الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لها الله عني ضامن وكفيل >>
قصائدالبحتري
لها الله عني ضامن وكفيل
البحتري
- لَهَا الله عَنّي ضَامِنٌ وَكَفِيلُ،
- يُتَابَعُ فيها، أوْ يُطاعُ عَذُولُ
- أبِيتُ بأعْلَى الحَزْنِ، والرّمْلُ عندَهُ
- مَغَانٍ لَهَا مَعْْفُوّةٌ وَطُلُولُ
- وَقَد كُنتُ أهوَى الرّيحَ غَرْباً مآبُها،
- فقَد صِرْتُ أهوَى الرّيحَ وَهيَ قَبُولُ
- وَمَا زَالَتِ الأحلاَمُ، حتّى التَقَى لَنا
- خَيالانِ: بَاغِي نائِلٍ وَمُنِيلُ
- أُنَبّهُهَا، وَهْناً، وفي فَضْلِ مِرْطِهَا،
- مُصَابٌ قُوَاهُ بالنّعاسِ، قَتِيلُ
- فَيَا حُسْنَهَا، إذْ هَبّ من سِنَةِ الكَرَى،
- صَرِيعٌ بِصَيْكِ الزَّعْفَرَانِ، رَميلُ
- عَذَرْتُ النّوَى، فيمَنْ إلَيهِ اختيارُها،
- فَما عُذرُها في المُلْكِ حينَ يَزُولُ
- أمَا وَزَعَتْنِي النّفْسُ عَن بينِ مُلصَقٍ
- إلى النّفْسِ، تَبكي بَيْنَهُ، وَتَعُولُ
- بلى، قد تَكرّهتُ الفِرَاقَ، وأشفَقَتْ
- جوَانِحُ، مِنْهَا مُثْبَتٌ وَعَليلُ
- وَدَافَعتُ جُهدي عن ثُرَيّا، فلم يكنْ
- إلى مَنْعِها مِنْ أنْ تُبَاعَ سَبيلُ
- فَلاَ وَصْلَ إلاّ أنْ تُجَدَّدَ خِلّةٌ،
- ولاَ أُنْسَ إلاّ أنْ يَكُونَ بَديلُ
- وَلَوْ أنْجَبَتْ أُمُّ البرِيدِيّ ما نَأى
- عَليّ جَداهُ، والبَخيلُ بَخيلُ
- نَبَا في يَدي، وابنُ اللّئيمَةِ واجِدٌ،
- وَيَنْبُو الحَدِيثُ الطّبْعِ، وَهوَ صَقيلُ
- بَدا بالسِّيَاطِ الشُّقْرِ، والمَرْءُ مُبتَدٍ
- منَ النّاسِ، بالرّهْطِ الذينَ يَعُولُ
- وَكُنْتُ خَليقاً أنْ يُشَيِّعَ مِنّتي
- عَزَاءٌ عَلى مَا فَاتَ مِنْهُ، جَميلُ
- فَهَلْ يَنْفَعَنّي في حَمُولَةَ أنّهُ،
- لأوْزَنِ ما أَعْيَا الرّجَالَ، حَمُولُ
- أسًى في نُفُوسِ الحاسِدينَ وَحَسرَةٌ،
- وَغَيْظٌ على أكبادِهِمْ، وغَليلُ
- وَكانُوا، إذا رَامُوا تَعاطيَ سَعْيِهِ
- يَفيءُ بعَجْزٍ رأيُهُمْ، فيَفيلُ
- وَمَا نَقَمُوا إلاّ تَخَرُّقَ مُنْعِمٍ،
- يَطُوعُ لَهُمْ إحْسَانُهُ، فيَطُولُ
- لَهُ هِمّةٌ نُلْقي عَلَيْهَا مُهِمَّنَا،
- فيَدْنُو بَعيدٌ، أوْ يَدِقُّ جَليلُ
- أقامَتْ لَنا عُوجَ الخُطوبِ، وَرَحّلتْ
- نَوَائِبَ هذا الدّهْرِ، وَهْيَ نُزُولُ
- فأصْبَحَ ما نَرْجُو مُؤدًّى قَصِيُّهُ
- إلَيْنَا، وَغَالَتْ ما نُحاذرُ غُولُ
- وَلِيُّ أيادٍ عِنْدَنَا، مَا يُغِبُّهَا
- ثَنَاءٌ، عَلَى سَمَعِ العَدُوّ ثَقِيلُ
- وكيف تُخِلُّ الأَرضُ بالنَّبْتِ فَوْقَها
- تَحَرِّي سَمَاءٍ ما تَزَالُ تُخِيلُ
- لَهُ بَينَ جُوذَرْزٍَ مَنَاقِبٌ
- شَرَاوَى لأعْلامِ الدّجَى، وَشُكُولُ
- فَما سَعيُهُ، عَن نَيلِهِنّ، مُؤخَّرٌ،
- وَلاَ حَدُّهُ، عَنْ حَوْزِهنّ، كَليلُ
- خَطَبْنَا ألَيْهِ قَوْلَهُ، غِبَّ فِعْلِهِ،
- وَمَنْ يَفْعَلِ المَعْرُوفَ، فَهوَ يَقولُ
- وَمَا سَاعَةٌ مِنْ جَاهِهِ، دُونَ جودِهِ،
- بمُبْعِدَةٍ مِنْ أنْ يُنَالَ جَزِيلُ
- أرَاني حَقيقاً أنْ أؤولَ إلى الغِنَى،
- إذا كانتِ الشُّورَى إلَيكَ تَؤولُ
- وإنّي على غَرْبِي وَشَغْبِ شَكيمَتي،
- لَمُعْتَبَدٌ للطَّوْلِ مِنْكَ، ذَليلُ
- جَلا أوْجُهَ الآمَالِ، حتّى أضَاءَها،
- هِلالٌ، عَلَيْهِ بَهْجَةٌ وَقَبُولُ
- صَغيرٌ، يُرَجّى للكَبيرِ ضُحَى غَدٍ،
- وكم مِنْ كَثيرٍ قَدْ بَداهُ قَليلُ
- نُؤَمِّلُ أنْ تَسرِي عَلَيْنَا، وَتَغْتَدي
- أساكيبُ، مِن آلائِهِ، وَفُضُولُ
- إذا استُحْدِثَتْ فيكُمْ زِيَادَةُ واحِدٍ
- تَدَفَّقَ بَحْرٌ، أوْ تَلاَحَقَ نِيلُ
المزيد...
العصور الأدبيه