الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لي حبيب قد لج في الهجر جدا >>
قصائدالبحتري
لي حبيب قد لج في الهجر جدا
البحتري
- لي حَبيبٌ قَدْ لَجّ في الهَجْرِ جِدّا،
- وأعَادَ الصّدودَ مِنْهُ وأبْدَا
- ذُو فُنُونٍ، يُرِيكَ في كلّ يَوْمٍ
- خُلُقاً من جَفَائِهِ، مُسْتَجَدّا
- يَتَأبّى مُنْعماً، ويُنْعِمُ إسْعَا
- فاً، ويَدْنُو وَصْلاً، وَيَبعَدُ صَدّا
- أغْتَدِي رَاضِياً، وَقَدْ بِتُّ غَضْبَا
- نَ، وأُمْسِي مَوْلًى، وأُصْبِحُ عَبدَا
- وَبنَفْسِي أفْدي، عَلى كلّ حَالٍ،
- شَادناً لَوْ يُمَسُّ بالحُسنِ أعْدَى
- مَرّ بي خالِياً، فأطمَعَ في الوَصْـ
- ـلِ، وعَرّضْتُ بالسّلامِ، فَرَدّا
- وَثَنَى خَدَّهُ إليّ، عَلى خَوْ
- فٍ، فَقَبّلْتُ جُلَّنَاراً وَوَرْدا
- سَيّدي أنْتَ! ما تَعَرَّضْتُ ظُلْماً،
- فأُجَازَى بهِ، وَلاَ خُنْتُ عَهْدا
- رِقَّ لي مِنْ مَدَامِعٍ لَيسَ تَرْقَا،
- وارْثِ لي مِنْ جَوَانحٍ ليسَ تَهدَا
- أتُرَاني مُستَبْدِلاً بِكَ مَا عِشْـ
- ـتُ بَديلاً، وْوَاجِداً منكَ بِدّا
- حَاشَ لله أنتَ أفْتَنُ ألحا
- ظاً، وأحلى شَكلاً، وأحسنُ قَدّا
- خَلَقَ الله جَعْفَراً قَيّمَ الدّنْـ
- ـيا سَداداً، وَقَيّمَ الدّين رُشْدا
- أكْرَمُ النّاسِ شِيمَةً، وأتَمُّ النّا
- سِ خَلْقاً، وأكثرُ النّاسِ رِفْدا
- مَلِكٌ حَصّنَتْ عَزِيمَتُهُ المِلْـ
- ـكَ، فأضْحَتْ لَهُ مَعَاناً، وَرَدّا
- أظْهَرَ العَدْلَ، فاستَنَارَتْ بهِ الأرْ
- ضُ، وعَمَّ البِلاَدَ غَوْراً وَنَجْدَا
- وَحَكَى القَطْرَ، بَلْ أبَرَّ عَلَى القَطْـ
- ـرِ، بكَفٍّ على البرِيّةِ تَنْدَى
- هُوَ بَحْرُ السّماحِ، والجُودِ، فازْدَدْ
- مِنْهُ قُرْباً، تَزْدَدْ من الفَقْرِ بُعْدا
- يا ثِمَالَ الدّنْيَا عَطَاءً وَبَذْلاً،
- وَجَمَالَ الدّنْيَا سَنَاءً وَمَجْدَا
- وَشَبيهَ النّبيّ خَلْقاً وَخُلْقاً،
- وَنَسيبَ النّبيّ جَدّاً، فَجَدّا
- بِكَ نَسْتَعْتِبُ اللّيَالِي، وَنَسْتَعْـ
- ـدِي عَلَى دَهْرِنَا المُسِيءِ، فَنُعْدَى
- فَابْقَ عُمْرَ الزّمانِ، حتّى نُؤدّي
- شُكْرَ إحْسَانِكَ الذي لا يُؤدّى
المزيد...
العصور الأدبيه