الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> عذيري فيك من لاح إذا ما >>
قصائدالبحتري
عذيري فيك من لاح إذا ما
البحتري
- عَذيري فيكِ مِنْ لاحٍ، إذا مَا
- شَكَوْتُ الحُبّ حَرّقَني مَلاَمَا
- فَلا وأبيكِ، ما ضَيّعْتُ حِلْماً،
- وَلاَ قَارَفْتُ في حُبّيكِ ذَامَا
- أُلامُ عَلَى هَوَاكِ، وَلَيْسَ عَدْلاً
- إذا أحْبَبْتُ مِثْلَكِ أنْ أُلاَمَا
- لَقَدْ حَرّمْتِ مِنْ وَصْلِي حَلالاً،
- وَقَدْ حَلّلْتِ مِنْ هَجْرِي حَرَامَا
- أعيدي فيّ نَظْرَةَ مُسْتَثيبٍ،
- تَوَخّى الأََجْرَ أوْ كَرِهَ الأثَامَا
- تَرَيْ كَبِداً مُحَرَّقَةً، وَعَيناً
- مُؤرَّقَةً، وَقَلْبَاً مُسْتَهَامَا
- تَنَاءَتْ دَارُ عَلْوَةَ، بَعْدَ قُرْبٍ،
- فَهَلْ رَكْبٌ يُبَلّغُهَا السّلاما؟
- وَجَدّدَ طَيْفُهَا لَوْماَ وَعَتْباً،
- فَمَا يَعْتَادُنا إلاّ لِمَامَا
- وَرُبّتَ لَيْلَةٍ قَدْ بِتُّ أُسْقَى
- بِعَيْنَيْها وَكَفّيْهَا المُدَامَا
- قَطَعْنَا اللّيْلَ لَثْماً واعْتِنَاقَاً،
- وأفْنَيْنَاهُ ضَمّاً والتِزَامَا
- وَقَدْ عَلِمَتْ بِأنّي لَمْ أُضَيّعْ
- لَهَا عَهْداً، وَلَم أخفِرْ ذِمَامَا
- لَئِنْ أضْحَتْ مَحَلّتُنَا عِراقَاً،
- مُشَرِّقَةً، وَحِلّتُهَا شَآمَا
- فَلَمْ أُحْدِثْ لَهَا إلاّ وَداداً،
- وَلَمْ أزْدَدْ بهَا إلاّ غَرَامَا
- خِلاَفَةُ جَعْفَرٍ عَدْلٌ، وأمْنٌ،
- وحْلمٌ لمْ يَزَلْ يَسَعُ الأنَامَا
- غَرِيبُ المَكْرُمَاتِ تَرَى لَدَيْهِ
- رِقَابَ المَالِ تُهتَضَمُ اهْتِضَامَا
- إذا وَهَبَ البُدُورَ رأيْتَ وَجْهاً،
- تَخَالُ بحُسْنِهِ البَدْرَ التّمَامَا
- غَنِيٌّ، إنْ بُفَاخَرَ، أوْ يُسَامَى،
- جَليلٌ، إنْ يُفاخَرْ أو يُسَامَى
- غَمَرْتَ النّاسَ إفضَالاً وَفَضْلاً،
- وإنْعَاماً مُبِرّاً، وَاْنتِقَامَا
- نَعُدُّ لَكَ السّقايَةَ وَالمُصَلّى،
- وأرْكَانَ البَنِيّةِ والمَقَامَا
- مَكَارِمُ قَدْ وَزَنْتَ بِهَا ثَبِيراً،
- فَلَمْ تَنْقُصْ وَطُلْتَ بها شَمَامَا
- وَمَا الخُلَفَاءُ لَوْ جَارَوْكَ يَوْماً،
- بِمُعْتَلِقِيكَ رَأياً وَاعتِزَامَا
- ألَسْتَ أعَمّهُمْ جُوداً، وأزْكَا
- هُمُ عُوداً، وأمضَاهُمْ حُسَامَا
- وَلَوْ جُمِعَ الأئِمّةُ في مَقَامٍ،
- تَكُونُ بِهِ لَكُنتَ لهمْ إمَامَا
- مُخِالِفُ أمرِكُمْ لِلهِ عَاصٍ،
- وَمُنْكِرُ حَقّكُمْ لاقٍ أثَامَا
- وَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ مَنْ لَمْ يُقَدّمْ
- وِلاَيَتَكُمْ، وإِنْ صَلّى وَصَامَا
- شَهَرْتُمْ في جَوَانِبِ كلّ ثَغْرٍ
- ظُبَاةَِ البِيضِ، والأسَلَ المُقَامَا
- وأقْدَمْتُمْ، وَفي الإقدامِ كُرْهٌ
- عَلى الغَمَرَاتِ تُقتَحَمُ اقتِحَامَا
- أمِينَ الله! دُمتَ لَنَا سَليماً،
- وَمُلّيتَ السّلامَةَ والدّوَامَا
- أرَى المُتَوَكّلِيّةَ قَدْ تَعَالَتْ
- مَحَاسِنُها، وأكمَلَتِ التّمَامَا
- قُصُورٌ كالكَوَاكِبِ، لاَمِعَاتٌ،
- يَكَدْنَ يُضِئنَ للسّارِي الظّلامَا
- وَبَرٌّ مِثلُ بُرْدِ الوَشيِ فيهِ
- جَنى الحَوْذانِ يُنشَرُ والخُزَامَى
- إذا بَرقََ الرّبيعُ لَهُ كَسَتْهُ
- غَوَادي المُزْنِ، والرّيحُ الرُّخامَى
- غَرَائِبُ مِنْ فُنُونِ النّبتِ فيها
- جَنَى الزّهْرِ الفُرَادَى والتّؤامَا
- تُضَاحِكُها الضّحَى طَوْراً، وَطَوْراً
- عَلَيْها الغَيْثُ يَنسَجِمُ انسِجَامَا
- وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلّ بهَا غَمَامٌ
- بِرَيّقِهِ، لَكُنْتَ لَهَا غَمَامَا
المزيد...
العصور الأدبيه