الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ليت الخليط الذي قد بان لم يبن >>
قصائدالبحتري
ليت الخليط الذي قد بان لم يبن
البحتري
- لَيْتَ الخَليطَ الذي قد بانَ لمْ يَبِنِ
- وَلَيْتَ ما كانَ من حُبّيكِ لم يَكُنِ
- أحْرَى العُيُونِ بأنْ تُدْمىَ مَدامعُها
- عَيْنٌ، بكَتْ شَجوَها من مَنظرٍ حسنِ
- مَا أَحسَنَ الصَّبْرَ إِلاَّ عِنْدَ فُرْقَةِ مَنْ
- بِبَيْنِهِ صِرْتُ بَيْنَ الْبَثِّ والحَزَنِ
- يا فَرْحَةً لي من الشّمسِ التي طَلَعَتْ
- في الرّائحينَ، بسِرْبِ الرَّبْرَبِ القَطِنِ
- ما أحسَنَ الصّبرَ، إلاّ عندَ فُرْقَةِ مَنْ
- بِبَثّهِ صِرْتُ بَينَ البَثّ والحَزَنِ
- كَثيبُ رَمْلٍ عَلى عَلْيَائِهِ فَنَنٌ،
- وَشَمْسُ دَجْنٍ بأعْلَى ذلِكَ الفَنَنِ
- ما تَقَعُ العَينُ مِنْهَا حِينَ تَلْحَظُها،
- إلاّ عَلى فِتْنَةٍ مِنْ أقتَلِ الفِتَنِ
- قامَتْ تَثَنّى، فَلانَتْ في مَجَاسِدِها،
- حتّى كأنّ قَضِيبَ البَانِ لمْ يَلِنِ
- لي عَنْ قَلِيلٍ ضَميرٌ لا يُلِمُّ بهِ
- وَجْدٌ عَلَيْكِ، وَقَلبٌ غيرُ مُرْتَهَنِ
- إنّ الهُمُومَ، إذا أوْطَنّ في خَلَدٍ
- للمَرْءِ، سارَ وَلمْ يَرْبَعْ على وَطَنِ
- إِلَيْكَ بَعْدَ وِصَالِ الْبِيدِ أَوْصَلَنَا
- آذِيُّ دِجلَةَ في عِيرٍ مِنَ السّفُنِ
- غَرَائِبُ الرّيحِ تَحدوها، وَيَجْنُبُها
- هَادٍ مِنَ المَاءِ، مُنقادٌ بلا رَسَنِ
- جِئْنَاكَ نَحْمِلُ ألْفاظاً مُدَبَّجَةً،
- كأنّما وَشْيُها مِنْ يُمْنَةِ اليَمَنِ
- كأنّها وَهْيَ تَمشِي البَحْتُرِيَّةَ في
- يَدَيْ أبي الفَضْلِ أوْ في نائلِ الحَسَنِ
- نُهدي القَرِيضَ إلى رَبّ القَرِيضِ معاً
- كَحَامِلِ العَصْبِ يُهديهِ إلى عَدَنِ
- مِنْ كُلّ زَهْرَاءَ، كالنُّوّارِ، مُشرِقَةٍ،
- أبْقَى على الزّمَنِ البَاقي مِنَ الزّمَنِ
- شكرُ امرِىءٍ ظَلّ مَشغُولاً بشكرِكَ عَن
- فَرْطِ البُكَاءِ على الأطْلالِ، والدِّمَنِ
- قَدْ قُلتُ إذْ بَسَطَتْ كَفّاكَ من أملي:
- ما شاءَ مِنْ نائباتِ الدّهرِ، فليكُنِ
- رَضِيتُ منكَ بأخلاقٍ قدِ امتَزَجَتْ
- بالمَكْرُمَاتِ امتِزَاجَ الرّوحِ بالبَدَنِ
- وَزِدْتَني رَغْبَةً في عَقْدِ وُدِّكَ، إذْ
- شَفَعتَ ذاكَ النّدَى بالفَهْمِ، والفِطَنِ
- تُدْنِي إلى المَجُدِ كَفّاً منكَ قد أنستْ
- بالبَذْلِ والعُرْفِ أُنسَ العينِ بالوَسنِ
- مَنْ يُصْبِهِ سَكَنٌ مِمّنْ يحبُّ، وَمن
- يَهوَى، فما لكَ غيرُ المَجْدِ من سَكَنِ
المزيد...
العصور الأدبيه