الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> كفي الملامة أو دومي على العذل >>
قصائدالبحتري
كفي الملامة أو دومي على العذل
البحتري
- كُفِّي المَلاَمَةَ أَو دُومِي عَلَى العَذَلِ
- ما اللَّوْمُ أَكْثَرُ هِمَّاتي ولا شُغُلِي
- لَوْ ذُقْتِ مَا ذُقْتُهُ مِنْ حَرِّ بَيْنِهِمُ
- لَكُنْتِ فِي شُغُلٍ عنِّي وعَنْ عَذَلِي
- هذِي دِيارُهُمُ تُنْبِيكِ أَنَّهُمُ
- أَيْدِي سبَا بَيْنَ مُحْتَلٍّ ومُرْتَحِلِ
- أَخْلَتْ مَعَالِمَهُمْ نَوًى غَمَرَتْ
- حشَايَ مِنْ كَمَدٍ آنٍ ومِنْ خَبَلِ
- لَمَّا عَفَتْ جَدَّدَتْ شَوْقِي فَجدَّدَهَا
- دَمْعٌ تَرَقْرَقَ مِنْ جارٍ ومُنْهَمِلِ
- ومَا اسْتَدَرَّتْ جُفُونُ العَيْنِ إِذْ بَكَأَتْ
- أَخْلاَفَ دِرَّتِهَا كالنُّؤْيِ والطَّلَلِ
- يا دِمْنَةً أَحْدثَتْ مِنْها النَّوى دِمَناً
- أَخْلَتْ مَرَابِعَها قَفْراً مِنَ الغَزَلِ
- إِنَّ الأُلَى احْتَمَلُوا أَبْقَى احْتِمَالهُمُ
- في القَلْبِ قاطِنَ شَوْقٍ غَيْرَ مُحتَمِلِ
- وَفِي الأَكِلَّةِ مِنْ تَحْتِ الأَجِلَّةِ أَمْثَالُ
- الأَهِلَّهِ بيْن السِّجْفِ والكِلَل
- أُدْمٌ أَوانِسُ كالأْدْمِ الكَوَانِسِ أَوْ
- دُمَى الكَنَائِسِ ، لَكِنْ لَسْنَ بالعُطُلِ
- أَشْبهْنَ مِنْهُنَّ أَعْطَافاً وأَجْيِدَةً
- والرَّبْرَبَ الْعِينَ في الأَحْدَاقِ والكَحَلِ
- إِذا السُّجُوفُ انْفَرَتْ عن بيضِها انْحَسرَتْ
- مِنَ السُّجُوفِ حُتُوفُ اللَّحظِ والمُقَلِ
- مَا ارْتَادَ مُرْتَادُ رَيْبِ الدَّهْرِ مِنْ سَبَبٍ
- إِلى النُّفُوسِ بِمِثْلِ الأَعْيُنِ النُّجُلِ
- زِينَتْ بِخَالِدٍ الدُّنَيا وزِينَتُها
- وَأَبْسمَ المُلْكُ عَنْ عِزٍّ وعَنْ جَذَلِ
- سَيْفٌ مِن اللهِ لم يُهْزَزْ لِمُعْضِلَةٍ
- إِلا انْفَرَتْ قِطَعاً عن أَنْهَجِ السُّبُلِ
- بِهِ اسْتَقَرَّ عِمَادُ الدِّينِ وانْكَشَفَتْ
- عَنهُ الدُّجَى وَهْي بيْن الدَّحْضِ والزَّلَلِ
- إِذا اكْتَسَى المَلِكُ الجبَّارُ أُبَّهَةً
- غَشَّاهُ بالسَّيْفِ ثَوْبَ الذُّلِ والخَمَلِ
- كَمْ مَارِقِ مَرَقَتْ فيهِ أَسِنَّتُهُ
- والموْتُ يصْدُرُ عَنْ عَلٍّ وعن نَهَلِ
- وناكِثٍ نَكَثَتْ فِي الدِّين أَشْرَتُهُ
- عَنْهُ وقَدْ نَشِبَتْ فيهِ شَبَا الأَسلِ
- لمَّا رأَى خَيْلَهُ تُزْجِي سَحَابَ ردًى
- يَنَهَلُّ هَيْدَبُهَا بالصَّيِّبِ الخَضِلِ
- فِي موْضِعٍ ضَنِكٍ تُمْسِي مَعَاقِلُهُ
- إِذا اسْبَطَرَّ شِهَابُ المَوْتِ كالعْقُلِ
- تَغْدُو أَسِنَّتُهُ زُرْقاً فَيَكْحَلُهَا
- يَوْمَ الكرِيَهَةِ في الأَحْدَاق والكَحَلِ
- إِذا انْتَضَى السِّيْفَ يَوْمَ الرَّوْعِ أَغْمَدَةُ
