعِيـ
- ـسَ إلى المُبْتَغَى بِكُلّ طَرِيقِ
- وَاستَشَفّتْ مُحَمّدَ بنَ حُمَيْدٍ،
- ما سَحيقٌ من الغِنى بسَحيقِ
- سابقُ النّقعِ يَستَقي جُهدَ نَفسٍ،
- تُسْتَزَادُ اسْتِزَادَةَ المَسْبُوقِ
- قَلّبَتْهُ الأيْدِي قَديماً وَللحَلْـ
- ـبَةِ تُنْضَى الجِيَادُ بالتّعْرِيقِ
- كُلّمَا أجْرَتِ الخَلائِقُ أوْفَى
- رَادِعاً في خَلائِقٍ، كالخَلُوقِ
- لَيسَ يَخلُو من فِكْرَةٍ في جَليلٍ
- مِنْ أفَانِينِ مَجْدِهِ، أوْ دَقيقِ
- يَنظِمُ المَجدَ مثلَ ما تَنظِمُ العِقْـ
- ـدَ يَدُ الصّائغِ الصَّنَاعِ الرّقيقِ
- يَزْدَهيهِ الهَوَى عَنِ الهُونِ وَالإشـ
- ـفَاقُ يَرْبَا بِهِ عَنِ التّشْفيقِ
- لَهُ مِنْهُ في كُلّ يَوْمٍ نَوَالٌ،
- لَمْ تَنَلْهُ كُدُورَةُ التّرْنِيقِ
- عِنْدَهُ أوّلٌ، وَعِندِيَ ثَانٍ
- مِنْ جَداهُ، وَثالثٌ في الطّرِيقِ
- يَهَبُ الأغْيَدَ المُهَفْهَفَ كالطّا
- وُوسِ حُسناً، وَالطِّرْفَ كالسّوذنيقِ
- يا أبَا نَهْشَلٍ، إذا ما دَعَا الظّمْـ
- ـآنُ مِنْ كَرْبِهِ دُعَاءَ الغَرِيقِ
- أمَلي في الغُلامِ كانَ غُلاماً،
- فَهْوَ كَهْلٌ للمَطْلِ وَالتّعْوِيقِ
- وَالجَوَادُ العَتيقُ حاجَزْتني فِيـ
- ـهِ لِلاَ عِلّةٍ بِوَعْدٍ عَتيقِ
- وَعَطَاياكَ في الفُضُولِ عِدادُ الـ
- ـرّمْلِ من عالجٍ، فقُل في الحُقوقِ
- صَافِياتٌ على قُلُوبِ المُصافِين
- ، رِقَاقٌ في وهْمِهِنَّ الرَّقِيقِ
- لَوْ تَصَفَّحْتَها لأَخْرَجْتَ مِنهَا
- أَلف مَعْنىً مِن حاتِمِ مَسْرُوقِ
- أُخِذَتْ بالسّماحِ غَصْباً، وَقد يُؤ
- خَذُ نَيْلُ البَخيلِ بالتّوْفيقِ
- لا أعُدُّ المَرْزُوقَ مِنْهَا إذا فَكّرْ
- تُ فيها، وَفيهِ بالمَرْزُوقِ
- ظَلّ فيها البَعيدُ مِثْلَ القَرِيبِ الـ
- ـمُخْتَتي، وَالعَدُوُّ مثلَ الصّديقِ
- كَحَبِيّ الغَمَامِ جادَ، فرَوّى
- كُلَّ وَادٍ مِنَ البِلادِ، وَنِيقِ
- أصْدِقَائي علَى الغِنَى، فإذا عُدْ
- تُ إلى حَاجَةٍ، فأنْتَ صَديقي
- لابِسٌ منكَ نِعْمَةً لا أرَى الإخْـ
- ـلاقَ في حَالَةٍ لَهَا بِخَلِيقِ
- إنْ يَقُلْ زِينَةٌ، فَحِلْيَةُ عِقْيا
- نٍ، وَإنْ خِفّةٌ فَفَصُّ عَقيقٍ
- هيَ أعلَتْ قَدرِي، وَأمضَتْ لساني،
- وَأشاعَتْ ذِكْري، وَبَلّتْ رِيقي
- إنّ نَبْهَانَ لَمْ تَزَلْ وَعَتُودا
- كالشّقيقِ استَمَالَ وِدَّ الشّقيقِ
- جَمَعَتْنَا حَرْبُ الفَسَادِ اتّفَاقاً،
- وَهْيَ بَدْءُ الفَسَادِ وَالتّفْرِيقِ
- نَحْنُ إخْوَانُكُمْ وَإخوَتُكم حيـ
- ـنَ يَكُونُ الفَرِيقُ إلْفَ فَرِيقِ
- كالرّفيقَينِ في رَفيقَينِ مِنْ أجَـ
- ـإٍ وَسُلْمَى لمْ يُوجَفَا في عُقُوقِ
- وَصِلانَا، فَأنْتُمُ كالثّرَيّا
- حاضَرَتْنا، وَنَحْنُ كالعَيّوقِ
- في رِعانٍ تَرْغُو وَتَصْهَلُ لم تَسْـ
- ـمَعْ ثُغَاءً، وَلمْ تُصِخْ لِنَهيقِ
- وَطَنٌ تَنْبُتُ المَكارِمُ فيهِ،
- بَينَ مَاءٍ جَارٍ، وَعُودٍ وَرِيقِ
- أَجَإِيٌّ فالْبئْرُ غَيْرُ جَرورٍ
- في رُباه، والنَّخْلُ غَيْرُ سَحُوقِ
- حَيْثُ تَلقَى الشّفاهَ لَيستْ بهُدْلٍ
- من ظَماً، وَالأسنانَ لَيسَتْ بِرُوقِ
- رَتَقَتْهُ سُيُوفُنَا، وَهْوَ ثَغْرٌ
- بَينَ أعْدائِهِ، كَثيرُ الفُتُوقِ
المزيد...
العصور الأدبيه