الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> خيال يعتريني في المنام >>
قصائدالبحتري
خيال يعتريني في المنام
البحتري
- خَيَالٌ يَعْتَرِيني في المَنَامِ،
- لسَكْرَى اللّحْظِ، فاتِنَةِ القَوَامِ
- لعَلْوَةَ، إنّها شَجَنٌ لنَفْسِي،
- وَبَلْبَالٌ لقَلْبي المُسْتَهَامِ
- إذا سَفَرَتْ رَأيتُ الظَّرْفَ بحتاً،
- وَنَارَ الحُسنِ ساطِعَةَ الضِّرَامِ
- تَظُنُّ البرْقَ مُعتَرِضاً، إذا مَا
- جَلا، عَن ثَغرِها، حُسنَ ابتسامِ
- كَنَوْرِ الأُقحُوَانِ جَلاهُ طَلٌّ،
- وَسِمْطِ الدُّرّ فُصّلَ في النّظامِ
- سَلامُ الله، كُلَّ صَباحِ يَوْمٍ،
- عَلَيكِ، وَمَنْ يُبلّع لي سَلامي
- لَقَدْ غادَرْتِ في قَلبي سَقَاماً،
- بِما في مُقلَتَيكِ منَ السّقامِ
- وَذَكّرَنيكِ حُسْنُ الوَرْدِ، لمّا
- أتَى، وَلَذيذُ مَشرُوبِ المُدامِ
- لَئِنْ قَلّ التّواصُلُ، أوْ تَمادى
- بِنا الهِجرَانُ عاماً، بَعدَ عَامِ
- فكَمْ مِنْ نَظرَةٍ لي مِنْ قَرِيبٍ
- إليكِ، وَزَوْرَةٍ لكِ في المَنَامِ
- أأتّخِذُ العِرَاقَ هَوًى، وَداراً،
- وَمَنْ أهْوَاهُ في أرْضِ الشّآمِ
- فَلَوْلا غُرّةُ المَلِكِ المُرَجّى،
- لآثَرْتُ المَسيرَ عَلى المَقَامِ
- وَكَيفَ يَسيرُ مُرْتَبِطٌ بنُعْمَى،
- تَوَلّتْهُ مِنَ المَلِكِ الهُمَامِ
- وَجَدْنا دَوْلَةَ المُعتَزّ أدْنَى
- إلى الحُسنَى، وَأشْبَهَ بالدَّوامِ
- هُوَ الرّاعي، وَنحنُ لَهُ سَوَامٌ،
- وَلمْ أََرَ مِثْلَهُ رَاعي سَوَامِ
- تُبينُ خِلالَهُ، كَرَماً وَفَضْلاً،
- فيَشرُفُ في الفَعَالِ، وَفي الكَلامِ
- يُضَاهي جُودُهُ نُوْءََ الثّرَيّا،
- وَيَحْكي وَجْهُهُ بَدْرَ التّمامِ
- أمِينَ الله! عِشْتَ لَنا مََلِيّاً،
- بِجَمْعٍ للمَحَاسِنِ وَانتِظامِ
- ضَمِنتَ رَدى عدوّكَ، وَالمَوَالي
- تُدافعُ، دونَ مُلكِكَ، أوْ تحامي
- يَحُفُّ خَليفَةَ الرّحمَنِ مِنهُمْ
- ذَوُو الآرَاءِ، وَالهِمَمِ العِظامِ
- أُسُودٌ أُطْعِمَتْ ظَفَراً، فعادتْ
- بقَسْمٍ للأعادي، وَاهتِضَامِ
- كُمَاةٌ مِنْ كُهُولٍ، أوْ شَبابٍ،
- وَفَوْضَى مِن قُعودٍ، أوْ قِيَامِ
- أمامَ مَحاذِرِ السّطَواتِ يَأوِي
- إلى رَأيٍ أصِيلٍ، وَاعتِزَامِ
- إذا استَعرَضْتَهُ بخَفيّ لَحْظٍ،
- رَضِيتَ مَهَزّةَ السّيفِ الحُسامِ
- غَفُورٌ بَعدَ مَقدِرَةٍ، إذا مَا
- تَرَجّحَ بَينَ عَفْوٍ وَانْتِقَامِ
- فلَيسَ رِضَاهُ مَمنُوعَ النّوَاحي؛
- وَلا إفْضَالُهُ صَعْبَ المَرَامِ
- أبُوهُ البَحْرُ سَاحَ لَنَا نَداهُ،
- فَفَاضَ، وَأُمُّهُ مَاءُ الغَمَامِ
- سقَتْ هَلكى الحَجيجِ، وَأطعمتهمْ،
- وَأحيَتْ ساكني البَلَدِ الحَرَامِ
- وَرَدّتْ مِنْ نُفُوسِهِمِ إلَيهِمْ،
- وَقَد أشفَوْا على تَلَفِ الحِمامِ
- فقَد رَجَعَتْ وُفودُ الأرْضِ تُثني
- بذاكَ الطَّوْلِ، وَالمِنَنِ الجِسَامِ
- لَئِنْ شَكَرَ الأنامُ لَقَدْ أُغيثُوا
- هُنَاكَ بِفَضْلِ سَيّدَةِ الأنَامِ
- إذا كَفِلَ الإِمَامُ لَهُمْ بنُعْمَى،
- تَوَلّتْ مِثْلَهَا أُمُّ الإمَامِ
- وَلمْ تَرَ مِثْلَ إسماعيلَ عَيْني،
- وَعَبدِ الله ذي الشّيَمِ الكِرَامِ
- أشَدَّ تَقَرّباً مِنْ كلّ حَمْدٍ،
- وَأبْعَدَ مَنْزِلاً مِنْ كُلّ ذامِ
- تَقُولُ: الفَرْقَدانِ، إذا أضَاءَا،
- فإنْ وُزِنَا تَقُولُ: ابْنَا شَمامِ
- هُمَا قَمَرَانِ هَمّا أنّ يَتِمّا
- لنَفْيِ الظُّلْمِ، أجمَعَ، وَالظّلامِ
- وَسَيْلا وَادِيَينِ، إذا استُفيضَا
- حَمِدْتَ تَدَفُّقَ الغَيْمِ الرُّكامِ
- أتَمَّ الله نُعْماكُمْ، فَإنّي
- رَأيْتُكُمُ النّهَايَةَ في التَّمامِ
المزيد...
العصور الأدبيه