الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ما جو خبت وإن نأت ظعنه >>
قصائدالبحتري
ما جو خبت وإن نأت ظعنه
البحتري
- ما جَوُّ خَبْتٍ، وَإنْ نأتْ ظُعُنُهْ،
- تارِكَنا، أو تَشُوقَنَا دِمَنُهْ
- يَعُودُ للصَّبّ بَرْحُ لَوْعَتِهِ،
- إنْ عاوَدَ الصَّبَّ في دَدٍ دَدَنُهْ
- إِذَا اسْتَجَدَّتْ دَاراً تَعَلَّقَها
- بالإْلْفِ حَتَّى كَأَنَّها وَطَنُهْ
- تَالله ما إنْ يَني يُدلِّهُنَا
- سرُورُ هذا الغَرَامِ، أوْ حَزَنُهْ
- متى عَدِمتُ الجَوَى أُعَارِكُهْ،
- مُعيدَ لحظٍ، مَكرورَةٍ فِتَنُهْ
- يَفْتَنُّ فيهِ الهَوَى، إذا ثَقُلَتْ
- مأكَمَتَاهُ، وَخَفّ مُحتَضَنُهْ
- أبْقِ على القَلْبِ مِنْ تَتيّمِهِ،
- وأيُّ مُسْتَغْلِقِيهِ يَرْتَهِنهُ
- و َرُبّ صَابي نَفسٍ إلى سَكَنٍ،
- يَسُوم إتْوَاءَ نَفْسِهِ سَكَنُهْ
- يَغترُّ بالّدهرِ ذو الإضَاعةِ، وَالدّهـ
- ـرُ عَدوٌّ، مَطلُولَةٌ إحَنُهْ
- في زَمَنٍ رَنّقَتْ حَوَادِثُهْ،
- أشْبَهُ شيءٍ بحَادِثٍ زَمَنُهْ
- رَضِيتُ مِنْ سَيّءِ الزّمانِ بأنْ
- يَعْشُرَهْ، غَيرُ زَائِدٍ حَسَنُهْ
- يُحبَى الأتَاوَى من شُكرِنا مَلِكٌ،
- مَعْقُودَةٌ في رِقَابِنَا مِنَنُهْ
- تَصْنَعُ صَنْعَاؤه لَهُ شَرَفاً،
- لمْ تَتَأخّرْ عَنْ مِثْلِهِ عَدَنُهْ
- عَلَتْ يَدٌ لْلعلاَء مُفَضَّلَةٌ
- كمَا تُعَلّى مِنْ عَارِضٍ مُزُنُهْ
- إنْ هَزّه المَادِحُونَ سامَحَهُمْ
- فَرْعٌ مِنَ النّبْعِ، طَيّعٌ فَنَنُهْ
- تَكْرُمُ أَذْوَاؤُهُ إِذا جَعَلَتْ
- تَحْظُرُهَا قُصْرَةُ لَهُ يَمَنُهْ
- وِزَارَتَاهُ فيما نُشَاهِدُ أَو
- نُوَاسُهُ في القَدِيمِ أَو يَزَنُهْ
- سَاقَ أُمُورَ السّلطانِ يَسلُكُها
- نَهجاً من الرُّشدِ، وَاضِحاً سَننُهْ
- يَغبَى رِجالٌ عَنها، وَقد ضُرِبتْ
- ،مُحيطَةً مِنْ وَرَائِها، فِطَنُه
- إنْ شَذّ عَنْ عَيْنِهِ مُغَيَّبُها،
- كانَتْ وَفَاءً مِنْ عَيْنِهِ أُذُنُهْ
- إنْ خاتَلَتْهُ الرّجالُ مِنْ خَمَرٍ،
- فَسِرُّه المُسْتَشَارُ لا عَلَنُهْ
- والسّيفُ في نَصْلِهِ خُشونَتُهُ،
- لَيسَ التي يَستَعِيرُها سَفَنُهْ
