الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> قفا في مغاني الدار نسأل طلولها >>
قصائدالبحتري
قفا في مغاني الدار نسأل طلولها
البحتري
- قِفَا في مَغاني الدّارِ نَسألْ طُلُولَها،
- عَنِ الأُنَّسِ المَفْقُودِ كانوا حُلولَهَا
- مَتى أجمَعَتْ سُعدَى رَحيلاً، فإنّهُ
- قَليلٌ لسُعدَى أنْ نُخَشّى رَحيلَهَا
- وَلَوْ آذَنَتْنَا بالتَحمَّلُِ، غُدْوَةً،
- لَشَيّعَ رَكْبٌ بالدّمُوعِ حُمُولَهَا
- شَنِئْتُ الصَّبَا إذْ قيلَ وَجّهنَ نَحْوَها،
- وَعادَيْتُ مِنْ بَينِ الرّياحِ قَبُولَهَا
- وَلوْ ساعدتْ سُعدى على الحُبّ ذا هوًى
- أبتْ قوْلَ وَاشيها، وَعاصَتْ عَذولَهَا
- إذا أرْسَلَتْ طَيفاً يُذَكّرُني الجَوَى،
- رَدَدْتُ إلَيها، بالنّجاحِ، رَسُولَهَا
- أجِدَّ الغَوَاني مَا تَزَالُ مُجِدّةً
- تَبَارِيحَ شَجْوٍ، ما بَرَدْتُ غَليلَهَا
- تَعَلّقْ بأسْبَابِ الوَزِيرِ، وَلا تُبَلْ
- أمُبَرَمَها عُلّقْتَهُ أمْ سَحيلَهَا
- نَوَاظِرُ مُعْتَلٍّ يُصَرَّفُ لحْظُها،
- وَإنْ أغْفَلَ العُوّادُ سَهواً غَليلَهَا
- مُضِيءٌ، وَأبْهَى المَشرَفيّاتِ أنْ ترَى
- مؤثَّرَها مِنْ جَوْهَرٍ، أوْ صَقيلَهَا
- عَظيمُ كَرَاديسِ المَوَاكِبِ، قادِرٌ
- على الدّرْعِ أنْ يَغتالَ عَنه فضُولَهَا
- إذا قَلّبَ الآرَاءَ ألْغَى خَسيسَهَا،
- وَأزْلَفَ مُخْتَاراً إلَيْهِ أصِيلَهَا
- إذا أوْطَأ الشُّقْرَ الدّمَاءَ، مُشايِحاً،
- أعَادَ إلى تِلكَ الشّياتِ حُجُولَهَا
- يُؤمَّلُ جَدْوَاهُ، وَمَرْجُوُّ نَيْلِهِ،
- كمَا غَنِيَتْ مِصْرٌ تُؤمِّلُ نِيلَهَا
- لُهًى سَوَّدْتْهُ دُونَ قَوْمٍ ،وَلَمْ يَدَعْ
- جَوادُ الرِّجالِ أَنْ يَسُودَ بَخِيلَهَا
- تُرَاحُ الغَوَادي أنْ تُشَاهِدَ عِنْدَهُ
- شَبَائِهَهَا مِنْ سَيْبِهِ، وَشُكُولَهَا
- تَقَرّى جُنوبَ الأرْضِ جوداً وَنائلاً،
- وَطَبّقَ عَدْلاً حَزْنَها وَسُهولَهَا
- وَلَوْ سِيقَتِ الدّنْيَا إلَيْهِ بِأسْرِهَا،
- وَلمْ يَتْلُهَا حَمْدٌ لَعَافَ قَبُولَهَا
- بَقيتَ، فكأيِنْ جِئتَ بادىءَ نِعْمَةٍ،
- يَقِلُّ السّحَابُ أنْ يَجيءَ رَسيلَهَا
- وَأعطَيْتَ طُلاّبَ النّوَافِلِ سُؤلَهمْ،
- فمِنْ أينَ لا تُعطي القَصَائدَ سُولَها
- وَوَلّيتَ عُمّالَ السّوَادِ، فَوَلّني
- قَرَارَةَ بَيْتي مُدّةً لَنْ أُطيلَهَا
- قَصَرْتُ مَسَافَاتِ المدائِحِ عَامِداً
- وَحقُّكَ أَنْ تُعْطى بِجَدْوَاكَ طُولَهَا
- حَبسْتُ القَوَافِي عَنْكَ وهْيَ نَوَازِعٌ
- تُجَاذِبُ مِنْ شَوقٍ إِليكَ كُبُولَهَا
- فَهَا أَنَا إِنْ تُطْلِقَ سَبِيِلي ميَُسَّراً
- إِلى بَلَدِي أُطْلِقْ لَديْكَ سَبِيلَهَا
- وَمَا شَكَرَ النَّعْمَاءَ مِثْليَ شَاكِرُ
- إِذا قَائِلُ الأَقوامِ جَزَى فَعُولَهَا
- فَكَيْف َتَرَاني صَانِعاً في كَثِيرِهَا
- إِذا كُنْتُ أُجْزَى بالكثِيرِ قَلِيلَهَا
المزيد...
العصور الأدبيه