الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> في غير شأنك بكرتي وأصيلي >>
قصائدالبحتري
في غير شأنك بكرتي وأصيلي
البحتري
- في غَيرِ شأْنكَ بُكْرَتِي وأصِيلي،
- وَسوَى سَبيلكَ في السّلُوّ سَبيلي
- بخُلَتْ جُفُونُكَ أن تَكونَ مُساعدي،
- وَعَلِمتَ ما كَلَفي، فكُنتَ عَذولي
- جَارَ الهَوَى، يَوْمَ استَخَفّ صَبَابتي
- لِخِلِيّ ما تَحْتَ الضّلُوعِ، مَلُولِ
- سَفَرَتْ كَمَا سَفَرَ الرّبيعُ الطّلْقُ عَنْ
- وَرْدٍ، يُرَقْرِقُهُ الضّحَى، مَصْقُولِ
- وَتَبَسّمَتْ عَن لُؤلُؤٍ، في رَصْفِهِ
- بَرَدٌ، يَرُدُّ حُشَاشَةَ المَتْبُولِ
- خَلَفَتْكُمُ الأنْوَاءُ في أوْطَانكمْ،
- فَسَقَتْ صَوَادِي أرْبُعٍ وَطُلُولِ
- وإذا السّحابُ تَرَجّحَتْ هَضَبَاتُهُ،
- فعَلَى مَحَلٍّ بالعَقِيقِ مُحيلِ
- حَتّى تُبَلّ مَنَازِلٌ، لَوْ أهْلُهَا
- كُثُبٌ لَرُحْتُ على جَوًى مَبْلوُلِ
- بَلْ ما أوَدُّ بأنّني أفْرَقْتُ منْ
- وَجْدي، ولا أنّي بَرَدْتُ غَليلي
- وأعُدُّ بُرْئي منْ هَوَاكَ رَزَِّيةً،
- والبُرْءُ أكْبَرُ حَاجَةِ المَخبُولِ
- ما للمَكَارِمِ لا تُرِيدُ سوَى أبي
- يَعْقُوبَ إسْحَقَ بنِ إسْمَاعِيلِ
- وإلى أبي سَهْلِ بنِ نَيْبُخْتََ انْتَهَى
- مَا كَانَ من غُرَرٍ لَهَا وَحُجُولِ
- نَسَباً كَمَا اطّرَدَتْ كُعُوبُ مُثَقَّفٍ
- لَدْنٍ، يَزِيدُكَ بَسطَةً في الطّوُلِ
- يُفْضِي إلى بِيبَ بنِ جُوذَرْزَ الذي
- شَهَرَ الشّجَاعَةَ، بَعد طول خُمولِ
- أعْقَابُ أمْلاكٍ، لَهُمْ عَاداتُهَا
- منْ كُلّ نَيْلٍ مثلِ مَدّ النِّيلِ
- ألْوَارِثُونَ منَ السّرِيرِ سُرَاتَهُ،
- عَنْ كُلّ رَبّ تَحيّةٍ مأمُولِ
- والضّارِبُونَ بسَهْمَةٍ مَعْرُوفَةٍ،
- في التّاجِ ذي الشُّرُفَاتِ والإكلِيلِ
- إنّ العَوَاصِمَ قَدْ عُصِمْنَ بأبْيَضٍ
- ماضٍ كحَدِِّ الأبيَضِ المَصْقُولِ
- أعطَى الضّعيفَ من القَوِيّ، وَرَدّ من
- نَفسِ الوَحيدِ، وَمِنّةِ المَخْذُولِ
- عَزّ الذّليلُ، وَقَدْ رَآكَ تَشُدُّ منْ
- وَطْءٍ عَلَى عُنُقٍ العَزِيزِ، ثَقِيلِ
- وَرَحَضْتَ قِنَّسْرِينَ، حتّى أُنْقيَتْ
- جَنَبَاتُهَا منْ ذَلكَ البِرْطِيلِ
- رَعَتِ الرّعيّةُ مَرْتَعاً بكَ حَابساً،
- وَثَنَتْ بظلٍّ، في ذُرَاكَ، ظَلِيلِ
- أعطَيْتَهَا حُكْمَ الصّبيّ، وَزِدتَها
- في الرِّفْدِ، إذْ زَادَتْكَ في التأمِيلِ
- وَكَعَمتَ شِدقَ الآكلِ الذَّرِبِ الشَّبَا
- حَتّى حَمَيْتَ جُزَارَةَ المأكُولِ
- أحْكَمْتَ ما دَبّرْتَ بالتَّبْعِيدِ، والـ
- ـتَّقْرِيبِ، والتّصعِيبِ، والتّسهِيلِ
- لَوْلا التّبَايُنُ في الطّبَائِعِ لمْ يَقُمْ
- بُنْيَانُ هَذا العَالَمِ المَجْهُولِ
- قَوْلٌ يُتَرْجِمُهُ الفَعَالُ، وإنّما
- يُتَفَهّمُ التّنزِيلُ بالتّأوِيلِ
- مَاذا نَقُولُ، وَقَدْ جَمَعتَ شَتَاتَنا،
- وأتَيْتَنا بالعَدْلِ والتّعْدِيلِ
المزيد...
العصور الأدبيه