الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> لا دمنة بلوى خبت ولا طلل >>
قصائدالبحتري
لا دمنة بلوى خبت ولا طلل
البحتري
- لا دِمنَةٌ بلِوَى خَبتٍ، وَلا طَلَلُ،
- يَرُدُّ قَوْلاً على ذي لَوْعَةٍ يَسَلُ
- إنْ عزّ دَمْعُكَ في آي الرّسومِ، فلَمْ
- يَصُبْ علَيها، فعِندِي أدمُعٌ ذُلُلُ
- هلْ أنت يَوْماً مُعيري نَظرَةً، فترَى
- في رَمْلِ يَبرِينَ عِيراً سَيرُها رَمَلُ
- حَثُّّوا النّوى بحُداةٍ ما لَها وَطَنٌ
- إِلاََّ النّوَى، وَجِمالٍ ما لها عُقُلُ
- بَني زُرَارَةَ نُصْحاً مَا لَهُ ثَمَنٌ
- يُرْجى لدَيكُمْ، وَقَوْلاً كلُّهُ عَذَلُ
- وَإنّما هَلَكَتْ مِنْ قَبلِكمْ إرَمٌ،
- لأنّهُمْ نُصِحْوا دَهْراً، فَما قَبِلُوا
- مُستعْصِمينَ مَعَ الأرْوَى. كأنّكُمُ
- لا تَعلَمُونَ بأنّ العَصْمَ لا تََئِلُ
- أنْذَرْتُكُمْ عَارِضاً تُدْمي مَخايِلُهُ،
- ألقَطرَةُ الفَذُّ منهُ عارِضٌ هَطِلُ
- هذا ابنُ يوسُفَ في سَرْعَان ذي لجَبٍ،
- فيه الظّبا واَلقَنَا وَالكَيْدُ وَالحِيَلُ
- غَزَاكُمُ بِقُلُوبٍ ما لهَا خَلَلٌ
- من خَلفِها، وَسُيوفٍ ما لهَا خِلَلُ
- قد كان ناراً وَعِظمُ الجَيشِ مُفترِقٌ
- بالثَّغْرِِ، إلاّ أُصَيْحابٌ لَهُ قُلُلُ
- فكَيفَ وَهوَ يَسُوقُ اللّيلَ في زَجِلٍ
- مِن عَسكَرٍ، ما لشيءٍ غَيرِهِ زَجَلُ
- وَلاّكُمُ البَغيَ ثمّ انساب نَحوَكُمُ
- بالمَشرَفيّةِ فهيا الثُّكْلُ، والهَبَلُ
- وانحازَ مِثلَ انحِيازَ الطّوْدِ. يَتْبَعُهُ
- رَأيٌ يُصَغَّرُ فيهِ الحادِثُ الجَلَلُ
- جَرَّ الرّمَاحَ إلى دََرْبِ الرّماحِ، فَهَلْ
- لَكُمْ عَلَيْهِ بَقَاءٌ، أوْ بهِ قِبَلُ
- فإنْ تكُن دوْلةً دامتْ، فما انقَطعتْ،
- عن مثلِ صَوْلَتِهِ، الأيّامُ، والدّوَلُ
- ألله ألله! كُفّوا إنّ خَصْمَكُمُ
- أبو سَعيدٍ، وَضرْبُ الأرْؤسِ الجَدَلُ
- تَغَنّموا السّلمَ، إنّ الحَرْبَ توعدُكم
- يَوْماً، تَعُودُ لَهُ صِفُّونَ وَالجَمَلُ
- ألآن، وَالعُذْرُ مَبسوطٌ لمُعْتَذِرٍ
- وَالأمْنُ مُستَقْبَلٌ، وَالعَفُو مُقتبَلُ
- وَلا يَغُرّنّكُمْ مِنْهُ تَبَذُّلُهُ
- بالاذْنِ حتى استوَىَ الأرْبابُ وَالخَوَلُ
- فإنْ يكُنْ ظاهراً فالشّمسُ ظاهَرَةٌ،
- أوْ كانَ مُبتَذَلاً فالرّكنُ مُبتَذَلُ
- طالَ الرّوَاءُ الذي في رَأسِ فَحلِكُمُ،
- لا يَسهُلُ الصّعبُ حتى يَقصُرَ الطِّوَلُ
- قَدْ جَارَ مُوسَى،وجَارَى حَتْفَ مُهْجَتِهِ
- فإِنْ يَكُنْ جَئِراً فالرُّمحُ مُعْتَدِلُ
- وَأمّلَ الثّلْجَ، وَالجَوْزَاءُ مُلْهِبَةٌ
- في ناجرٍ، ساءَ هذا الظنُّ والأملُ