- مُخَضَّباً مِنْ دَمِ الأَعْدَاءِ في القُلَلِ
- فَإِنْ تأَوَّدَتِ الأَرْمَاحُ ثَقَّفَهَا
- بكَاهِلٍ بَطَلٍ مِن فَارِسٍ بَطَلِ
- إِذا اغْتَدَى اغْتَدَتِ الآمَالُ تَقْدُمُهُ
- إِلى نُفُوسِ العِدَى بالخَيْلِ والوَجَل
- إِذا ارْتَدَى بِنِجادِ السَّيْفِ عاتِقُهُ
- قُلْتَ الحَمَائِلُ قَدْ نِيطَتْ عَلَى جَبَلِ
- تَنْدَى مَنَاصِلُهُ حَتْفاً ، ورَاحَتُهُ
- عُرْفاً يَفِيضُ كَفَيْضِ المُسْبِلِ الوَبِلِ
- تَبِيتُ أَعْدَاؤهُ تُطْوَى على وَجَلٍ
- مِنْهُ ، وَأَمْوالُهُ تُطْوَى عَلَى وَجَلِ
- غَيْثُ العُفَاةِ ،وفَكَّاكُ العُنَاةِ ، وقَتَّالُ
- العُداةِ غَدَاةَ الرُّوعِ والوَهَلِ
- أَغَرُّ لَيْسَ لَهُ فِي البَأْسِ مِنْ مَثَلٍ
- وَلاَ لَهُ في النَّدَى والجُودِ مِنْ مَثَلِ
- بِسَيْفِهِ أَصْبَحَ الإِسلامُ وهْوَ حِمىً
- رَاضٍ عِنِ المُلْكِ والإِسلامِ والدُّولِ
- لَوْلاَ تَدَاهُ ، ولَوْلاَ سَيْفُ نِقْمَتهِ
- دَارَتْ رَحَى الدِّينِ والدُّنيَا على ثِكَلِ
- وَلاَ تُمْدُّ يَدٌ يوْماً إِلى طَمَعٍ
- وَلاَ ثَنَتْهَا أَكُفُّ اليَأْسِ بالشَّلَلِ
- إِذا تَصَعَّبَتِ الأَيَّامُ قَلَّدَها
- رَأْياً يَرُدُّ شَبَا الأَيَّامِ عن فَلَلِ
- تَبِيتُ أَعْيُنُ صَرْفِ الدَّهْرِ قَاذِيَةً
- بالعِزِّ مِنْ دُونِهِ تُغْضِيعَلَى قَبَلِ
- مَا زالَ يَمْلِكُ وَفْْراً غَيْرَ مُدَّخَرٍ
- عَنِ العُفَاةِ وعِرْضاً غَيْرَ مُبْتَذَلِ
- يكادُ يَعْلَمُ ما تُخْفِي الصُّدُورُ مِنَ الآمَال
- حَتَّى لَقَدْ أَجْدَى ولَمْ يُسلِ
- إِذا رأَيْتَ عَطَاياهُ وَنَائِلَهُ
- خِلْتَ السَّمَاحَةَ لم تُفْقَدْ ولم تَزُلِ
- إِذا الخُطُوبُ امْتَرَتْ أَخْلافَ دِرَّتِهِ
- دَرَّتْ بِخِلْفَيْنِ مِنْ شَرْيٍ ومِنْ عَسَلِ
- حَلَّت رِكَابُ العُلاَ والمَجْدِ أَرْحُلَها
- بهِ ، وشالَتْ رِكَابُ البُخْلِ بالبَخَلِ
- في كُلِّ يَوْمٍ لهُ وَعْدٌ يُحَقِّقُهُ
- حَتَّى يُقَطِّعَ قَبْلَ المَطْلَ والعِلَلِ
- لِخَالِدِ بْنِ يْزِيدٍ بِكْرُ مَكْرُمَةٍ
- لَوْ رامَ هَادِيَهُ العَيُّوقَ لم يَنَلِ
- أَرسَى قَوَاعِدَهُ مَعْنُ بْنُ زَائدَةٍ
- في باذِخٍ مِنْ شَوَاةِ النَّجْمِ مُحْتَلَلِ
- إِذا سَرَايا عَطَاياهُ سَرَتْ أَسَرَتْ
- يَدَ المَكَارِمِ ، واسْتَغْنَتْ عَنِ العُقُلِ
- لَمْ يَغْزُ ساحَتَهُ رَاجٍ سَمَاحَتَهُ
- يَوْماً فَيَرْجِعُ إِلاَّ غَانِمَ القَفَلِ
- كَأَنَّهُ وَبَنُو شَيْبَانَ تَكْنُفُهُ
- بَدْرٌ بَدَا فِي نُجُومِ السَّعْدِ بالكَمَلِ
- أَحْيا يَزِيدَ بِعُرْفٍ مِنْ مآثِرهِ
- أَحْيَتْ مَآثِرَ مِنْ آبَائهِ الأُوَلِ
المزيد...
العصور الأدبيه