الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> مغاني سليمى بالعقيق ودورها >>
قصائدالبحتري
مغاني سليمى بالعقيق ودورها
البحتري
- مَغَاني سُلَيْمَى بالعَقيقِ، وَدُورُها
- أجَدَّ الشّجى إخلاقُها، وَدُثُورُهَا
- وَمَا خِلْتُهَا مَأخُوذَةً بصَبَابَتي
- صَحائفُ تُمحى، بالرّياحِ، سُطورُهَا
- وتَخشَى بإلا يُخلِدَ الدّهرُ حُبَّنَا،
- وَما كلُّ ما تَخشَى النّفوسُ يَضِيرُهَا
- عَذيرِيَ مِنْ بَينٍ تَعَرّضَ بَيْنَنَا
- عَلى غَفْلَةٍ مِنْ دَهْرِنا، وَعَذيرُهَا
- يحُلُّ غُرُورُ الوَعْدِ مِنها عَزِيمَتي،
- وَأحْلى مَوَاعيدِ النّسَاءِ غَرُورُهَا
- وَألحاظُ وَطْفاوَينِ، إنْ رُمْتُ نِيّةً
- أجَدَّ فتوراً، في عظامي، فتُورُهَا
- تُزَيّدُني الأيّامُ مَغْبُوطَ عِيشَةٍ،
- فيُنقِصُني، نَقصَ اللّيالي، مُرُورُهَا
- وَألحَقَني بالشَّيبِ، في عُقرِ دارِهِ،
- مَناقِلُ في عَرْضِ الشّبابِ أسِيرُهَا
- مَضَتْ في سوادِ الرّأسِ أُولى بَطالَتي،
- فدَعني يُصَاحبْ وَخطَ شيبي أخيرُهَا
- وَما صَرَعَتْني الكأسُ حتى أعانَها
- عَليّ، بعَيْنَيْهِ الغَداةَ، مُديرُهَا
- تُطيلُ سَهَادِي حِلّةٌ مَا أَرِيمُهَا،
- وَمَوْعِدُ نوميِ حِلّةٌ ما أطُورُهَا
- وَأطرَيتَ لي بَغدادَ إطرَاءَ مادِحٍ،
- وَهَذي لَياليهَا، فَكيفَ شُهُورُهَا
- وَمَا صَاحبي إلاّ الحُسَامُ وَبَزُّهُ،
- وَإلاّ العَلَنْداةُ الأمونُ، وَكُورُهَا
- وَكنتُ متى تُحطَطْ عِجَالُ رَكائبي
- إلى الأرْضِ، لا يُحجَبْ عليّ أمِيرُهَا
- تُوَقّعُني الدار الشَّطونُ أحُلُّهَا،
- وَيُبْهَجُ بي أهْلُ البِلادِ أزُورُهَا
- حَنَانَيكَ مِنْ هَولِْ البَطائحِ سائراً
- إلى خَطَرٍ، وَالرّيحُ هَوْلٌ دَبُورُهَا
- لَئِنْ أوْحَشَتني جُبَّلٌ وَخُصُاصُها،
- لَمَا آنَسَتني وَاسِطٌ وَقُصُورُهَا
- وَإنّ المَهارِي إنْ تُعَوَّذْ، من السُّرَى،
- بسَيبِ ابنِ بِسطامٍ يُجِرْها مُجيرُهَا
- أخٌ لي، متى استَعْطَفْتُهُ أو َحَنَوْتُهُ،
- فنَفْسِي إلى نَفْسِي أظَلُّ أصُورُهَا
- إذا ما بَدَا خَلّى المَعَالي دَخيلُهَا،
- وَأنسَى، صَغيرَ المَكرُماتِ، كبيرُهَا
- وَتَبيَضُّ وَجْهاً للسّؤالِ، وَأحْسَنُ الـ