- وَعِنْدَ بُقْرَاطَ داءٌ، لَوْ تَصَفّحَهُ
- بُقرَاطُ قالَ: الدّوَاءُ البِيضُ وَالأسَلُ
- وَما صَليبُ ابنِ آشُوط بأمنَعَ مِنْ
- صَليبِ بَرْجانَ، إذْ خَلّوْهُ، وانجَفلوا
- تَحمِلُهُ البُرْدُ مِنْ أقصَى الثّغُورِ إلى
- أدْنَى العِرَاقِ سِرَاعاً، رَيثُها عجَلُ
- بسُرّ مَنْ رَاءَ مَنكُوساً تُجَاذِبُهُ
- أيْدِي الشِّمَالِ فُضُولاً، كلُّها فُضُلُ
- تَهْفُو بِهِ رَايَةٌ صَفْرَاءُ تَحسِبُها
- أزْدِيّةً، صَبّغَتها الهُونُ وَالشّلَلُ
- أمسَى يَرُدُّ حَرِيقَ الشّمسِ جانِبُهُ،
- عن بابِكٍ، وَهيَ في الباقِينَ تَشتَعِلُ
- كأنّهُمْ رَكِبُوا للحَرْبِ، وَهوَ لهمْ
- بَنْدٌ، فَما لُفّ مُذْ أوْفَى وَلا نزَلُوا
- تَفَاوَتُوا بَيْنَ مَرفُوع ومُنْخَفِضٍ
- على مَرَاتِبِ ما قَالُوا وما فَعَلوا
- رَدَّ الهَجيرُ لِحاهُمْ، بَعدَ شُعَلَتِها،
- سُوداً فعادوا شَباباً بَعدَما اكتَهَلُوا
- رَأى ابنُ عَمْروٍ أميرَ المُؤمنينَ، كمَا
- قالَ الخَوَارِجُ إذْ ضَلّوا وَإذْ جَهِلُوا
- سَمَا لَهُ خَاتِلُ الآسَادِ في لُمَةٍ
- مِنَ المَنَايَا، فأمسى، وَهوَ مُحْتَبَلُ
- حالي الذّرَاعَينِ وَالسّاقَينِ، لوْ صَدقتْ
- لَهُ المُنَى لَتَمَنّى أنّهُ عُطُلُ
- مِنْ تحتِ مُطبِقِ بابِ الشّامِ في نَفَرٍ
- أسرَى، يَوَدّونَ وَدّاً أنّهمْ قُتلُوا
- غابوا عنِ الأرْضِ أنأى غَيبَةٍ، وَهُمُ
- فيها فلا وَصْلَ إلاّ الكُتبُ وَالرّسُلُ
- تَغْدُو السّماءُ، فتَلقاهُمْ مُرَبَّعَةً،
- وَتَقطَعُ الشّمسُ عَنهُمْ حينَ تتّصِلُ
- ذَمّوا مُحمّداً المَحمُودَ إذْ نَشِبُوا
- في مُصْمَتٍ لَيسَ في أرْجائِهِ خَلَلُ
- لَوْ سِرْتُمُ في نَواحي الأرْضِ عَدّ
- لكُمْ آثارَهُ الباقياتِ السّهلُ وَالجَبَلُ
- مُشَيَّعٌ مَعَهُ رَأيٌ يُبَلّغُهُ
- تِلكَ الأمورَ، التي ما رَامَها رَجُلُ
- لا يَجذِبُ الوطنُ المَألوفُ عَزْمَتَهُ،
- ولا الغَزَالُ الذي في طَرْفِه كَحَلُ
- مُسَافِرٌ. وَمَطَاياهُ مُحَلَّلَةٌ
- غُرُوضُها، وَمُقيمٌ وَهوَ مُرْتَحِلُ
- يَهَشُّ للغَزْوِ، حتى شَكّ عَسكَرُهُ
- فيهِ، وَقالوا أغَزْوٌ ذاكَ أمْ قَفَلُ
- تجرِي على سُورَةِ الأنْفَالِ قِسْمَتُهُ،
- إذا تَوَافَى إلَيْهِ الغُنْمُ وَالنَّفَلُ
- أنا ابنُ نِعمَتِكَ الأولى التي شكَرَتْ
- نَبْهانُ عَنها، وَعَنْ آلائِها ثُعَلُ
- أقُولُ فيكَ بوِدٍّ ظَلّ يَجذِبُني
- إلى المَدِيحِ فما يحظَى بيَ الغَزَلَ
- هذا وَلَوْ قُلتُ فيكَ لمْ أرَني
- قضَيتُ حَقّاً، وَلا أُعطيتُ ما أسَلُ
المزيد...
العصور الأدبيه