الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> مرت على عزمها ولم تقف >>
قصائدالبحتري
مرت على عزمها ولم تقف
البحتري
- مَرّتْ على عَزْمِها، وَلمْ تَقِفِ،
- مُبْدِيَةً للشَّنَانِ وَالشَّنَفِ
- أيهات ما وجهها بملتفٍ
- َفاسْلُ وما عطفها بُمْنعطِفِ
- أبَا عَليٍّ أعْزِزْ عَليّ بِمَا
- أتَتْهُ ذاتُ الرِّعاثِ، وَالنُّطَفِ
- ما للغَوَاني فَوَارِكاً شُمُساً،
- وَأنْتَ بَرٌّ بالغانِيَاتِ حَفي
- وَما نَكِرْنَ الغَداةَ مِنْ غُصُنٍ،
- يَحسُنُ في الإنْثِنَاءِ وَالقَصَفِ
- َأحلى وأشْهَى، مِنْ مَعْبَدٍ نَغَماً،
- وَابنِ سُرَيْجٍ، وَنَازِلِ النّجَفِ
- وَقَد تَقُولُ الأبْياتَ تُصْبي بها الـ
- ـغادَةَ خَلْفَ الأبْوَابِ، وَالسُّجُفِ
- وَقد تؤدّي عنكَ الرّسالةَ في الحبّ
- فَتَأتيكَ دُرّةُ الصّدَفِ
- قَاتَلَهَا الله كَيْفَ ضَيّعَتِ الـ
- ـعَهْدَ، وَجاءَتْ باللّيّ وَالخُلُفِ
- رَكَنْتَ فيها إلى الهَدايا، وَلَمْ
- تَحْذَرْ عَلَيْهَا جَرَائِرَ التُّحَفِ
- وَقَد رَأتْ وَجْهَ مَنْ تُرَاسِلُهُ،
- فانحَرَفَتْ عَنكَ شرّ مُنحَرفِ
- قَد كانَ حَقّاً عَليكَ أن تَعرِفَ الـ
- ـمكنُونَ من سرّ صَدرِها الكَلِفِ
- بما تَعاطَيتَ في الغُيوبِ، وَمَا
- أُوتيتَ من حكمَةٍ، وَمن لُطُفِ
- أَلسْتَ بالسِّندِ هِنْدِ ذَا بَصَرٍ
- إِلاَّ تَفُقْ حاسِبيهِ تنَتَصِفِ
- وَقد بحَثتَ العُلومَ أجمَعَ وَاستَظْـ
- ـهَرْتَ حِفْظاً مَقَالَةَ السّلَفِ
- ما اقتَصّ وَاليسُ في الفَضَاءِ وَجابا
- نُ، وَما سَيّرَا مِنَ النُّتَفِ
- وَما حَكَاهُ ذُرُوثِيُوسُ وَبَطْلِمـ
- ـيوسُ من وَاضحٍ لكُمُ وَخَفي
- فكَيفَ أخطأتَ، أَي أخَيّ، وَلمْ
- تَرْكًنْ إلى ما سَطَرْتَ في الصُّحُفِ
- وَكَيفَ ما دَلّكَ القُرْآنُ عَلى
- ما فيهِ مِنْ ذاهبٍ، وَمُؤتَنَفِ
- هَلاّ زَجَرْتَ الطّيرَ العَلِىَ، أوْ
- تعيَِّفْتَ المَهَا أوْ نَظَرْتَ في الكَتِفِ
- حَمَلْتَها، وَالفِرَاقُ مُحتَشِدٌ
- لرَاكِبٍ مِنكُمَا، وَمُرْتَدِفِ
- وَرُحتُما، وَالنّحوسُ تُنبِىءُ عنْ
- حَالٍ، مِنَ الرّائحينَ، مُختَلِفِ
- أمَا أرَتْكَ النّجُومُ أنّكُمَا
- في حَالَتَيْ ثَابِتٍ، وَمُنصَرِفِ
- وَما رَأيتَ المِرّيخَ قَدْ جاسَدَ الـ
- ـزُّهْرَةَ في الحَدّ مِنْهُ، وَالشّرَفِ
- تُخْبِرُ عن ذاكَ أنّ زَائِرَةً
