الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لله ما تصنع الأجياد والمقل >>
قصائدالبحتري
لله ما تصنع الأجياد والمقل
البحتري
- للهِ ما تَصْنَعُ الأَجْيادُ والمُقَلُ
- والأُقْحُوانُ الشَّتِيبُ الواضِحُ الرَّتِلُ
- تَرَنَّحَ الشَّرْبُ واغْتَالَتْ حُلُومَهُمُ
- شَمْسٌ تَرَجَّلُ فِيهمْ ثُمَّ تَرْتَحِلُ
- لاَ تَسْترِيحُ إِلى المِلْوَى تُمَارِسُهُ
- ولا تَبِيتُ على الأَوْتَارِ تَتَّكِلُ
- فِيها فَراغٌ مِنَ السُّلْوانِ يَشْغَلُها
- عنِّي، وَفيَّ بهَا عَنْ غَيْرهَا شُغُلُ
- إِذا تَلَبَّثْتُ عَنْهَا ساقَ بي كَلَفٌ
- بَرْحٌ، وأَوْجَفَني وَجْدٌ بِهَا عَجِلُ
- يَا عَلْوَ ،إِنَّ اعْتِلاَلَ القَلْبِ لَيْسَ لهُ
- آسٍ ،يُدَاوِيهِ إِلاَّ خُلَّةً تَصِلُ
- هَلْ أَنتِ إِلاَّ قَضِيبُ الْبانِ تَعْطِفُهُ
- مَرْضَى الرِّياحِ وتَعْدُوهُ فَيَعْتَدِلُ
- أَوِ الغَزَالةُ في دجْنٍ يُغازِلُها
- أَو ظَبْيَةُ الْبَانِ في أَجْفَانها كَحَلُ
- كَيف التَّصرُّعُ في أَرضِ العِراقِ وَقَدْ
- خلَّفْتُ بالشَّامِ مَنْ قَلْبِي بهِ خَبِلُ؟
- بَلْ كَيْفَ يَحْسنُ بِي التَّقْرِيظُ والغَزَلُ
- وشَيْبُ رأْسِي عَلَى الفَوْدَينِ مُشْتَعِلُ
- لَمْ يَبْقَ إِلاَّ حنِينُ الزِّيرِ أَسْمَعُهُ
- والكَأْسُ يُصْبِحُنِيها الشَّارِبُ الثَّمِلُ
- عَاجلْ بنَا الرَّاحَ والرَّيْحانَ مُبْتَكِراً
- فَلَيْسَ يَحسُنُ إِلاَّ فِيهمَا العَجَلُ
- واشْرَبْ علَى دَوْلَةِ المُعْتَزِّ إِنَّ لَهَا
- حَظًّا مِنَ الحُسْنِ لم تَسْعَدْ بهِ الدُّوَلُ
- خَلِيفَةٌ يَخْلُفُ الأَنْوَاءَ نَائِلُهُ
- إِذا تَهَلَّل قُلْتَ العارِضُ الهَطِلُ
- إِذا بَدَا وجَلاَلُ المُلْكِ يَغْمُرُهُ
- حَسِبْتَهُ البَدْرَ وفَّي حُسْنَهُ الكَمَلُ
- رِباعُهُ في جِوَارِ اللهِ واسِطةٌ،
- وحَبْلُهُ بِرَسُولِ اللهِ مُتَّصِلُ
- خَلَّتْ قُرَيْشٌ لهُ البَطْحَاءَ وانْصَرفَتْ
- لَهُ عَنِ السَّهْلِ حتَّى حَازَهَا الجَبَلُ
- وفَضَّلُوهُ ،ولاَ تَزْكُو فَضَائِلُهمْ
- إِلاَّ بتَفْضِيل أَقْوامِ بِهِمْ فَضَلُوا
- يَا مَنْ لَهُ أَوَّلُ العلْيَا وآخِرُها
- وَمَنْ بجُودِ يَدَيْهِ يُضْرَبُ المَثَلُ
- أَنْقَذْتَنَا مِنْ خَبَالِ المُسْتَعَارِ وَقَدْ
- أَوْبَا البِلاَدَ عَلَيْنَا رأْيُهُ الخَطِلُ
- هو المَشُومُ الذي كانتْ وِلاَيَتُهُ
- بَلَوى تَهَالَكَ فيها النَّاس إِذْ خُذِلُوا
- غَزَلْتَهُ وَهْوَ مَذْمُومٌ عَلَى صُغُرٍ
- ولمْ يَكَدْ لِلَجَاجِ الغيِّ يَنْعَزِلُ
- وَكَانَ كالعِجْلِ غُرَّ الجاهِلُون بهِ
- وكُنْتَ مُوسى هَدَى القَوْمَ الأْلَى جَهِلُوا
- وَكَانَ كالجَسَدِالمُلْقَى ،فجِئْتَ كَمَا
- جَاءَ سُلَيْمَانُ يَتْلُو قَوْلَكَ العَمَلُ
- فالدِّينُ في كُلِّ أُفْقٍ ضاحِكٌ بَهِجٌ،
- والكُفْرُ في كُلّ أَرضٍ خَائفٌ وَجِلُ
- أَما المَوَالي فَجُنْدُ اللهِ حَمَّلَهُمْ
- أَنْ يَنْصُرُوكَ فَقَدْ قَامُوا بِمَا احتَمَلوا
- بَقَاؤُهُمْ عِصْمَةُ الدُّنْيَا، وعِزُّهُمُ
- سِتَرُ على بَيْضَةِ الإِسلامِ مُنْسَدِلُ
- رَدُّوا المُعَارَ،وتَابُوا مِنْ خَطِيئتِهِمْ
- فِيهِ إِلى اللهِ،والإِثْمِ الَّذي فَعَلُوا
- خَطِيئَةٌ لَمْ تَكُنْ بِدْعاً ولا عَجَباً،
- قَدْ أَخْطَأَتْ أَنْبِيَاءُ اللهِ والرُّسُلُ
- مَنْ يَرْكَبُ الخَطَرَ الصَّعْبَ الَّذي رَكِبُوا
- بالأَمْسِ ،أَو يَبْذُلُ النَّصْرَ الَّذِي بَذلُوا؟
- قَدْ جاهَدُوا عَنْكَ بالأَموَالِ وَافِرةً
- وبالنُّفوسِ ،ونارُ الحَرْبِ تَشْتَعِلُ
- تَوَرَّدُوا النَّقْعَ لا حَيْدٌ ولا كَشَفٌ،
- وباشَرُوا المَوْتَ لا مِيلٌ ولا عُزُلُ
- يُوَاتِرُونَ تِبَاعَ الكَرِّ إِنْ رَكِبُوا،
- ويَصْدُقُونَ دِرَاكَ الطَّعْنِ إِنْ نَزَلُوا
- مَا مِثْلُ شَيْخِهِمُ حَزْماً وتَجْرِبَةً،
- ولا كَبَأْسِ فَتاهُمْ حِينَ يَعْتَمِلُ
- ثَلاَثَةٌ جِلَّةٌ أِن شُووِرُوا نَصَحْوا،
- أَوِ اسْتُعِينُوا كَفَوا ،أَو سُلِّطُوا عدَلُوا
- فاسْلَمْ لَهُمْ مَا دَعَتْ صُبْحاً مُطَوَّقَةٌ،
- وَلَيْسلَمْور لَكَ ما حَنَّتْ ضُحىً إِبلُ
المزيد...
العصور الأدبيه