الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> فداؤك نفسي دون رهطي ومعشري >>
قصائدالبحتري
فداؤك نفسي دون رهطي ومعشري
البحتري
- فِدَاؤكَ نَفسِي، دونَ رَهطي وَمَعشرِي،
- وَمَبدايَ مِنْ عَلْوِ الشّآمِ، ومحْضرِي
- فكم شِعبِ جودٍ يَصْغُرُ البحرُ عندَهُ
- توَرّدْتُهُ مِنْ سَيْبِكَ المُتَفَجِّرِ
- وَكمْ أمَلٍ في سَاحَتَيكَ غَرَسْتُهُ،
- فمِنْ مُورِقٍ أذكي النّبَاتِ، وَمُثْمِرِ
- فَلا يَهنىءِ الوَاشِينَ إفْسَادُ بَيْنِنَا،
- بأسْهُمِهِمْ مِنْ بَالغٍ وَمُقَصِّرِ
- تَقَدّمتَ في الهِجرانِ، حتّى تأخّرَتْ
- حُظوظيَ في الإحسانِ كُلَّ التّأخّرِ
- وَلَوْلاَكَ ما رُمْتُ القَطيعَةَ، بَعد َما
- وَقَفْتُ عَلَيْهَا وِقْفَةَ المُتَحَيّرِ
- وَكنتُ إذا استَبطأتُ وِدّكَ زُرْتُهُ
- بتَفْوِيفِ شِعْرٍ، كالرّداءِ المُحَبَّرِ
- لأسمَعْتَني في ظُلمَةِ الهَجرِ دَعْوَةً
- على الهجر في وَقْتٍ من العَفْوِ، مُقْمِرِ
- أتَيْتَ بمَعْرُوفٍ من الصّفْحِ، بعدَ ما
- أتَيْتَ بمَذمومٍ من الغَدْرِ، مُنْكَرِ
- عِتابٌ بأطْرَافِ القَوَافي، كأنّهُ
- طِعَانٌ بأطْرَافِ القَنَا المُتَكَسِّرِ
- وأجلُو بهِ وَجْهَ الإخَاءِ، وأجْتَلِي
- حَيَاءً كَصِبغِ الأُرْجُوَانِ المُعَصْفَرِ
- بِنِعْمَتِكُمْ، يا آلَ سَهْلٍ، تَسَهّلتْ
- عَليّ نَوَاحي دَهْرِيَ المُتَوَعِّرِ
- شَكَرْتُكُمُ، حتى استَكَانَ عَدُوُّكُمْ،
- وَمَنْ يُولَ ما أوْلَيْتُمُوينهَ يَشْكُرِ
- ألَسْتُ ابنَكُمْ، دونَ البَنينَ، وأنتُمُ
- أحِبّاءُ أهلي، دونَ مَعْنٍ وَبُحتُرِ
- أعُودُ إلى أفْيَاءِ أرْعَنَ شَاهِقٍ،
- وأدْرُجُ في أفْنَاءِ رَيّانَ أخْضَرِ
- أبا الفَضْلِ! إنْ يُصبحْ فَعَالُكَ أزْهراً،
- فمِنْ فَضْلِ وَجْهٍ، في السّمَاحَةِ، أزْهَرِ
- وَهَبْتَ الذي لَوْ لمْ تَهَبْهُ لَما التَوَى
- بكَ اللّوْمُ، إنّ العُذْرَ عندَ التّعذّرِ
- فأعطَيتَ ما أعطَيْتَ، والبِشرُ شاهِدٌ
- على فَرَحٍ بالبَذْلِ، منكَ، مُبَشِّرِ
- وَكَانَ العَطاءُ الجَزْلُ ما لمْ تُحَلّهُ،
- بِبِشْرِكَ مثلَ الرّوْضِ، غيرَ مُنَوِّرِ
- وَنَيْلُكَ هذا يَشْرَكُ النّيلَ مَسْمَعاً،
- وَيَفْضُلُهُ، مِن بَعدُ، في حُسنِ منظرِ
- أطَعْتُ لسُلطانِ التّكَرّمِ والعُلا،
- وَعاصَيتُ سُلطانَ الجَوَى، والتّذَكّرِ
- فَوَالله لا أدرِي سَلَوْتُ عَنِ الهَوَى،
- فأكْفَتَنِيهِ، أمْ حسدتُ ابنَ مَعْمَرِ
المزيد...
العصور الأدبيه