- تَشْفي مَزُوراً مِنْ لاعجِ الدَّنَفِ
- مِن أينَ أغفَلتَ ذا، وَأنتَ على التّقـ
- ـوِيمِ وَالزِّيجِ، جِدُّ مُعْتَكِفِ
- رُذِلْتَ في هذِهِ الصّناعَةِ، أمْ
- أكدَيتَ، أمْ رُمتَها معَ الخَرَفِ
- لمْ تَخطُ بابَ الدّهليزِ مُنصَرِفاً،
- إلاّ وَخَلْخالُها مَعَ الشُّنُفِ
- فأينَ حَلْفُ الفَتى، وَذِمّتُهُ،
- وَأينَ قَوْلُ العَجوزِ لا تَخَفِ
- ما أخْوَنَ النّاسَ للعُهُودِ، وَمَا
- أشَدّ إقْدامَهُمْ عَلى الحَلَفِ
- لَمْ تُصِبِ الرّأيَ، في أزَارَتِهَا،
- مَنْ لا يُجازِي بالوِدّ، وَاللَّطَفِ
- يا ضَيعَةَ العِلْمِ، كَيفَ يُرْزَقُهُ
- ذو الخَرْقِ فيكُمْ وَالعُجبِ وَالصَّلَفِ
- تَقُودُها ضِلّةٌ إلى مَلِكٍ،
- يَرُوقُها بالقَوَامِ، وَالهَيَفِ
- تَصْبُوا إلى مِثْلِهِ، إذا نَظَرَتْ
- منكَ إلى جِيفَةٍ مِنَ الجِيَفِ
- يُسُوءُني أنْ تُسَاءَ فيها، وَأنْ
- تُفجَعَ منها بالرّوْضَةِ الأُنُفِ
- قدْ خبَّروُها قِيامَ شَيْخِكَ في الحمّـ
- ـامِ، فاستَعبَرَتْ مِنَ الأسَفِ
- وأَعْلَموها بأَنَّ كُنْيتَهُ
- أَبو قُماشِ الحُشُوشِ والكُنُفِ
- وحَدُّثُوها بالدَّسْتَبانِ وَبالصِّنّ
- وَكَادَتْ تُشْفي عَلى التّلَفِ
- وَقَد تَبَيّنْتُ ذاكَ في الكَمَدِ البَا
- دي عَلَيها وَالوَاكِفِ الذّرِفِ
- وَزُهْدِها في الدّنُوّ منكَ، فَمَا
- تُعْطيكَ إلاّ بالتّعْسِ وَالعُنُفِ
- أنتَ كمَا قَد عَلِمتَ مُضْطرِبُ الهيـ
- ـئةِ وَالقَدّ، ظاهرُ الجَلَفِ
- والسِّنُّ قَدْ بَيّنَتْ فَنَاءَكَ في
- شِدقٍ، على ماضِغيَكَ، مُنخَسِفِ
- وَجْهٌ لَعِينُ القِسمَينِ، يَقطَعُهُ
- أنفٌ طَوِيلٌ، مُحَدَّدُ الطّرَفِ
- وَرُتّةٌ تَحْتَ غُنّةٍ قَذَرَتْ،
- مِنْ هالِكِ الرّاءِ،دَامِرِ الألِفِ
- كأنّ في فيهِ لُقْمَةً عَقَلَتْ
- لسَانَهُ، فالتَوَى عَلى جََنَفِ
- تَنَاصَرَ النَّوْكُ وَالرّكَاكَةُ في
- مُخَبَّلِ الإنْحِنَاءِ، وَالحَنَفِ
- وَأعرَضَتْ ظُلْمَةُ الخِضَابِ عَلى
- عُثْنُونِ تَيْسٍ، باللّؤمِ مُنعَقِفِ
- مُحَرِّكٌ رَأسَهُ، تَوَهَّمُهُ
- قَدْ قَامَ مِنْ عَطسَةٍ على شَرَفِ
- سَمَاجَةٌ في العُيُونِ، فاحِشَةٌ،
- خَلَفتَ، في قُبْحِها، أبَا خَلَفِ
- تَرُومُ وَصْلَ المَهَا وَأنتَ كَذا؟
- هَذا لَعَمْرِي ضرْبٌ منَ السَّرَفِ
المزيد...
العصور الأدبيه