الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لعمر المغاني يوم صحراء أربد >>
قصائدالبحتري
لعمر المغاني يوم صحراء أربد
البحتري
- لَعَمر المَغاني، يومَ صَحرَاءِ أربَدِ،
- لقَد هَيّجتْ وَجداً على ذي تَوَجُّدِ
- مَنَازِلُ أضْحَتْ للرّياحِ مَنَازِلاً،
- تَرَدَّدُ فيْهَا بَينَ نُؤيٍ وَرِمْدِدِ
- شَجَتْ صَاحبي أطلالُها، فتَهَلّلَتْ
- مَدامِعُهُ فيها، وما قُلْتُ أسْعِدِ
- وَقَلّتْ لِدارِ المَالِكِيّةِ عَبْرَةٌ
- منَ الشّوْقِ، لم تُملَكْ بصَبْرٍ فتُرْدَدِ
- سَقَتْها الغَوَادي حَيثُ حَلّتْ دِيَارُها،
- على أنّها لمْ تَسقِ ذا الغُلّةِ الصّدِي
- رأتْ فَلَتاتِ الشّيبِ، فابتَسَمَتْ لها،
- وَقَالَتْ: نجُومٌ لَوْ طَلَعْنَ بأسْعَدِ
- أعاتِكُ! ما كانَ الشّبابُ مُقَرّبي
- إلَيكِ، فألحي الشّيبَ، إذ كان مُبعدي
- تَزِيدينَ هَجراً كُلّما ازْدَدْتُ لوْعةً،
- طِلاباً لأنْ أُرْدى، فَها أنذا رَدِ
- متى ألحَقِ العَيشَ الذي فاتَ آنِفاً،
- إذا كانَ يوْمي فيكِ أحسَنَ من غدِي
- لَعَمْرُ أبي الأيّامُ ما جَارَ حُكْمُها
- عَليّ، وَلاَ أعْطَيْتُها ثِنْيَ مِقْوَدي
- وَكَيْفَ أخافُ الحادِثَاتِ وَصَرْفَها
- عَليّ، وَدُوني أحْمَدُ بنُ مُحمّدِ
- مَلُومٌ عَلَى بَذْلِ التِّلادِ، مُفَنَّدٌ،
- وَلاَ مَجْدَ إلاّ للمَلُومِ، المُفَنَّدِ
- وأبْيَضُ نُعْمَاهُ لأقْصَرِ مَاتِحٍ
- رِشَاءٌ، وَجَدْوَاهُ لأوّلِ مُجْتَدِ
- إذا ابتَدَرُوهُ بالسّؤالِ انْتَحَى لَهُمْ
- على وَفْرِهِ، حتى يَجُورَ، فيَعتَدي
- بَعيدٌ على الفِتيَانِ أنْ يَلحَقُوا بهِ،
- إذا سارَ في نَهجٍ، إلى المَجْدِ، مُصْعِدِ
- وَفي النّاسِ ساداتٌ يَرُوحُ عَديدُهُمْ
- كَثيراً، وَلَكِنْ سَيّدٌ دونَ سَيّدِ
- غَدَا وَاحداً في حَزْمِهِ واضْطِلاعهِ،
- يَنُوُء بِنُصْحٍ، للخِلاَفَةِ أوْحَدِ
- قَريبٌ لها مِنْ حِفظِ كلّ مُضَيَّعٍ،
- سَرِيعٌ لها في جَمعِ كلّ مُبَدَّدِ
- يضيق عن الشيء الطفيف يخانه
- وإن هو أمسى واسع الصدر واليد
- أبَا حَسَنٍ! تَفْيكَ أنْفُسُنا التي
- بسَيْبِكَ من صَرْفِ النّوَائِبِ تَفتَدي
- وَمَا بَلَغَتْ آمَالُنا مِنْكَ غَايَةً
- نَرَاهَا رِضًى في قَدْرِكَ المُتَجَدِّدِ
- وَكَيفَ وَذاكَ الرّأيُ لمْ يَستَندْ بهِ
- مُشيرٌ، وَذاكَ السّيفُ لمْ يُتَقَلَّدِ
المزيد...
العصور الأدبيه