الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> عزمت على المنازل أن تبينا >>
قصائدالبحتري
عزمت على المنازل أن تبينا
البحتري
- عَزَمْتُ عَلى المَنَازِلِ أنْ تَبينَا،
- وَإنْ دُمْنَ بَلِينَ كمَا بَلِينَا
- نُمَتَّعُ مِنْ تَداني مَنْ قَلِينَا،
- وَنُمْنَعُ مِنْ تَداني مَنْ هَوينَا
- فََكَمْ مِنْ مُنتَوًى لَهُمُ لوَ انّا
- نُعَاني مُرّهُ حِيناً، فَحِينَا
- جَمَعْنَا مِنْ لَيَاليهِ شُهُوراً،
- وَمِنْ أعْدادِ أشْهُرِهِ سِنِينَا
- نُليحُ مِنَ الغَرَامِ، إذا اعْتَرَانا،
- وَأبْرَحُ مِنْهُ ألاّ يَعْتَرِينا
- وَمِنْ سُقْمٍ مَبيتُ المَرْءِ خِلواً،
- بلا سُقْمٍ يَبيتُ لَهُ، وَهِيَنا
- شَرِكْنَا العِيسَ ما نَدَعُ التّصَابي
- لوَاحدَةٍ، وما تَدَعُ الحَنِينا
- إذا بَدأتْ لَنَا أُسْلُوبَ شَوْقٍ،
- رَأيْنَا في التَّصَابيِ مَا تُرِينَا
- بعُمْرِكَ كَيفَ نَرْضَى مَا أبَانَا
- منَ الدّنْيَا، وَنَسخَطُ ما رَضِينَا
- عَنَانا مَا عَسَاهُ يُزَالُ عَنّا،
- وَأنْصَبَنَا تَكَلُّفُ ما كُفِينَا
- يُقَيَّضُ للحَرِيضِ الغَيْظُ بَحْتاً،
- وَتَتَجِهُ الحُظُوظُ لمَنْ قُضِينَا
- وَما هوَ كائنٌ، وَإنِ استَطَلْنَا
- آلَيْه النّهْجَ، يوشكُ أنْ يكونَا
- فَلا تُغْرَرْ مِنَ الأيّامِ، وَانظُرْ
- إلى أقْسَامِها عَمّنْ زَوَيْنَا
- كَلِفتُ بنُجحِ سارِيَةِ المَطايا،
- إذا أسْرَتْ إلى أذْكُوتِكِينَا
- إلى خَوْفِ العِدَى، حتّى يَبيتُوا
- عَلى ضِغْنِ، وَأمْنِ الخائِفِينَا
- فتَى الفِتيَانِ، عَارِفَةً وَبأساً،
- وَخَيرُ خِيارِهمْ، دُنْيا وَدِينَا
- أبَاحَ حِمَى الدّيالِمِ في حُرُوبٍ،
- سَقَتْ هِيمَ القَنَا، حتّى رَوِينا
- إذا طَلَبُوا لها الأشْبَاهَ كَانَتْ
- غَرَائبَ ما سُمِعْنَ، وَلا رُؤيَنا
- وأعْهَدُ أرْضهِمْ أعْدَى سِبَاعاً،
- وَآشَبُ عِنْدَ عادِيَةٍ عَرِينَا
- فتِلْكَ جِبَالُها عَادَتْ سُهُولاً،
- وَكانَتْ قِبْلَ مَغزَاهُ حُزُونَا
- وَكانُوا جَمْعَ مَملَكَةٍ، فالُوا
- طَوائِفَ في مَخابيهِمْ عَزِيَنا
- وَلمْ يَنْجُ ابنُ جِسْتَانٍ لِشَيْءٍ،
- سِوَى الأقْدارِ غَالَبَتِ المَنُونا
- وَكَمْ مِنْ وقعَةٍ قَدْ رَامَ فيها
- ظُهُورَ الأرْضِ، يَجعَلُها بُطونَا
- يَصُدُّ عَنِ الفَوَارِسِ صَدَّ قالٍ
- عَنِ العَشَرَاتِ، يَحسَبُها مِئينَا
- يُلاوِذُ، وَالأسِنّةُ تَدّرِيهِ،
- شِمَالاً، حيثُ وُجّهَ، أوْ يَمينَا
- سَمَا لبَوَارِهِ حِرْقٌ، إذا مَا
- سَمَا للصّعْبِ أوْجبَ أنْ يَهُونَا
- أبُو حَسَنٍ، وَمَا للدّهرِ حَليٌ
- سوَى آثَارِهِ الحَسَنَاتِ فِينَا
- يَقِلُّ النّاسُ أنْ يَتَقَيّلُوهُ،
- وَأنْ يَدْنُوا إلَيْهِ مُشاكِلينَا
- وَظَنُّكَ بالضّرَائبِ أنْ تُكَافَا،
- كَظَنّكَ بالأصَابعِ يَسْتَوينَا
- وَلمْ أرَ مِثْلَهُ حَشدَتْ عَلَيْهِ
- صُرُوفُ الدّهْرِ أبْكاراً وَعُونَا
- أقَرَّ عَلى نُزُولِ الخَطْبِ جَاشاً،
- وَأوْضَحَ تَحْتَ حَادِثَةٍ جَبِينَا
- نَسِينَا ما عَهِدْنا، غَيرَ أنّا
- يُذكّرُنَا نَداهُ مَا نَسِينَا
- وَلَوْلا جُودُهُ البَاقي عَلَيْنَا،
- لَكَانَ الجُودُ أنْفَسَ ما رُزِينَا
- أُعِينَ على مُكَايَدَةِ الأعادِي،
- مِنِ ابنِ الشَّلْمَغانِ، بِما أُعِينَا
- بأزْهَرَ مِنْ بَني سَاسَانَ يَلْقَى
- بهِ اللاّقُونَ عِلْقَهُمُ الثّمِينا
- تَقَصّرَ عَنْ مِثَال يَدَيْهِ عِلْماً،
- فقَصْرُكَ أنْ تَظُنّ بهِ الظّنُونَا
- وَما هوَ غَيرُ خوْضِ الشّكّ ترْمي
- إلَيهِ، حَيثُ لا تَجِدُ اليَقينَا
- وقَدْ صَلُبَتْ على ظَنّ المُنَاوِي
- قَنَاةٌ، آيَسَتْ مِنْ أنْ تَلِينَا
- وَلَمّا كَشّفَتْهُ الحَرْبُ أعْلَى
- لهَا لهَباً، يَهُولُ المُوقِدِينَا
- تُرِيكَ السّيفَ هَيْبَتُهُ مُذالاً،
- وَيُكنَى عَنْ حَقيقَتِها مَصُونَا
- مُثَبِّتُ نِعْمَةٍ ، ومُزِيلُ أَخْرَى
- إِذا أَمَرتْ عَوَاذِلَهُ عُصِينَا
- تَتَبّعَ فائِتَاتِ الخيرِ، حتّى
- ونُثِْري رَوَاجِعاً عَمّا طُوينَا
- يَرَى دُوَلَ الصّلاحِ بعَينِ رَاعٍ،
- يَكَادُ يُعيدُهُنّ كَمَا بُدِينَا
- متى لم يَزْكُ في العَرَبِ ارْتِيادي،
- حَطَطْتُ إلى رِباعِ الأعجَمينَا
- نُوَالي مَعْشَراً قَرُبُوا إلَيْنا
- وَنَشْرَى مِنْ تَطَوّلِ آخَرِينا
- وَقُرْبَى الأبْعَدينَ، بِما أنَالُوا،
- تََخُصُّكَ دونَ قُرْبَى الأقْرَبينَا
- بَنُو أعْمَامِنا الدّانُونَ مِنّا،
- وَوَاهِبَةُ النّوَالِ بَنُو إبِينَا
المزيد...
العصور الأدبيه