- نَذُمُّ عَجْزَ العُقُولِ عَنْ خَطَرٍ
- نَكيلُه بالعُقُولِ أوْ نَزِنُهْ
- يَشْرَهْ حِرْصاً، حتّى يَثُوبَ له
- ذُخْرٌ، منَ المُغلِياتِ، يَخْتَزِنُهْ
- لا يَتَأنّى العَدُوَّ يُمْهِلُهْ،
- وَلاَ يُبَادي الصّديقَ يَمْتَهِنُهْ
- أُذْكُرْ هَداكَ الإلَهُ أغْثَرَ لا
- يُغْسَلُ بالبحرِ طامِياً دَرَنُهْ
- إبنَ وَضِيعٍ منَ اليَهُودِ إذا استُنْـ
- ـطِقَ لمْ يَرْتَفِعْ بهِ لَسَنُهْ
- تَرَبّبَتْهُ قُرَى السّوَادِ، وَلمْ
- تُبنَ عَلى أُمّهَاتِهِ مُدُنُهْ
- ألْكَنُ مِنْ عُجمَةِ البلادِ، إذا
- أرَادَ مِنْهُ يُقالُ قالَ: مِنُهْ
- لِم يَضْرِبِ الهُرْمُزَانُ فيهِ ، ولا
- مَارَمَّةٌ خَالُهُ ولا خَتَنُهْ
- أَدَّى إِلَيْنَا خِنْزِيرَ مَزْبَلَةٍ
- فَاحِشَةً إِنْ عَدَدْتُها أُبَنُهْ
- إِذا الْتَقَى والشُّرُوطُ أَقْبَلَ قُبْلَ
- الأَرْضِ حَتَّى يُصِيبَها ذَقَنُهْ
- أُنْظُرْ إلى الأصْهبِ العَنَطْنَطِ مِن
- مُعَلِّليهِ، فَعِنْدَهُ شَجَنُهْ
- أفْرَطَ إدْلالُهُ، وَطَالَ عَلى
- سُخْطِكَ من أفْنِ رأيهِ وَسَنُهْ
- وَكَمْ جرِىءٍ على عِنادِكَ قَدْ
- عَادَ هُزَالاً، في مَتنِهِ سِمَنُهْ
- وَغْدٌ، يَعُدُّ الإِفْضَالَ يُمنَحُهْ
- حِقْداً على المُفضِلينَ، يَضْطَغِنُهْ
- لمْ يَعْبَ للنّعمَةِ الجَزَاءَ، وَلمْ
- يَقدُرْ جَليلَ المَعْرُوفِ ما ثَمَنُهْ
- يَسرِقُكَ الشُّكرَ، ثمّ أنتَ عَلى
- سَيحِ دُجَيلٍ، والسَوسِ، تأتمِنُهْ
- وَلمْ أجِدْ قَبْلَهُ قَصِيرَ يَدٍ،
- فازَ بِمَالِ الأهْوَازِ يَحتَجِنُهْ
- مَا رَابَ رَأيٌ، إلاّ جَعَلْتُكَ ميـ
- ـزَاناً علَيهِ، في الحَزْمِ أمتَحِنُهْ
- وَما اختِيارِيَ جاراً سَوَاكَ سَوى العَجـ
- ـزِ، أجَنّتْ رَوِيّتي جُنَنُهْ
- إنّ المُوَلّي عَنكُمُ، وَمُهْجَتُهُ
- فيكُمْ، لَعَانٍ وَثيقَةٌ رُهُنُهْ
- لَهُ إلَيْكُمْ نَفْسٌ مُشَرِّقَةٌ،
- إنْ رَاحَ عَنكُمُ مُغَرِّباً بَدَنُهْ
- والبُعْدُ، إنْ تاجرَ المَشُوقُ بهِ،
- قَيْضٌ من القُرْبِ بَيّنٌ غَبَنُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه