الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ما بعيني هذا الغزال الغرير >>
قصائدالبحتري
ما بعيني هذا الغزال الغرير
البحتري
- ما بِعَيْنَيْ هذا الغَزَالِ الغَرِيرِ
- مِنْ فُتونٍ، مُستَجلَبٍ من فتورِ
- إسْتَوَى الحُبُّ بَيْنَنَا فَغَدا الدّهـ
- ـرُ قَصِيراً، واللّهوُ غَيرَ قَصِيرِ
- أنَخِيلٌ بعالِجٍ، أمْ سَفينٌ
- عائِماتٌ، أمْ أُولياتُ خُدُورِ
- قَرُبُوا بَعْدَ نِيّةٍ، وَاطمأنّوا
- بَعْدَ إدْمَانِ قِلْعَةٍ وَمَسِيرِ
- لِتَداني القُلُوبِ، إنّ تَدانِيـ
- ـهِنّ داعٍ إلى تَداني الدّورِ
- لَيسَ في العَاشِقِينَ أنقَضُ حَظّاً
- في التّصَابي مِنْ عَاشقٍ مَهجورِ
- ضَعُفَ الدّهرُ عن هَوَانَا وما الدّهْـ
- ـرُ عَلَى كلّ دَوْلَةٍ بِقَديرِ
- حَسُنَتْ لَيْلَةُ الكَثيبِ، فكانتْ
- ليَ أُنْساً، وَوَحْشَةً للغَيُورِ
- ضَلّ بَدْرُ السّمَاءِ، أوْ كَادَ لَمّا
- وَاجَهَتْهُ وُجُوهُ تِلْكَ البُدُورِ
- أللّوَاتي يَنْظُرْنَ بالنّظَرِ الفَا
- تِرِ مِنْ أعْيُنِ الظّبَاءِ الحُورِ
- يَتَبَسّمْنَ مِنْ وَرَاءِ شفوف الـ
- ـرّيْطِ عَنْ بَرْدِ أُقْحُوَانِ الثّغُورِ
- وَيُسارِقْنَ، والرّقِيبُ قَرِيبٌ،
- لَحَظاتٍ يُعْلِنّ سِرّ الضّمِيرِ
- شَغَلَ الحَمْدَ والثّنَاءَ جَميعاً،
- عن جَميعِ الوَرَى، نَوَالُ الأميرِ
- وإذا ما استهلّ بالحَسَنِ الجُو
- دُ، فإنّ الكَثيرَ غَيرُ كَثِيرِ
- مَلِكٌ عِنْدَهُ، على كلّ حالٍ،
- كَرَمٌ زَائِدٌ على التّقديرِ
- فَكَأنّا مِنْ وَعْدِهِ وَجَدَاهُ،
- أبَداً، بَينَ رَوْضَةٍ وَغَديرِ
- جامعُ الرّأيِ، لَيْسَ يَخفى عَلَيهِ
- أينَ وَجْهُ الصّوَابِ، في التّدبيرِ
- تَتَفادَى الخُطُوبُ مِنْهُ، إذا ما
- كَرّ فيهَا برَأيِهِ المَنْصُورِ
- قَهَرَ الدّهْرَ، أوّلاً وأخيراً،
- بحجًى مِنْهُ أوّلٍ وأخِيرِ
- فَلَهُ، كُلّما أتَتْهُ أُمُورٌ
- مُشكِلاتٌ، دَلائِلٌ من أُمُورِ
- كِسرَوِيٌّ عَلَيْهِ مِنْهُ جَلالٌ،
- يَمْلأُ البَهْوَ مِنْ بَهَاءٍ وَنُورِ
- وَتَرَى في رُوَائِهِ بَهْجَةَ الملْـ
- ـكِ، إذا ما استَوْفَاهُ صَدرُ السِّرِيرِ
- وإذا ما أشَارَ هَبّتْ صَبَا المِسْـ
- ـكِ، وَخِلتَ الإيوَانَ من كافُورِ
- يُطلِقُ الحِكمَةَ البَليغَةَ في عَرْ
- ضِ حَديثٍ، كاللّؤلؤِ المَنثُورِ
- يا ابنَ سَهْلٍ، وأنْتَ غَيرُ مُفيقٍ
- مِنْ بِنَاءِ العَلياءِ، أُخرَى الدّهورِ
- إنّ للمِهْرَجَانِ حَقّاً عَلَى كُلّ
- كَبيرٍ مِنْ فارِسٍ وَصَغِيرِ
- عيدُ آبَائِكَ المُلُوكِ ذوِي التّيـ
- ـجانِ أهلِ النّهَى، وأهلِ الخيرِ
- مِنْ قُباذٍ، وَيَزْدَجِرْدَ، وَفَيْرُو
- زَ، وكسرَى، وَقبْلِهِمْ أرْدَشِيرِ
- شاهَدوهُ في حَلْبَةِ الملْكِ يَغدو
- نَ عَلَيْهِ في سُنْدُسٍ وَحَرِيرِ
- عظموه ووقوروه ومحقو
- ق بفضل التعظيم والتوقير
- هُوَ يَوْمٌ، وَفيهِ مِنْ كُلّ شهرٍ
- خُلُقٌ، فَهْوَ جامعٌ للشّهُورِ
- بعدتْ فيهِ الشّعرَى من الجو في
- الحكم، فَلا مُوقِدٌ لِنَارِ الهَجِيرِ
- وَكَأنّ الأيّامَ أُوثِرَ بالحُسْـ
- ـنِ عَلَيها ذو المِهْرَجَانِ الكَبيرِ
- فأرِحْ فيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ المَجْـ
- ـدِ بِلَهْوٍ مِنْ غَيْرِهِ، أوْ سُرُورِ
- غَيرَ أنّي أرَاكَ لَسْتَ بِغَيْرِ الـ
- ـمَجْدِ أُخْرَى الأيّامِ بالمَسْرُورِ
- سَرّكَ الله في جَمِيعِ الأُمُورِ،
- وَوقاكَ المَحذورَ بالمَحْذُورِ
المزيد...
العصور الأدبيه