الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ذاك وادي الأراك فاحبس قليلا >>
قصائدالبحتري
ذاك وادي الأراك فاحبس قليلا
البحتري
- ذاكَ وَادي الأرَاكِ فاحبِسْ قليلا،
- مُقصِراً مِنْ صَبابَةٍ، أوْ مُطيلا
- قِفْ مَشوقاً، أوْ مُسعِداً، أوْ حَزِيناً
- أوْ مُعيناً، أوْ عاذِراً، أوْ عَذُولا
- إنّ بَينَ الكَثيبِ فالجِزْعِ فَال
- رَامِ رَبْعاً لآلِ هِنْدٍ مُحيلا
- أبْلَتِ الرّيحُ وَالرّوَائحُ وَالأيّا
- مُ مِنْهُ مَعَالِماً وَطُلُولا
- وَخِلافُ الجَميلِ قَوْلُكَ للذّا
- كِرِ عَهدَ الأحبابِ: صَبراً جَميلا
- لا تَلُمْهُ على مُواصَلَةِ الدّمْـ
- ـعِ، فَلُؤمٌ لَوْمُ الخَليلِ الخَليلا
- علَّ ماءَ الدّموعِ يُخمدُ نَاراً
- مِنْ جوَى الحبّ، أوْ يَبُلّ غليلا
- وَبُكَاءُ الدّيَارِ مِمّا يَرُدُّ الـ
- شّوْقَ ذِكرْاً وَالحبَّ نِضْواً ضَئيلا
- لمْ يَكُنْ يَوْمُنَا طَوِيلاً بنُعما
- نٍ، وَلكِنْ كان البُكاءُ طَوِيلا
- قَدْ وَجَدْنَا مُحَمّدَ بنَ عَليٍّ
- غايَةَ المَجْدِ، قائِلاً وَفَعُولا
- وَلَقينَا شَمائِلاً تَنثُرُ المِسْـ
- ـكَ سَحيقاً، كما لَقينا الشَّمُولا
- وَرَأيْنَا سِيمَا ندىً وَسَمَاحٍ،
- لمْ نُرِدْ، بَعدَها، عَلَيْهِ دَليلا
- أشْعَرِيٌّ، حَبَاهُ عيسى بنُ موسى
- شَرَفاً، بَاتَ للسّماكِ رَسيلا
- وَجوَادٌ لَوْ أَنَّ عافِيهِ رَامُوا
- بُخْلَهُ لَمْ يَرَوْا إِليْهِ سَبِيلاَ
- خَلّفَ الفَوْتَِ للجِيَادِ، وَألْقَى
- في مَدَى المَجدِ غُرّةً وَحُجولا
- بَلَغَ المَكْرُماتِ طُولاً وَعَرْضاً،
- وَتَنَاهَتْ إلَيْهِ عَرْضاً وَطُولا
- وَبَنُو الأشْعَرِ الذي مَلأ الأرْ
- ضَ رِجَالاً، وَنَجدَةً وَخُيولا
- شَوْكَةٌ ما أصَابَتِ الدّهر، إلاّ
- تَرَكَتْ في الغِرَارِ مِنْهُ فُلُولا
- رَادَةُ المجَمْدِ، أوّلاً وأخيراً،
- وأُولو المَجْدِ وَاحِداً وَقَبيلا
- وَنُجُومٌ، إذا تَوَقّدْنَ في الخَطْ
- ـبِ حُبّاً يُرْضُونَ فيه الرّسُولا
- فَكَأنّ الأُصُولَ كانَتْ فُرُوعاً،
- وَكَأنّ الفُرُوعَ كانَتْ أُصُولا
- ومُحِبُّونَ لِلرَّسُولِ وأَهْلِ البَيْتِ
- حُبًّا يُرْضُونَ فيهِ الرَّسُولا
- سَلَبُوا البِيضَ بَزَّهَا فَأَقامُوا
- بِظُبَاهَا التَّأْوياَ والتَّنْزِيلاَ
- تحسِبُ الشِّيبَ في الوَقيعَةِ شُبّا
- ناً إذا صَافَح الصّقيلُ الصّقيلا
- فإذا حَارَبُوا أذَلّوا عَزِيزاً،
- وإذا سَالَمُوا أعَزّوا ذَليلا
- وإذا عِزَّ مَعْشَرِ زَالَ يَوْماً،
- مَنَعَ السّيفُ عزَّهمْ أنْ يَزُولا
- يَا أبَا جَعْفَرٍ لَقَدْ راحَ إفْضَا
- لُكَ خَطْباً على الكِرَام، جَليلا
- ردَّ معرُوفُكَ الكَثيرَ قَليلاً،
- وَأرَى جُودُكَ الجَوَادَ بَخِيلا
- لا أظُنُّ البُخّالَ يُوفُونَك الشّكـ
- ـرَ، وَلَوْ كانَ بُكرَةً وَأصِيلا
- جَعَلَتْهُمْ مِنْ غَيرِمْ دُفَعٌ مِنْـ
- ـكَ أفادَتْ حَمداً وَأعطَتْ جَزيلا
- كَمْ لجَدْوَاكَ مِنْ مَقامٍ لَعَمْرِي،
- كانَ، من رَيّقِ السّحابِ، بَديلا
- عندَ وَجْهٍ طَلْقٍ، إذا مَا تَبَدّى
- لحُزُونِ الخُطوبِ عادَتْ سُهُولا
- يَئِسْ الحَاسِدونَ مِنْكَ، وَكانوا
- أسَفاً يَنظُرُونَ نَحوَكَ حُولا
- وَرأوْا أنّهُمْ إذا وَصَلُوا تِلْـ
- ـكَ المَساعي بالفِكرِ ذابوا نحُولا
- فَثَنَوْا عَنْكَ أعْيُناً وَقُلُوباً،
- لمْ يَرُدّوا إلاّ حَسيراً كليلا
- وَكَفاني على الذي يُوجَدُ الفَضْـ
- ـلُ لَدَيْهِ بالحَاسِدينَ دَلِيلا
المزيد...
العصور الأدبيه