الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> كم بالكثيب من اعتراض كثيب >>
قصائدالبحتري
كم بالكثيب من اعتراض كثيب
البحتري
- كَمْ بالكَثيبِ من اعترَاضِ كَثِيبِ،
- وَقَوَامِ غُصْنٍ، في الثّيَابِ، رَطِيبِ
- وَبذي الأرَاكَةِ منْ مَصِيفٍ لابسٍ
- نَسْجَ الرّياحِ، وَمَرْبَعٍ مَهْضُوبِ
- دِمَنٌ لزَيْنَبَ، قَبلَ تَشرِيدِ النّوَى
- منْ ذي الأرَاكِ بزَينَبٍ، وَلَعُوبِ
- تأبَى المَنَازِلُ أنْ تُجِيبَ، وَمن جوًى
- يَوْمَ الدّيارِ دَعَوْتُ غَيرَ مُجيبِ
- هَلْ تُبْلِغَنّهُمُ السّلامَ دُجُنّةٌ،
- وَطْفَاءُ، سارِيَةٌ برِيحِ جَنُوبِ
- أوْ تُدْنيَنّهُمُ نَوازِعُ في البُرَى،
- عُجْلٌ كَوَارِدَةِ القَطا المَسرُوبِ
- فَسَقَى الغَضَا والنّازِلِيهِ، وإنْ هُمُ
- شَبّوهُ بَينَ جَوَانحٍ، وَقُلُوبِ
- وَقِصَارَ أيّامٍ بهِ سَرَقَتْ لَنَا
- حَسَنَاتُهَا منْ كاشحٍ، وَرَقِيبِ
- خضرا يساقطها الصبا وكأنها
- ورق يساقطها اهتزاز قضيب
- كانَتْ فُنُونَ بِطَالَةٍ، فتَقَطّعَتْ
- عَنْ هَجرِ غَانِيَةٍ، وَوَخْطِ مَشِيبِ
- إمّا دَنَوْتُ من السّلُوّ مُرَوّياً
- فيهِ، وَبعْتُ منَ الشّبَابِ نَصِيبي
- فَلَرُبّما لَبّيْتُ داعيَةَ الصّبَا،
- وَعَصَيْتُ من عَذْلٍ، وَمِنْ تأنِيبِ
- يَعشى عنِ المَجْدِ الغَبيُّ، وَلَنْ تَرَى
- في سُؤدَدٍ أرَباً لغَيرِ أرِيبِ
- لا تغل في جود الرجال فإنه
- لم أرضَ جوداً غير جود أديب
- والأرْضُ تُخرجُ في الوِهَادِ، وَفي الرُّبَى،
- عفو النّبَاتِ، وَجُلُّ ذلكَ يُوبي
- وإذا أبُو الفَضْلِ استَعَارَ سجيّةً
- للمَكْرُمَاتِ، فَمِنْ أبي يَعْقُوبِ
- لا يَحتَذِي خُلُقَ القَصِيّ، وَلاَ يُرَى
- مُتَشَبّهاً، في سُؤدَدٍ، بغَرِيبِ
- تُمضِي صَرِيمَتَهُ، وَتُوقِدُ رأيَهُ،
- عَزَمَاتُ جُوذَرْزٍ وَسَوْرَةُ بِيبِ
- شَرَفٌ تَتابَعَ كابِراً عَنْ كابِرٍ،
- كالرّمْحِ أُنْبُوباً عَلَى أُنْبُوبِ
- وأرَى النّجَابَةَ لا يَكُونُ تَمَامُها
- لنَجيبِ قَوْمٍ، لَيسَ بابنِ نَجِيبِ
- قَمَرٌ منَ الفتيانِ، أبيَضُ صادعٌ
- لدُجَى الزّمانِ الفاحِمِ الغِرْبيبِ
- أعيى خُطُوبَ الدّهرِ حتّى كَفّهَا
- وَالدّهْرُ سِلْكُ حَوَادثٍ وَخُطوبِ
- قل كما صدقت مخايل بارق
- يهمي، وفضل ناصع التهذيب
- وإذا اجتَدَاهُ المُجْتَدُونَ، فإنّهُ
- يَهَبُ العُلا، في نَيْلِهِ المَوْهُوبِ
- نشرت عطاياه، فَصِرْنَ قَبائلاً
- لقَبَاِئلٍ منْ زوره، وَشُعُوبِ
- كَمْ حُزْنَ من ذِكرٍ لغُفْلٍ خامِلٍ،
- وَبَنَينَ منْ حَسَبٍ لغَيرِ حَسِيبِ
- دانٍ على أيْدي العُفَاةِ، وَشَاسعٌ
- عَنْ كُلّ نِدٍّ في العلا، وَضَرِيبِ
- كالبَدْرِ أفرَطَ في العُلُوّ، وَضَوْءُهُ
- للعُصْبَةِ السّارِينَ جِدُّ قَرِيبِ
- يَهْني بَني نو بَخْتَ أنّ جيَادَهُمْ
- سَبَقَتْ إلى أمَدِ العُلا المَطْلُوبِ
- إنْ قِيلَ: رِبّعيُّ الفَخَارِ، فإنّهُمْ
- مُطِرُوا بأوّلِ ذَلكَ الشّؤبُوبِ
- أوْ تُجْتَبَى أقْلاَمُهُمْ لكتَابَةٍ،
- فَلَقَبْلُ ما كانَتْ رِمَاحُ حُرُوبِ
المزيد...
العصور الأدبيه