- ـغُيومِ، إذا استَوْفاهُ لحظٌ، صَبيرُهَا
- وَإنْ غُمّ أخْبَارُ العَطَاياِ، فبِشْرُهُ
- مُؤدٍّ إلَيْنَا وَقْتَهَا وَبَشيرُهَا
- إذا ذُكرَتْ أسلافُهُ، وَتُشُوهِرَتْ
- أمَاكِنُها، قُلتُ: النّجومُ قُبُورُهَا
- وَما المَجدُ في أبناءِ جَرزانَ، إذْ رَسَا،
- بِعَارِيّةٍ يَنْوِي ارْتِجَاعاً مُعيرُهَا
- بَنُو بِنتِ سَاسَانَ التي أُمّهَاتُهَا
- نِسَاءُ رُؤوسِ الخَالِعِينَ مُهُورُهَا
- متى جِئتُهُمْ، من عُسرَةٍ، دفعوا يدي
- إلى اليُسرِ بالأيدي، المِلاءِ بحُورُهَا
- إذا ماتَتِ الأرْضُ ابتَدَوْها، كأنّما
- إلَيهمْ حَياها، أوْ علَيهمْ نُشورُهَا
- وَدونَ عُلاهُمْ للمُسامينَ بَرْزَخٌ،
- إذا كُلّفَتْهُ العِيزُ طَالَ مَسِيرُهَا
- يَحُفّونَ مَرْجُوّاً، كَأنّ سُيُوبَهُ
- سُيُوحُ العرَاقِ غُزْرُها وَوُفُورهَا
- تُنَاطُ بهِ الدّنيْا، فَإنْ مُعضِلٌ عَرَا
- كَفَى فيهِ وَالي سُلطَةٍ وَوَزِيرُهَا
- بتَدْبيرِ مأمُونٍ عَلى الأمْرِ، رَأيُهُ
- ذَكِيرٌ، وَأمضَى المُرْهِفاتِ ذَكيرُهَا
- تُحَاطُ قَوَاصِي المُلْكِ فيهِ وَتَسكنُ الـ
- ـرّعِيّةُ مُلْقَاةً إلَيْهِ أُمُورُهَا
- وَذو هاجسٍ لا يحجُبُ الغَيبُ دونَهُ،
- تُرِيهِ بُطُونَ المُشْكلاتِ ظُهُورُهَا
- نَعُودُ إلى المَأثُورِ مِنْ فَعَلاتِهِ
- فتَأتمُّهَا في الأمْرِ، أوْ نَستَشيرُهَا
- وتكمي زجاج الرأى حتى أوانها
- لديه كما يكنز الزجاج جفيرها
- إذا اغتَرَبتْ أكرُومَةٌ منهُ لم تَجِدْ
- مِنَ الناسِ، إلاّ قائلاً: ما نَظيرُهَا
- إذا قلت فت الطول بالقول ثنية
- دوافع من بحر سريع كرورها
- أمَا وَمِنى، حَيثُ ارْجَحنّ تَبيعُها،
- وَأوْفَى مُطِلاًّ فوْقَ جَمعٍ ثَبيرُهَا
- لقَد كوثِرَتْ منكَ القَوَافي بمُنعِمٍ،
- يُكَايِلُهَا، حتّى يَقِلّ كَثيرُهَا
- فإنْ حسرَتْ عن فَضْلِ نُعمى، فإنّهَا
- مَطَايَا يُوَفّيكَ البَلاغَ حَسِيرُهَا
- أُحبُّ انتِظارَاتِ المَوَاعِدِ، وَالتي
- تَجيءُ اخْتِلاساً لا يَدومُ سُرُورُهَا
- وَإنّ جِمَامَ المَاءِ يَزْدادُ نَفْعُهَا،
- إذا صَكّ أسماعَ العِطاشِ خَرِيرُهَا
- وَوَشْكُ النّجاحِ كالسَّميّ، هَوَاطِلاً،
- يُضَاعِفُ وَسْمِيّاتِهِنّ بُكُورُهَا
المزيد...
العصور الأدبيه