الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> قلب مشوق عناه البث والكمد >>
قصائدالبحتري
قلب مشوق عناه البث والكمد
البحتري
- قَلْبُ مَشُوقٍ عَناهُ البَثُّ وَالكَمَدُ،
- وَمُقْلَةٌ تَبذُلُ الدّمْعَ الذي تَجِدُ
- تَدْنُو سُلَيْمَى، وَلا يَدْنُو اللّقاءُ بها،
- فيَسْتَوي في هَواها القُرْبُ وَالبُعُدُ
- بَيضَاءُ لا تَصِلُ الحَبلَ الذي قَطعتْ
- مِنّا، وَلا تنجز الوَعْدَ الذي تَعِدُ
- ظُلْمٌ مِنَ الحُبّ أنّا لا يَزَالُ لَنَا
- فيهِ دَمٌ، مَا لَهُ عَقْلٌ وَلا قَوَدُ
- هَلْ تُلْقيَنَي وَرَاءَ الهَمّ يَعْمَلَةٌ
- مِنَ العِتاقِ، أمُونٌ، رَسلَةٌ، أُجُدُ
- أوْ أشكُرَنّ أبَا نُوحٍ بأنْعُمِهِ،
- وَكَيفَ يشكُرُ ما يَعيا بهِ العَدَدُ
- ألحَقْتَني برجال كُنْتُ أتْبَعُهُمْ،
- وَأطْلُبُ الرّفدَ منهُمْ، إنْ همُ رَفدوا
- فصِرْتُ أُجدي كمَا كانَتْ سَرَاتُهُمُ
- تُجدي، وَأحمَدُ إفضَالاً كما حمِدوا
- مُقَسِّماً نَشَبي في عُصْبَتَيْ طَلَبٍ:
- فعُصْبَةٌ صَدَرتْ، وَعُصْبَةٌ تَرِدُ
- آلَيْتُ لا أجعَل الإعدام حَادِثَةً
- تُخشَى، وَعيسَى بنُ إبراهيمَ لي سَنَدُ
- قَدْ أخلَقَ المَجدُ في قَوْمٍ لنَقصِهِمِ
- عَنْهُ، وَأخْلاقُهُ مَرْضِيّةٌ جُدُدُ
- مَا إنْ تَزَالُ يَداهُ تُولِيانِ يَداً
- بَيضَاءَ، أيْديهِمُ عَنْ مِثلِها جَمَدُ
- موَفَّقٌ ما يَقُلْ فَهُوَ الصّوابُ جرَى
- رَسْلاً، ومَا يَرْتَئيهِ الحَزم وَالسّدَدُ
- يُؤيّدُ المُلْكَ مِنْهُ نُصْحُ مُجْتَهِدٍ
- لله يُسْرِعُ بالتّقْوَى وَيَتّئدُ
- مُباشِرٌ لصِغَارِ الأمْرِ، لا سَلِسٌ
- سَهْلٌ، وَلا عَسِرُ التّنفيذِ، مُنعَقِدُ
- وَلا يُؤخّرُ شُغْلَ اليَوْمِ يَذْخَرُهُ
- إلى غَدٍ، إنّ يَوْمَ الأعجَزِينَ غَدُ
- مُحَسَّدٌ بِخلالٍ فيهِ فاضِلَةٍ،
- وَلَيسَ تَفترِقُ النَّعمَاءُ، والحَسَدُ
- الله جَارُكَ مَكْلُوءاً، وَمُمْتَنِعاً
- من الحَوادثِ، حتّى يَنفَدَ الأبَدُ
- إذا اعتَلَلْتَ ذَمَمْنا العيشَ وَهوَ نَدٍ،
- طَلْقُ الجَوانِبِ، ضَافٍ، ظِلُّهُ رَغَدُ
- لَوَ أنْ أنْفُسَنَا اسطاعَتْ وُقيتَ بها،
- حتّى تكونَ بنا الشّكْوى التي تَجِدُ
- ما أنْصَفَ الأسَدُ الغَادي مُخاتَلَةً،
- وَالرّاحُ تَسرِي، وَجُنحُ اللّيلِ محْتشدُ
- وَلَوْ يُلاقيكَ صُبحاً مُصحِراً لَرَأى
- صَرِيمَةً، يَنثَني عَنْ مِثلِها الأسَدُ
- وَصَدّهُ عَنْكَ عَزْمٌ صَادقٌ، وَيَدٌ
- طَويلَةٌ، وَحُسامٌ صَارِمٌ يَقِدُ
المزيد...
العصور الأدبيه